مشروع «بريكست» أمام النواب البريطانيين مجدداً

تيريزا ماي أمام امتحان صعب قد يضعف زعامتها داخل حزبها

رئيسة الوزراء تيريزا ماي تنوي توحيد الصف لتقوية يدها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال القمة الأوروبية المزمع عقدها نهاية الشهر الحالي (رويترز)
رئيسة الوزراء تيريزا ماي تنوي توحيد الصف لتقوية يدها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال القمة الأوروبية المزمع عقدها نهاية الشهر الحالي (رويترز)
TT

مشروع «بريكست» أمام النواب البريطانيين مجدداً

رئيسة الوزراء تيريزا ماي تنوي توحيد الصف لتقوية يدها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال القمة الأوروبية المزمع عقدها نهاية الشهر الحالي (رويترز)
رئيسة الوزراء تيريزا ماي تنوي توحيد الصف لتقوية يدها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال القمة الأوروبية المزمع عقدها نهاية الشهر الحالي (رويترز)

انطلاقا من الغالبية الضئيلة التي تتمتع بها في مجلسي النواب واللوردات، وفي مواجهة المترددين داخل حزبها المحافظ، استدعت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي جميع نواب حزبها وذكرتهم بوجوب توحيد موقفهم وتجنب أي ازدواجية. وتنوي ماي توحيد الصف لتقوية يدها في المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي خلال القمة الأوروبية المزمع عقدها نهاية الشهر الحالي بخصوص خروج بريطانيا الشائك من التكتل الأوروبي. هزيمتها اليوم في التصويت في مجلس العموم تضعف موقعها داخل الحزب وقد تؤدي إلى منافسة على الزعامة وإمكانية بروز شخصيات متشددة تجاه الاتحاد الأوروبي، وهذا ما لا ترغب فيه ماي أو بعض المؤيدين للخروج. وعلق نائب محافظ مؤيد لأوروبا لم يشأ كشف هويته قائلا لوكالة الأنباء الألمانية: «موقف رئيسة الوزراء محفوف بالأخطار. قد يرى الناس أنها تعاني ما يكفي من المشكلات في حال كهذه».
وهناك أكثر من 12 عضوا داخل حزب المحافظين الحاكم ممن يرغبون بالتصويت مع المعارضة من أجل الوصول إلى «بريكست» أقل شدة.
وخاطبت ماي أعضاء حزبها قائلة إن «الرسالة التي نوجهها إلى البلاد هذا الأسبوع عبر تصويتنا مهمة»، مضيفة: «علينا أن نظهر بوضوح أننا موحدون بصفتنا حزبا في عزمنا على تنفيذ القرار الذي اتخذه الشعب البريطاني». وأشارت أيضا إلى المفاوضات القائمة مع بروكسل، قائلة: «أحاول التفاوض للحصول على أفضل اتفاق للمملكة المتحدة. ولكن إذا بقيت تعديلات (مجلس) اللوردات، فإن ذلك سينسف موقفنا في المفاوضات».
في هذا السياق، وجه وزير الخارجية بوريس جونسون المؤيد لخروج من الاتحاد الأوروبي من دون تنازلات، انتقادا ضمنيا الأسبوع الماضي إلى تيريزا ماي. وقال في لقاء خاص: «إذا لم تكن لديكم الشجاعة لتبني سياسة مستقلة، فلن تحصلوا أبدا على منافع (بريكست) الاقتصادية والسياسية». وسرعان ما تم تسريب تصريحاته للصحافة. وجونسون أحد الشخصيات التي قد تنافس ماي على زعامة الحزب.
وبدأ النواب البريطانيون أمس النظر مجددا في مشروع قانون «بريكست». والنص الذي يحمل اسم «قانون (الانسحاب من) الاتحاد الأوروبي» من شأنه أن يضع حدا لتقدم القانون الأوروبي على القانون البريطاني مع تنظيم عملية تغيير بعض القواعد الأوروبية.
