قال رئيس دائرة حماية الدستور الألمانية، هانز - جورج ماسن، إن اعتقال رجل تونسي هذا الأسبوع يشتبه في قيامه بتصنيع أسلحة بيولوجية، ربما أحبط عملية إرهابية. واعتُقل الرجل، ويدعى «سيف الله ه»، (29 سنة) في مدينة كولون، غربي البلاد، بعد أن عُثر على مادة الريسين السامة في شقته بعد عملية بحث جرت ليل الثلاثاء الماضي. فيما قامت الشرطة، صباح أمس (الجمعة)، بتفتيش عدد من المنازل الخاوية في نفس المبنى السكني الذي كان يقطن فيه التونسي. وشارك في الحملة بجانب الشرطة ومكتب الشرطة الجنائية خبراء من معهد «روبرت كوخ» الألماني للأبحاث الطبية والتحاليل. وارتدى العديد من الأفراد المشاركين في الحملة ملابس واقية. وقامت السلطات بتفتيش المنازل الخاوية للتحقق مما إذا كانت كميات أخرى من مادة الريسين أو مواد أخرى تحوي الريسين مخزنة هناك.
وكان لدى المشتبه به ما يكفي من المواد في شقته لإنتاج ما بين 250 و1000 جرعة شديدة السمية من مادة الريسين، وفقاً للمصادر الألمانية. وأيّد ذلك هيربرت رويل، وزير داخلية ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، الذي يقال إن خطر تنفيذ عملية إرهابية باستخدام سلاح بيولوجي كان «عالياً نسبياً». وذكر الوزير، أمس، في دسلدورف، عاصمة ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، أنه لا يملك دليلاً حتى الآن على ذلك، لكن المؤشرات كافة تؤكد أن التونسي كان يتحرك بوحي من «داعش» لتنفيذ عملية إرهابية. ونفى الوزير علمه بوجود شركاء للتونسي في عمليته داخل المبنى الذي يسكنه أو خارجه.
وقال غيرهارد فرتز، خبير السموم في جامعة كولون، لصحيفة «إكسبريس» إن كمية ضئيلة من الريسين تكفي لقتل كثيرين. وأشار إلى أن الكمية التي طلبها «سيف الدين ه»، على الإنترنت تكفي لتحويل 1000 علبة صغيرة إلى قنابل سامة.
والريسين هو بروتين شديد السمية، يُستخرج من بذور نبات الخروع، والجرعة السامة المتوسطة للإنسان تقدر بـ0.2 مغم (1 من 5000 من الغرام)، ويعد أكثر سمية من سم الكوبرا بمرتين. يقلل السم من إنتاج البروتين بالجسم وله مدى سام واسع بالجسم ولا سيما على جهاز المناعة. ولا يوجد لهذا السم ترياق، مما يجعله سماً شديد التأثير.
وتعتمد أعراضه الأولية على طريقة التعرض له ومن بينها الحمى واضطراب معويّ ومعديّ وسعال. كما أن استنشاقه عن طريق الجهاز التنفسي وامتصاصه عن طريق الرئة يسبب تلفاً للكلية واستسقاء الماء بها نتيجة التعرض لبيروسول الريسين واستنشاق رذاذه. كما أن تناوله بالجهاز الهضمي يسبب تهيجاً به ولا سيما المعدة والأمعاء ويصاب الضحية بإسهال دموي وقيء. وله تأثير علي الجهاز العصبي المركزي حيث يسبب نوبات عصبية وهبوطاً. إلى ذلك، داهمت وحدات مكافحة الإرهاب، بينها وحدة الكشف عن الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية، 10 شقق في المبنى الذي يسكنه التونسي «سيف الدين ه»، المتهم بالإرهاب في حي كورفايلر في كولون.
