كشف محققو النيابة العامة في ألمانيا أمس، أن التونسي «سيف الدين هـ.»، المتهم بالتحضير لعمل إرهابي باستخدام مادة «الريسين»، أنتج 84 غراماً من هذا السم الخالص. وكان قسم الحرب البيولوجية في معهد روبرت الكوخ أشار إلى أن غراماً واحداً من هذه المادة يكفي لقتل شخص بالغ.
وبعد الحديث رسمياً في ألمانيا عن إحباط عملية إرهابية باستخدام سلاح بيولوجي حضر لها التونسي (29 سنة) باستخدام «الريسين»، حذر النائب العام الاتحادي بيتر فرانك من هجمات للإرهابيين باستخدام الأسلحة البيولوجية.
ووصف فرانك الإرهابيين بأنهم «مبدعون جداً»، ودعا إلى التخلص من فكرة أنهم «ينفذون عمليات إرهابية ذات نمط أحادي». وأضاف أنهم يحاولون ألا يكونوا نمطيين ويعملون على تجربة مختلف السيناريوهات، ومن بينها استخدام الأسلحة البيولوجية.
وأكد النائب العام الاتحادي في مقابلة مع القناة الأولى في التلفزيون الألماني أن السلطات الأمنية تترقب عمليات إرهابية باستخدام مختلف الأنواع والأساليب. وأضاف أن النيابة العامة تفكر في هذه الاحتمالات، وأن السلطات الأمنية تفكر بالطريقة ذاتها أيضاً.
يذكر أن الشرطة الألمانية لا تستبعد استخدام إرهابيين طائرات «درون» (من دون طيار) لاستهداف تجمعات جماهيرية باستخدام أسلحة بيولوجية. وأشارت الشرطة إلى مقاطع من فيلم فيديو عثر عليه في مناطق تم تحريرها في الموصل (العراق)، تكشف عن طائرات «درون» كبيرة، قادرة على حمل قنابل ثقيلة، كانت في حوزة «داعش».
وقال ناطق باسم شرطة الجنايات الاتحادية بأنه لا يستبعد استخدام الإرهابيين طائرات صغيرة من دون طيار في هجمات هدفها بث الاضطراب بين الناس أو تقصي المعلومات أو حتى في هجمات بالقنابل داخل الملاعب.
أتى ذلك بعد تقارير عن دور الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في تبليغ السلطات الألمانية عن شراء المتهم «سيف الدين هـ». بذور الخروع التي تستخدم في إنتاج «الريسين» عبر الإنترنت. وقال فرانك بأن البلاغات الأولى عن تطرف التونسي أتت من مواطنين ألمان. وأدت هذه التبليغات إلى وضع المتهم التونسي تحت رقابة دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة) منذ عام 2017.
وكان «سيف الدين» على علاقة وثيقة بأوساط الإسلاميين المتطرفين في ألمانيا، وعلى اتصال ببعض منهم. وأكد فرانك أن المتهم التونسي لا ينتمي إلى «داعش»، إلا أنه حاول مرتين من ألمانيا الالتحاق بالتنظيم الإرهابي في سوريا والعراق وفشل.
وأشار فرانك إلى أن «سيف الدين» حصل على تعليمات حول صناعة قنبلة من «الريسين» من تنظيم «داعش» عبر الإنترنت. وكان رئيس شرطة الجنايات الاتحادية هولغر مونش أشار في هذا الصدد إلى «تنظيمات إرهابية» من دون أن يحدد أحدها بالاسم.
وذكر هانز - جورج ماسن، رئيس دائرة حماية الدستور، أن الشبهات التي أثارها المواطنون حول شخصية «سيف الدين» عززت شكوك الشرطة حول خطورته. وأضاف أن هذه التبليغات أدت إلى وضع التونسي تحت الرقابة منذ خريف 2017.
وأشاد ماسن بتعاون الأجهزة الأمنية على المستويين الداخلي والخارجي، الذي أدى إلى اعتقال الشاب التونسي. وقال بأن دائرته صنفت المتهم في قائمة «الخطرين» منذ بدئه بشراء حبوب الخروع بكميات كبيرة على الإنترنت في مطلع 2018.
ووصف ناطق باسم دائرة حماية الدستور خطط «سيف الدين» الإرهابية بـ«سيناريو رعب». وأكد لصحيفة «اكسبريس» الواسعة الانتشار أن عدد بذور الخروع التي صودرت في شقة المتهم بلغ 3150. وكانت مصادر النيابة العامة تحدثت قبل 10 أيام، أي في يوم اعتقال التونسي، عن 1000 بذرة فقط.
وعثر رجال التحقيق على 84.3 ملغرام من سم «الريسين» نجح الشاب في إنتاجها في الشقة التي يسكنها في حي كورفايلر في مدينة كولون. وصادرت الشرطة 250 كرة معدنية صغيرة تستخدم عادة في القنابل لزيادة قدرتها على إلحاق الأذى، و950 غراماً من مادة متفجرة وكمية كبيرة من «الأسيتون» المزيل لطلاء الأظافر والذي يستخدم أيضا في المتفجرات.
وأعرب غونار يرمياس، خبير الأسلحة البيولوجية في جامعة كولون، عن اعتقاده بأن التأثير النفسي والإعلامي لقنبلة «الريسين» المتفجرة أكثر فاعلية من القنبلة نفسها. وقال يرمياس بأن الخبراء في السموم يعرفون أن السم يفقد الكثير من تأثيره عند تعرضه لحرارة الانفجار.
ولذا فإن سم «الريسين» يبلغ ذروة خطورته عندما يستخدم كمسحوق داخل الرسائل والرزم والأغذية والمعلبات والمرطبات. وتكفي كمية ضئيلة من «الريسين» لقتل كثيرين وفي وسع الكمية التي طلبها «سيف الدين» عبر الإنترنت لتحويل 1000 علبة صغيرة إلى قنابل سامة. إلا أنه لا تتوافر إلى الآن معطيات عن الطريقة التي كان ينوي التونسي تنفيذ عمليته الإجرامية.
وكانت وحدات مكافحة الإرهاب، تعززها وحدات مكافحة الحروب النووية والبيولوجية والكيماوية، ووحدات الإسعاف والحريق، اعتقلت «سيف الدين» وزوجته الألمانية قبل عشرة أيام في حي كورفايلر الكولوني. ووجهت النيابة العامة إليه تهمة خرق قانون حيازة الأسلحة والتحضير لعمل يهدد أمن الدولة.
وأطلق سراح زوجة «سيف الدين» في ذات يوم اعتقالها وكانت حاملاً في الشهر الأخير.
ووضعت المرأة، التي اعتنقت الإسلام مؤخراً، طفلاً بعد يومين من اعتقال زوجها. وقال مصدر في شركة «غاغ» الحكومية لبناء المساكن، بأن الشركة ألغت عقد إيجار التونسي في الحال، وأن المرأة ستنتقل لتسكن مع ابن بالغ لها يعيش في العاصمة برلين.
ألمانيا تتخوف من هجمات «بيولوجية» لإرهابيين «مبدعين»
بعد العثور على كميات من «الريسين» لدى التحقيق مع متهم تونسي
ألمانيا تتخوف من هجمات «بيولوجية» لإرهابيين «مبدعين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة