تقرير مرتقب لمجلس الأمن يهاجم إسرائيل بسبب العنف في غزة

TT

تقرير مرتقب لمجلس الأمن يهاجم إسرائيل بسبب العنف في غزة

تستعد إسرائيل لتقرير «قاس»، يفترض أن ينشره الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بسبب الأحداث الأخيرة على حدود قطاع غزة، ويصب فيه نار غضبه على وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، متهما إياه بإطلاق تصريحات تحريضية ضد المتظاهرين.
وقالت مصادر إسرائيلية إن دبلوماسيين إسرائيليين وأميركيين يعملون منذ فترة طويلة على محاربة التقرير ونشره، وتقليل حدة الانتقادات الموجهة لإسرائيل.
ويحذر تقرير غوتيريش، الذي أعد بتكليف من مجلس الأمن والذي يركز على العنف عند حدود غزة، بأن غزة باتت على حافة حرب أخرى مع إسرائيل، كما ينتقد في ذات الوقت «حماس» لتشجيعها المظاهرات العنيفة عند السياج الحدودي، التي قتلت فيها إسرائيل منذ انطلاق مسيرات العودة، نهاية مارس (آذار) الماضي، 130 فلسطينيا وجرحت أكثر من 6000.
وجاء في تقرير غوتيريش المرتقب أنه «لدى إسرائيل مسؤولية ممارسة فائق الانضباط في استخدام النيران الحية، وعدم استخدام القوة القاتلة إلا كحل أخير ضد تهديد وشيك يهدد الحياة، أو بالإصابة الخطيرة. على إسرائيل حماية مواطنيها، ولكن عليها القيام بذلك مع احترام القانون الإنساني الدولي. فقتل الأطفال، بالإضافة إلى الصحافيين والطواقم الطبية، أمر غير مقبول أبدا».
وكانت إسرائيل قد بررت استخدام القوة بأنها موجهة ضد أعضاء في حركة حماس وفصائل أخرى، لكن الفلسطينيين اتهموها بقتل متظاهرين سلميين. فيما انتقد تقرير غوتيريش التبريرات الإسرائيلية.
ويقول التقرير «قام مسؤولون إسرائيليون أيضا بتصريحات استفزازية وتحريضية. وخلال مقابلة مع إحدى الإذاعات، أكد وزير إسرائيلي رفيع بشكل كاذب أن جميع الفلسطينيين في غزة مرتبطون بحماس، ولهذا هم أهداف شرعيون. وهذا يشير إلى سياسة إسرائيلية متسامحة تجاه استخدام النيران الحية ضد المتظاهرين، وساهمت في المأساة التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة».
كما انتقد غوتيريش أيضا حركة حماس، التي قال إنها «حرضت وشجعت على أوضاع متفجرة جدا، ساهمت في النشاطات العنيفة عند السياج وهددت بتصعيد خطير».
وعلاوة على ذلك، انتقد غوتيريش أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس لحجبه أجور الموظفين في قطاع غزة. وكتب أنه قلق جدا من الأزمة الاقتصادية مع نقص الكهرباء، ومياه الشرب والغذاء في القطاع.
وتم توزيع ملف غوتيريش على الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن الدولي بعد ضغط فرنسا على الأمين العام لنشر نتائجه.
وأكد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم الأمم المتحدة، لجريدة «تايمز أوف إسرائيل» على أن «تقرير غوتيريش سوف يقدم إلى مجلس الأمن هذا الأسبوع»، لكن دون أن يخوض في أي تفاصيل حوله.
في غضون ذلك اتهم وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، بالتحيز ضد إسرائيل، منددا بأنها الدولة الوحيدة التي تدور مناقشات بشأنها تلقائيا عند كل دورة يعقدها.
وقال جونسون عند افتتاح الدورة الـ38 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف «إننا نشاطر الرأي بأن النقطة 7 الخاصة بإسرائيل والأراضي الفلسطينية غير متناسبة ومضرة لقضية السلام».
واحتجت الولايات المتحدة مرارا على إبقاء هذه النقطة مطروحة من ضمن النقاط العشر، التي يبحثها المجلس في كل من دوراته، علما بأن الدولة العبرية هي الوحيدة التي تواجه هذه المعاملة الخاصة.
وقال جونسون «إذا لم تتبدل الأمور، فإننا سنصوت العام المقبل ضد كل القرارات، التي ستطرح بشأن النقطة السابعة من جدول الأعمال»، موضحا أن «هذا لا يعني أن المملكة المتحدة، وأنا نفسي، لا ندرك قيمة هذا المجلس، بما في ذلك العمل الذي يمكنه إنجازه بشأن النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني».
وتجري عملية إصلاح داخل المجلس. لكن رئيسه السلوفيني فويسلاف سوك أوضح لوسائل الإعلام أن هذه المناقشات تهدف إلى «ترشيد عملنا وزيادة فاعليته».
من جهتها، هددت الولايات المتحدة مرارا بالخروج من مجلس حقوق الإنسان ما لم يتم شطب المادة 7 المتعلقة بإسرائيل من جدول أعماله، فيما يخشى الكثيرون أن تكون واشنطن قررت فعلا الانسحاب. كما تطالب الولايات المتحدة باعتماد الغالبية البسيطة، وليس غالبية الثلثين في التصويت على طرد الدول الأعضاء التي ترتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، وبتعزيز آلية اختيار الدول الأعضاء الـ47 الذين يتم التصويت عليهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».