وذكر متحدث باسم النيابة العامة الاتحادية، أمس، أن الشكوك حول تحضير التونسي (29 سنة) لعملية إرهابية، ربما باستخدام سلاح بيولوجي، تعززت من خلال التحقيق مع المتهم الذي يعيش في ألمانيا منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016. وقال المتحدث إن المتهم «كان على الأغلب يخطط لتنفيذ عملية إرهابية باستخدام سلاح بيولوجي».
وقال المتحدث إنه اتضح لرجال الشرطة في مجرى التحقيق أن المشتبه فيه يحمل مفتاحاً «عاماً» يفتح 10 شقق أخرى في المبنى السكني المؤلف من 19 طابقاً في شارع أوسلو. ويبدو أن التونسي حصل على المفتاح بطريقة ما قبل فترة بسبب عطب في المجاري في منزله. إذ منحته إدارة الشركة المفتاح كي ينتقل مع عائلته إلى شقة أخرى داخل نفس المبنى ريثما يتم تصليح المجاري في شقته. وشنت وحدات الشرطة والإسعاف ومكافحة الإرهاب حملة مداهماتها في الصباح الباكر أمس، وتم عزل الشقق التي يمتلك «سيف الدين ه»، مفتاحها وعملت الشرطة على قطع الطرق المؤدية إلى المبنى، كما وجّهت بقية السكان بالتزام بيوتهم وعدم المغادرة.
وكانت فرقة من الكلاب المدربة أول من وصل إلى المبنى العالي في حي كورفايلر الذي تسكنه نسبة عالية من المهاجرين. كما بدأ رجال وحدة مكافحة الأسلحة النووية والبيولوجية والكيماوية، من معهد «روبرت كوخ»، عملهم في الحال وهم يرتدون البدلات الواقية والأقنعة المضادة للسموم. شمل التفتيش بعض الشقق الفارغة في البناية، وتوقع المتحدث باسم النيابة العامة أن تستمر حملة التفتيش طوال عطلة نهاية الأسبوع. ولم يجد مصدر في معهد «روبرت كوخ» لزوماً لفحص سكان البناية طبياً للتأكد من عدم تعرضهم للتسمم.ولم تتحدث السلطات الأمنية عن أسباب التفتيش، إلا أن الحملة الكبيرة التي شارك فيها العشرات من رجال الشرطة ربما تؤكد التكهنات حول اختفاء بعض بذور الخروع التي استخدمها «سيف الدين ه»، لإنتاج سم الريسين في شقته.
وكانت النيابة العامة الاتحادية قد تحدثت، الأربعاء الماضي، عن أمر اعتقال صدر عن المحكمة الاتحادية بحق تونسي بعد ضبط مادة الريسين شديدة السمية في مسكنه.
وأوضح المتحدث أن المسألة تتعلق بمادة تحتوي على الريسين، مشيراً إلى أن هناك اشتباهاً قوياً في مخالفة صاحب المسكن لقانون الرقابة على الأسلحة الحربية. وأضاف أن الادعاء يحقق أيضاً في اشتباه مبدئي بأن الرجل كان يحضّر لجريمة عنف خطيرة تهدد أمن الدولة، لكنه لفت إلى أنه ليس هناك اشتباه قوي في هذا الجانب.
فضلاً عن ذلك، نقلت أكثر من صحيفة ألمانية، عن مصادر أمنية، أن التونسي المتهم ابتاع 1000 حبة خروع على الإنترنت، إلا أن الشرطة صادرت من 150 إلى 250 فقط وجدتها داخل الشقة عند مداهمتها مساء الثلاثاء الماضي.
وذكرت صحيفة «إكسبريس» أن المتهم بدأ بشراء بذور الخروع على الإنترنت منذ أشهر، وأنه بدأ بإنتاج سم الريسين منها منذ مطلع يونيو (حزيران) الجاري. ونقلت الجيردة عن مصدر في النيابة العامة أن الشرطة صادرت بالفعل كمية من سم الريسين التي أنتجها «سيف الدين ه»، من بذور الخروع.