الأسد: نحتاج إلى إيران و«حزب الله» لفترة طويلة

اغتيال 12 عضواً من «لجان المصالحة» في درعا

TT

الأسد: نحتاج إلى إيران و«حزب الله» لفترة طويلة

قال الرئيس بشار الأسد إن الحاجة إلى إيران و«حزب الله» ستستمر لفترة طويلة، ملوحاً بعمل عسكري جنوب سوريا، في وقت أقدم فيه مسلحون مجهولون بمحافظة درعا في جنوب سوريا أمس على اغتيال عضو لجنة مصالحة محلية تنشط في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة، في حادثة هي الثانية عشرة من نوعها خلال 3 أسابيع، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وتأتي عملية الاغتيال هذه في وقت تتولى فيه روسيا إجراء محادثات مع أطراف إقليمية ودولية عدة بهدف تحديد مستقبل الجنوب السوري، وتجنيبه هجوماً عسكرياً أعلنت دمشق عزمها القيام به في حال فشل التوصل إلى حل سلمي.
وذكر «المرصد» أن «مسلحين مجهولين اغتالوا فجر الخميس طبيباً عضواً في لجان المصالحة في درعا عبر إطلاق النار عليه في بلدة الحارة الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الريف الشمالي الغربي».
وتأسست لجان المصالحة في درعا منذ أكثر من عام. وتضم، وفق ما أوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، نحو 70 عضواً من وجهاء محليين وشخصيات تتمتع بنفوذ في مناطق سيطرة الفصائل.
وفعّلت لجان المصالحة نشاطها في الشهرين الأخيرين على وقع المحادثات الدولية بشأن مصير المنطقة، وفق عبد الرحمن الذي أشار إلى أن اغتيال الطبيب حصل «بعد تلقيه تهديدات الأسبوع الماضي على خلفية جهود بذلها للتوصل إلى مصالحة مع قوات النظام».
وأحصى «المرصد» منذ مايو (أيار) الماضي «مقتل 11 عضواً من لجان المصالحة عبر إطلاق مسلحين مجهولين النار عليهم». ورجح عبد الرحمن أن يكون ذلك مرتبطاً «بتواصلهم مع قوات النظام من أجل تسهيل التوصل إلى مصالحة».
الى ذلك، قال الأسد لقناة «العالم» الإيرانية: «نعطي المجال للعملية السياسية، إن لم تنجح، فلا خيار سوى التحرير بالقوة». وتبدو الفصائل المعارضة التي يعمل معظمها تحت مظلة النفوذ الأميركي - الأردني بعيدة عن مضمون المحادثات، مع تأكيد قياديين فيها رفض أي «مصالحة» مع النظام.
وغالباً ما تقضي المصالحات التي ترعاها روسيا بإخراج مقاتلي المعارضة مع أفراد من عائلاتهم إلى مناطق الشمال السوري مقابل دخول قوات النظام، على غرار ما جرى أخيراً في الغوطة الشرقية قرب دمشق.
ويتحدث محللون عن توافق إقليمي ودولي نادر على استعادة النظام هذه المنطقة الاستراتيجية. وقال الأسد في مقابلة نشرتها الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بالكامل: «نعطي المجال للعملية السياسية؛ إن لم تنجح، فلا خيار سوى التحرير بالقوة». وكرر الأسد تعهده باستعادة «كل شبر» من سوريا. ومنذ العام الماضي تسبب اتفاق «خفض التصعيد» الذي توسطت فيه روسيا والولايات المتحدة والأردن في احتواء العنف هناك. وعبرت واشنطن عن قلقها بشأن تقارير عن هجوم عسكري وشيك، محذرة من «إجراءات صارمة ومتناسبة» ردا على أي انتهاك لوقف إطلاق النار.
وقال الأسد في المقابلة إن إيران ليست لديها قواعد عسكرية في سوريا، خلافا لروسيا. لكنه قال إنه إذا كانت «هناك حاجة لوجود قواعد عسكرية إيرانية، فلن نتردد». وأضاف أن القوات السورية تلقى دعما من مقاتلين من العراق وإيران ولبنان. وعندما سئل عما إذا كانت جماعة «حزب الله» اللبنانية الشيعية ستغادر سوريا، قال الأسد إنها ستظل إلى أن «يعتقد الحزب أو إيران أو (غيرهم) بأن الإرهاب قضي عليه». وتابع قائلا: «(حزب الله) عنصر أساسي في هذه الحرب، فالمعركة طويلة، والحاجة لهذه القوى العسكرية ستستمر لفترة طويلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.