وجّه قائد «الحرس الثوري» الإيراني محمد علي جعفري، أمس، انتقادات إلى ما وصفه بـ«بطء تمدد الثورة» في الخارج، بموازاة انتقادات لتراجع «التفكير الثوري» في المجال الإداري الإيراني، وانحصاره في المجالين الأمني والعسكري، وذلك أثناء تأكيده على رفض أي مفاوضات حول تطوير الصواريخ الباليستية ودعم طهران حلفاءها الإقليميين. فيما أعلن أمس في طهران عن تشكيل لجنة لمواجهة «الحرب النفسية والدعائية الأميركية».
وقال جعفري خلال خطاب بمؤتمر أساتذة الجامعات المؤيدين لـ«الثورة» إن «انتصارات شعوب العراق ولبنان وسوريا حدثت نتيجة التبعية للثورة الإيرانية».
خطاب قائد «الحرس» أكد اتهامات موجهة لإيران حول مساعي تصدير «الثورة»، خصوصا عندما انتقل خطابه إلى ما يحدث من أزمات إقليمية تحت تأثير «التوسع» الإيراني. وقال في هذا الصدد إن «كل هذه العزة والقوة وتمدد الثورة في المنطقة والعالم، حدث في مرحلة (تثبيت النظام)» عادّاً أن ما حدث في العراق ولبنان وسوريا «إنجاز كبير» لإيران.
خلال حديثه عن دور طهران الإقليمي، دفع قائد «الحرس الثوري» باتجاه تجاهل التطورات الميدانية اليمنية باعتباره الميليشيات الحوثية الطرف «المنتصر» في معارك الحديدة.
تصريحات قائد «الحرس الثوري» جاءت غداة مكالمة هاتفية بين الرئيس الإيراني حسن روحاني وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني. روحاني الذي أبدى قلقه من تراجع الحوثيين، قال إن «المسار العسكري محكوم بالفشل»، لافتا إلى أن طهران تريد «الحل السياسي في اليمن».
في تباين مع موقف روحاني، قال جعفري إن بلاده «قريبة من النصر في اليمن»، قبل أن يتوقف تحديدا عند معارك الحديدة حيث تكبدت الميليشيات الموالية لإيران خسائر كبيرة. واقتصر تعليقه على أمنيته بـ«قرب هزيمة التحالف العربي والغربي» من دون أن يتوقف عند تفاصيل التطورات.
على صعيد المفاوضات المرتقبة بين طهران والدول الأوروبية، جدد جعفري رفض أي محاولات للتفاوض حول برنامج إيران الصاروخي أو دعم حلفاء طهران الإقليميين، مضيفا أن مفاوضات الاتفاق النووي «كانت استثناء بناء على مصالح بإذن من القائد».
توقيت تذكير جعفري بمواقف سابقة يسبق مغادرة طائرة الرئيس الإيراني إلى فيينا وجنيف بعد أيام قليلة، لبحث تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في 8 مايو (أيار) الماضي، ويأتي في سياق مفاوضات تجريها وزارة الخارجية الإيرانية والمنظمة الإيرانية للطاقة الذرية خلال الأيام القليلة الماضية.
وأوضح جعفري أن «الهدف من الضغوط الأميركية إضعاف القدرات الصاروخية الإيرانية»، مشيرا إلى أن بلاده «تملك الترسانة الصاروخية الأولى في المنطقة؛ وفقا لمراكز أبحاث أميركية». وقال جعفري إن قواته تملك إمكانات زيادة مدى الصواريخ، إلا أنه أضاف: «في الوقت الحالي، سياستنا ليست زيادة مدى الصواريخ»، مشيرا إلى «امتلاك إيران صواريخ يبلغ مداها ألفي كيلومتر، وهو ما يجعل أهدافا استراتيجية في متناول يد إيران» وفقا لما نقلت عنه وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».
