مشاريع قوانين تمنع تصوير اعتداءات الجنود وتسلب حق مقاضاتهم

تهدف إلى منح الجنود الإسرائيليين حرية كاملة في القمع والقتل والتدمير

TT

مشاريع قوانين تمنع تصوير اعتداءات الجنود وتسلب حق مقاضاتهم

بعد ساعات من قرار الهيئة العامة للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، المصادقة بالقراءة التمهيدية، على مشروع قانون يحظر توثيق ممارسات الجنود خلال أداء المهام العسكرية، خرج وزير الأمن الداخلي، غلعاد أردان، ووزيرة القضاء، أييلت شكيد، بمشروع قانون آخر يقضي بسلب الفلسطينيين حق تقديم شكاوى في القضاء ضد الجنود المعتدين.
وقد طرح أردان وشكيد مشروعهما بغرض منح رجال الشرطة وحرس الحدود حماية من أي دعاوى أضرار يقدمها المقدسيون الفلسطينيون من حملة الهوية الإسرائيلية. وجاءت المبادرة لمشروع القانون، في أعقاب رفع عشر دعاوى قدمها فلسطينيون من القدس الشرقية المحتلة ضد حكومة إسرائيل، وذلك لتضررهم وممتلكاتهم من عمليات عناصر «حرس الحدود» خلال مظاهرات أو محاولة تنفيذ عملية، رغم أنه لا علاقة بذلك.
وأفادت مصادر مقربة من أردان، بأنه يريد منح رجال الشرطة الحماية التي تسري اليوم على الجنود في الجيش الإسرائيلي.
وكان الائتلاف الحاكم في إسرائيل قد نجح، مساء الأربعاء، في تمرير مشروع قانون بالقراءة الأولى، بأغلبية 45 عضو كنيست ومعارضة 42 عضواً (من أصل 120)، ينص على «منع تصوير الجنود، ومعاقبة من يصورهم وينشر الصور، بالسجن لخمس سنوات، إذا أدى ذلك إلى المس بروح الجنود القتالية، والسجن 10 سنوات إذا كان الهدف من التصوير ونشر الصور هو المس بأمن الدولة». وإضافة إلى منع التصوير والتوثيق، يشمل القانون منعاً لنشر وتعميم ممارسات جيش الاحتلال في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي.
ويأتي مشروع القانون عقب ردود فعل غاضبة محليا ودوليا، أثارها تسجيل مصور نشر في شهر أبريل (نيسان) الماضي، يرصد جنودا إسرائيليين على إحدى التلال المحيطة بقطاع غزة، وهم يقنصون متظاهرين فلسطينيين، ويهللون فرحا بعد إصابة أحد الأطفال الغزيين، بالإضافة إلى توثيق الكثير من الممارسات الإجرامية، منها قتل وتنكيل واستهداف الفلسطينيين من قبل جنود الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة. ولكن التحضير للقانون، بدأ في شهر مارس (آذار) في سنة 2016. عندما وثقت كاميرا فيديو أحد النشطاء الفلسطينيين في حركات حقوق الإنسان، جريمة القتل التي ارتكبها الجندي إليئور أزاريا، عندما أعدم الشاب الفلسطيني عبد الفتاح الشريف، ابن مدينة الخليل، وهو طريح أرضا وينزف دما. وقد أثار هذا التوثيق غضبا وجدلا كبيرين بشأن سلوك جنود الاحتلال تجاه الفلسطينيين.
وقد تصدى نواب المعارضة بشكل عام لهذا النوع من القوانين، لما سيسببه من فوضى عارمة وسوء سمعة لإسرائيل في الغرب. وبرزت معارضة «القائمة المشتركة» له بشكل خاص. وقال رئيس كتلة القائمة، النائب د. جمال زحالقة، إنها «محاولة مفضوحة للتغطية على جرائم الجيش الإسرائيلي وتسهيل ارتكابها في العتمة بعيداً عن الكاميرات الإعلامية». وأضاف زحالقة أنّ اقتراح القانون «لا يمس بحريّة التعبير وحريّة العمل الصحافي وحسب، بل يهدف أساساً لمنع أي توثيق لجرائم الاحتلال، ولمنح الجيش حرية كاملة في القمع والقتل والتدمير بعيداً عن أي إمكانية للتغطية الإعلامية. ويسري هذا القانون على الإعلام الفلسطيني والإعلام الأجنبي بالإضافة إلى الإعلام الإسرائيلي».
يذكر أن الائتلاف الحكومي واللجنة الوزارية لشؤون التشريع دعما القانون، رغم معارضة المستشار القضائي للحكومة، أفيحاي مندلبليت، بكونه يثير مشاكل دستورية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.