الجيش الليبي يقصف مواقع متطرفين هاربين في سرت

TT

الجيش الليبي يقصف مواقع متطرفين هاربين في سرت

سعت قوات الجيش الوطني الليبي، التي تسابق الزمن لتحرير مدينة درنة، آخر معاقل المتطرفين، إلى نزع استخدام ورقة «أوضاع المدنيين في المدينة والنازحين منها» من يد منظمات حقوق الإنسان الدولية، وذلك عبر تسيير قافلة إغاثة إلى سكان المدينة، وتزامن ذلك مع شن طائرات تابعة للجيش غارات جوية للمرة الأولى على مواقع لمتطرفين في مدينة سرت، التي توجد فيها قوات تابعة لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج.
وأكد الجيش الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أن قواته حققت أمس مزيدا من التقدم في درنة، المدينة الوحيدة في شرق ليبيا الخارجة عن سيطرتها، وقال بيان مقتضب لشعبة الإعلام إن قوات الجيش تمكنت من السيطرة على منطقتي القروض، وشعبية إسكندر في شيحا الشرقية بالكامل، موضحا أنها بدأت على الفور عمليات تطهيرها من فلول المتطرفين.
وقالت شعبة الإعلام في رسالة طمأنة للشعب الليبي: «قواتكم المسلحة الباسلة تسطر ملاحم البطولة والشرف في ساحات الوغى، حيث الإرهابيون في درنة يولون الدبر».
ويشن الجيش الليبي منذ الشهر الماضي هجوما متواصلا لتحرير درنة، حيث تواصلت المواجهات المتقطعة في المدينة الساحلية، التي تبعد بنحو أكثر من ألف كلم شرق طرابلس، ويسيطر عليها إرهابيون منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011. وقد أعلن الصليب الأحمر في ليبيا أمس أنه أوصل مساعدة إنسانية إلى ستة آلاف شخص في حي باب طبرق (غرب درنة)، لافتا إلى أن آلافا آخرين فروا من المدينة ولجأوا إلى محيطها.
إلى ذلك، أعلن العقيد طيار الشريف العوامي، آمر غرفة عمليات القوات الجوية بالمنطقة الوسطى، أن طائرات حربية تابعة للجيش قصفت مواقع للمتطرفين جنوب مدينة سرت، التي توجد فيها أيضا قوات تابعة لحكومة السراج.
ونقل أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، عن العوامي، قوله إنه «بعد رصد ومتابعة عصابات تنظيم القاعدة الإرهابي، المكونة من إرهابيين فارين من بنغازي، ومرتزقة أجانب من أفريقيا، وتحديد مواقعهم، قامت مقاتلات سلاح الجو الليبي بشن ثلاث غارات على مواقعهم على بعد 50 كيلومترا جنوب مدينة سرت... وقد كانت الإصابات مباشرة وعادت طائراتنا إلى قواعدها سالمة».

من جهة ثانية، أعلن فريديريك
ديسانيو، المبعوث الخاص الفرنسي إلى ليبيا، أن زيارته إلى الجزائر تندرج في إطار مواصلة «التشاور الوثيق القائم على الثقة» بين البلدين حول الملف الليبي. وقال عقب لقائه مع وزير الدولة الجزائري للشؤون الخارجية عبد القادر مساهل: «أردت القدوم إلى الجزائر في أقرب وقت من أجل مواصلة التشاور الوثيق، القائم على الثقة بين الجزائر وفرنسا حول الملف الليبي».
وبعدما رأى ديسانيو أن الاجتماع الذي استضافته باريس الشهر الماضي للفرقاء الليبيين أدى إلى نتائج إيجابية جدا، لفت إلى ضرورة أن يتم تجسيد هذه النتائج على الأرض، مؤكدا أن «هذا هو رهان العمل الدبلوماسي والسياسي الذي يبقى القيام به مع الفاعلين السياسيين الرئيسيين ومجمل الشركاء الدوليين المعنيين بالأزمة الليبيين». وقال بهذا الخصوص: «الأمر يتعلق بمسار سيستمر لأننا بحاجة إلى كثير من العمل من أجل تنفيذ الالتزامات التي اتخذت في باريس».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».