في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، حذر نائب قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي، أوروبا من توجه «الحرس الثوري» إلى زيادة مدى صواريخه لأكثر من ألفي كيلومتر إذا هددت طهران. وقال: «حتى الآن نشعر أن أوروبا لا تمثل تهديدا، ولذلك لم نزد مدى صواريخنا. ولكن إذا كانت أوروبا تريد أن تتحول إلى تهديد، فسنزيد مدى صواريخنا».
وهذه ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها جعفري عن مدى الصواريخ؛ ففي أكتوبر (تشرين الأول) 2017 قال إن مدى الصواريخ الإيرانية الذي يبلغ ألفي كيلومتر يمكن أن يغطي «معظم المصالح والقوات الأميركية» في المنطقة؛ و«من ثم، فإيران لا تحتاج لزيادته». وأضاف جعفري حينذاك أن «مدى الصواريخ الباليستية الإيرانية يقوم على أساس المدى الذي حدده القائد العام للقوات المسلحة الإيرانية المرشد علي خامنئي».
وتفاخر جعفري بتنامي دور إيران الإقليمي وقدرات الصواريخ، كان مدخل النقاش حول ما يواجه النظام الإيراني من «مشكلات داخلية». في هذا الشأن، صرح جعفري بأن «المشكلات الاقتصادية وسوء الإدارة الداخلية، فضلا عن عداء أعداء الثورة، تحول إلى مشكلة كبيرة تتطلب عزما راسخا للحل».
جعفري حذر من تأثير ذلك على أهداف النظام الإيراني في المرحلتين «الثالثة والرابعة» من «الثورة» الإيرانية، على حد تعبيره. وهو إشارة إلى تصريحات سابقة وردت على لسانه حول تقسيم آيديولوجية النظام الإيراني إلى 4 مراحل، تتكون من إعلان «الثورة»، و«تثبيت الثورة»، إلى «تصدير الثورة»، قبل إعلان المرحلة الرابعة وهي «إعلان الدولة الإسلامية» بمحورية إيران.
ومقابل حديثه عن تمدد الثورة في الخارج، أبدى جعفري استياءه من أوضاع «الثورة» في داخل إيران، وقال إن «اليوم؛ عدا المجال الدفاعي والأمني، لا يوجد تفكير ثوري في أي مجال من إدارة البلد».
ودافع جعفري عن دور قواته في الداخل الإيراني، رافضا حصر نشاط تلك القوات بالدور العسكري، وقال إن «البعض يخطئ عندما يعدّون (الحرس الثوري) جهازا عسكريا. إنه لم يكن منذ البداية جهازا عسكريا، لكن وجد هوية عسكرية بعد نهاية الحرب بتدبير من المرشد، واليوم دوره ثقافي واجتماعي وعسكري».
واشتكي جعفري من «بطء» الحركة في المرحلة الثالثة. وعدّ المشكلة الأساسية التي تواجه المرحلتين الثالثة والرابعة «أسلوب الإدارة التنفيذية والمبادئ الفكرية وخلافات المسؤولين»، واستند في تصريحاته إلى الخلافات بين الرئيس الإيراني الأسبق أبو الحسن بني صدر والمرشد الأول الخميني حول حرب الخليج الأولى مع العراق.
وشدد جعفري على ضرورة أن تكون الإدارة الإيرانية «محلية»، مشيرا إلى أن شرط تحقيق ذلك هو أخذ «إسلامية النظام» بعين الاعتبار.
ويعد روحاني أكثر رئيس إيراني واجه تحذيرات من مواجهة مصير بني صدر الذي أقيل من منصبه بأوامر من الخميني في 1980. في يناير (كانون الثاني) 2017 وقبل شهور من الانتخابات الرئاسية، خرجت الخلافات بين روحاني وخامنئي إلى العلن بعدما وجه الأخير تحذيرا ضمنيا من تكرار سيناريو أبو الحسن بني صدر.
قائد «الحرس» الإيراني يرفض التفاوض حول «الصواريخ» و«دعم الحلفاء الإقليميين»
انتقد بطء «تصدير الثورة» وتفاخر بتمددها في سوريا والعراق ولبنان
قائد «الحرس» الإيراني يرفض التفاوض حول «الصواريخ» و«دعم الحلفاء الإقليميين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة