ترحيب أوروبي وأفريقي بدعوة إثيوبيا لفتح صفحة جديدة مع إريتريا

أبيي يخاطب أفورقي تلفزيونياً في لفتة نادرة

ترحيب أوروبي وأفريقي بدعوة إثيوبيا لفتح صفحة جديدة مع إريتريا
TT

ترحيب أوروبي وأفريقي بدعوة إثيوبيا لفتح صفحة جديدة مع إريتريا

ترحيب أوروبي وأفريقي بدعوة إثيوبيا لفتح صفحة جديدة مع إريتريا

رحب الاتحادان الأوروبي والأفريقي أمس، بالتطورات الإيجابية التي طرأت على العلاقات بين إريتريا وإثيوبيا. بينما دعت وزارة الخارجية الإثيوبية إلى فتح «فصل جديد» مع خصمها اللدود إريتريا. وفي تطور لافت للانتباه خاطب رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، الرئيس الإريتري آسياس أفورقي تلفزيونيا في تصريح مقتضب، عبر خلاله عن الرغبة في تطوير العلاقات بين الطرفين بعد طول عداء. واعتبرت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان مقتضب لها، أن قرار الرئيس الإريتري بقبول عرض السلام الإثيوبي، يمثل «خطوة إيجابية» وأشادت بخططه لإرسال وفد إريتري لإثيوبيا لإجراء محادثات سلام.
إلى ذلك، رحب موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بالتطورات الإيجابية التي حدثت مؤخرا في العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا. وأشاد بإعلان إثيوبيا مطلع هذا الشهر عن التزامها بالتطبيق الكامل لاتفاقية الجزائر للسلام المبرمة في ديسمبر (كانون الأول) عام 2000 وكذلك قرار رئيس إريتريا أول من أمس بإرسال وفد إلى أديس أبابا للتعاون بشكل بناء مع إثيوبيا.
وأشاد بزعيمي البلدين بسبب هذه الخطوات الجريئة والمشجعة، وقال إنه يشجعهما أيضا على الحفاظ على هذا المسار من أجل فتح صفحة جديدة من التعاون وعلاقات حسن الجوار بينهما، قبل أن يؤكد أن السلام الدائم بين البلدين سيكون له تأثير إيجابي هائل على السلام والأمن والتنمية والاندماج في منطقة القرن الأفريقي والقارة كلها، مضيفا: «سيمثل هذا أيضا إسهاما بارزا بهدف إنهاء جميع الصراعات والحروب في القارة بحلول عام 2020 كما تعهد بذلك رؤساء الدول والحكومات الأفريقيين في مايو (أيار) 2013».
وأكد استعداد الاتحاد الأفريقي لمساعدة الدولتين العضوين، بأي طريقة يعتبرها ﻣﻨﺎﺳـﺒة لﻣﻮاﺟﻬـﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳـﺎت اﻟﺮاﻫﻨـﺔ وجميع الخطوات المطلوبة من اﻟﺘﻄﺒﻴـﻊ اﻟﻜـﺎﻣﻞ للعلاقات بينهما.
من جانبه، وصف الاتحاد الأوروبي على لسان ممثلته للشؤون الخارجية فيديريكا موغيريني، الإعلانات المتبادلة بين إثيوبيا وإريتريا، بأنها خطوات حاسمة صوب إنهاء الخلافات القديمة بين البلدين، لافتا إلى أن تسوية قضية الحدود بين إثيوبيا وإريتريا سوف تفيد الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي. وتماشيا مع بيان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، قالت موغيريني إن الاتحاد الأوروبي يقف على أهبة الاستعداد - كشاهد على اتفاق سلام الجزائر - لمساعدة إثيوبيا وإريتريا على طريقهما نحو المصالحة.
وكان الرئيس الإريتري قد أعلن في سابقة هي الأولى من نوعها عبر التلفزيون الرسمي أن حكومته سوف ترسل وفدا إلى إثيوبيا لإنهاء عقدين أليمين من الصراع الحدودي. وكسر أفورقي بذلك أسبوعين من الصمت الإريتري إزاء عرض إثيوبيا الخاص بتنفيذ قرارات اتفاقية السلام التي أنهت عامين من الحرب المريرة من 1998 حتى 2000. بشكل غير مشروط. وتقدر خسائر هذه الحرب بنحو 70 ألف قتيل من الجانبين. وفي الخامس من هذا الشهر، أعلنت اللجنة التنفيذية للائتلاف الحاكم في أديس أبابا أنها متمسكة بتنفيذ غير مشروط لاتفاق الجزائر للسلام في عام 2000 مع إريتريا. وأنهى اتفاق السلام عامين من الحرب الحدودية، لكن مواجهة مسلحة متوترة استمرت حيث نشبت مناوشات بين البلدين بين حين وآخر.
ورفضت إثيوبيا حتى هذا الشهر الموافقة على نتائج اتفاقية السلام على نحو كامل، ومن بين ذلك تخلي إثيوبيا عن السيطرة على بلدة بادمي ذات الأهمية الرمزية التي تسيطر عليها في الوقت الراهن، والتي تعد من حق إريتريا وفق الاتفاقية، بينما أصرت إريتريا على ترسيم الحدود أولا قبل أي محادثات حول تطبيع العلاقات. وخاضت الدولتان الجارتان في شرق أفريقيا حربا حدودية في الفترة ما بين 1998 و2000 قبل توقيع اتفاقية الجزائر قبل نحو 18 عاما.



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.