وكان النواب أقروا صيغة أولى في يناير (كانون الثاني) الماضي، وعليهم أن يتخذوا قرارا حول سلسلة تعديلات أدخلت خلال مناقشة المشروع في مجلس اللوردات، تتنافى والمشروع الحكومي ومن مصلحة ماي أن يتم إلغاؤها.
ويبدو موقف الحكومة ضعيفا إزاء تعديلين؛ الأول يمنح البرلمان سلطة إعادة الحكومة إلى طاولة المفاوضات إذا ارتأى أن الاتفاق مع بروكسل غير ملائم. ويتناول الثاني بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الجمركي الذي يبحث اليوم الأربعاء. ومن بين أبرز التعديلات الأخرى التي ستتم مناقشتها المطالبة بالحفاظ على المعايير البيئية الأوروبية أو إلغاء تاريخ الخروج من الاتحاد الأوروبي المحدد في 29 مارس (آذار) 2019 من نص المشروع.
وأبدى جيكوب ريس موغ، أحد النواب المحافظين البارزين المؤيدين لـ«بريكست»، ثقته بالانضباط الذي سيلتزم به حزبه. وقال لإذاعة «إل بي سي»: «سيكون هناك موقف موحد. لن يكون الأمر مثاليا، لكنه سيكون كافيا لتمرير النص وتعزيز موقف تيريزا ماي». وأعلنت النائبة المحافظة المؤيدة لأوروبا ساره وولاتسون، أول من أمس، أنها تريد «مزيدا من التنازلات» من جانب الحكومة بشأن التعديل المتعلق بالاتحاد الجمركي. وهي واحدة من 12 نائبا محافظا ساهموا في عدم تمرير تعديل سابق لحكومة الأقلية بقيادة ماي على مشروع القانون في مجلس النواب. وقالت لهيئة الإذاعة البريطانية إنها يمكن أن تعارض مجددا تعديلا لدعم «التصويت المهم» في البرلمان حول الاتفاق النهائي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
كما استقال وزير دولة أمس من الحكومة، قائلا إنه يرغب في أن يكون حرا لكي «أتحدث حول كيفية إتمام (بريكست) حاليا». وقال وزير العدل الدكتور فيليب لي في بيان: «السبب الرئيسي وراء اتخاذي هذا القرار الآن هو عملية (بريكست) ورغبة الحكومة في الحد من دور البرلمان في المساهمة في النتيجة النهائية». وأضاف: «إذا كنت أريد أن أنظر في عين أبنائي، في المستقبل، وأقول إنني بذلت كل ما بوسعي من أجلهم، فإنني لا يمكن، بكل ضمير خالص، أن أؤيد ما يبدو أن خروج بلادنا من الاتحاد الأوروبي سوف يتم وفقا له».
ووجه نائب بريطاني مؤيد للاتحاد الأوروبي، يطالب بإجراء تغييرات على التشريع الرئيسي الذي طرحته ماي، انتقادات لـ«التهديدات» من جانب وسائل الإعلام اليمينية. وكتب شوكا أومونا، وهو عضو بحزب العمال مؤيد للاتحاد الأوروبي، في تغريدة: «هؤلاء الأشخاص يعتقدون أنه يمكنهم إرهاب وتهديد أعضاء البرلمان». وأضاف: «هذه التهديدات التي يعدها البرلمان أكبر قضية تواجهنا منذ الحرب العالمية الثانية، حقيقية وتمثل خطورة على ديمقراطيتنا. نحن في عام 2018 وليس في الثلاثينات».
وكانت صحيفة الـ«صن»، إحدى أشهر الصحف الشعبية في بريطانيا، قد كتبت في صفحتها الأولى أن النواب يواجهون خيارا ما بين «بريطانيا العظمى والخيانة العظمى». وأضافت الصحيفة: «النواب المحافظون يمكن أن يدمروا رئيسة وزرائهم اليوم وحكومتهم والخروج من الاتحاد الأوروبي الذي صوت لصالحه 17.4 مليون مواطن» في إشارة إلى تصويت 52 في المائة لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء أجري في يونيو (حزيران) 2016. وكتب نيك تيموثي، المستشار السابق لماي، في صحيفة الـ«صن» أن هناك «حملة قوية من أجل وقف الخروج من الاتحاد». وأضاف: «يجب عدم خيانة إرادة الأشخاص الذين صوتوا لصالحنا من أجل الخروج من الاتحاد الأوروبي».



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.