تسيير دوريات أميركية - تركية قرب منبج «قريباً»

حرق منازل وحقول على يد «الوحدات الكردية» والنظام في تل رفعت

TT

تسيير دوريات أميركية - تركية قرب منبج «قريباً»

أعلنت تركيا أنها ستسير دوريات عسكرية مشتركة مع القوات الأميركية في مدينة منبج في شمال سوريا، في إطار خطوات تنفيذ خريطة الطريق التي أقرها وزيرا الخارجية التركي والأميركي مولود جاويش أوغلو ومايك بومبيو، خلال اجتماعهما في واشنطن الاثنين الماضي.
وقال وزير الدفاع التركي نور الدين جانيكلي، إن الجيشين التركي والأميركي سينظمان معاً دوريات لقوات مشتركة في مدينة منبج، مؤكداً أن خريطة الطريق الخاصة بالمدينة ستطبق في أقرب وقت. وأشار جانيكلي، في تصريحات أعقبت اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (ناتو) في بروكسل، ليل أول من أمس نقلتها وسائل الإعلام التركية أمس، إلى أنه أجرى لقاءات ومباحثات ثنائية عدة في مقر «ناتو» على هامش الاجتماع، أحدها مع نظيره الأميركي جيمس ماتيس، حيث بحثا العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وذكر أن اللقاء مع ماتيس كان مهماً للغاية وبنّاءً ومفصلاً وإيجابياً، خصوصاً فيما يتعلق بخريطة الطريق التركية - الأميركية بشأن مدينة منبج، لافتاً إلى أن الجانب الأميركي تقبّل إلى حد كبير ما كانت تركيا تصر عليه بشأن ارتباط «وحدات حماية الشعب» الكردية بحزب العمال الكردستاني (المحظور)، وتحكمها في تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد).
وأضاف أنه نتيجة لذلك ظهرت خريطة الطريق الخاصة بمدينة منبج، ولن يكون هناك أي تأخير أو مماطلة في تنفيذها وفقاً لما هو مخطط له، و«قد أكدوا ذلك لنا بشكل صريح خلال اللقاء، وهذا مهم بالنسبة إلينا». وتابع: «لم يلتزم الجانب الأميركي ببعض التعهدات التي قدمها سابقاً بشأن منبج، ونأمل أن يلتزم بالتعهدات الجديدة في إطار التفاهمات التي تم التوصل إليها بين البلدين». وأكد أن النجاح في منبج سيساهم في إحلال السلام والاستقرار وإبعاد «العناصر الإرهابية» من المنطقة.
كان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أعلن الثلاثاء الماضي عقب عودته من واشنطن أن خريطة الطريق بشأن منبج سيبدأ تنفيذها خلال 10 أيام، وأن تطبيقها بالكامل سيستغرق 6 أشهر، وتتضمن إخراج عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية من المدينة، ونزع أسلحتهم، معرباً عن أمله في أن يتم تطبيقها بعد ذلك في مناطق أخرى خاضعة لسيطرة «الوحدات الكردية» في شرق الفرات.
في سياق متصل، كشفت تقارير صحافية تركية عن إضرام عناصر من «الوحدات الكردية» النار في منازل وحقول بعض المدنيين الذين قامت بتهجيرهم قسراً من مدينة تل رفعت شمال محافظة حلب السورية والقرى المحيطة بها. وقالت وكالة أنباء «الأناضول» التركية، نقلاً عن مصادر محلية خاصة، أمس، إن «الوحدات الكردية» أضرمت النار في منازل مدنيين في المدينة وقريتي منغ وعين دقنة، كما أشعلت النار في مخابز وحقول للقمح والشعير في تل رفعت والقرى المحيطة بها.
وأضافت المصادر أن قوات النظام السوري وميليشيات موالية لإيران شاركت في عمليات إضرام النار، بعدما قدمت من بلدتي نبل والزهرا في الريف الغربي لمحافظة حلب.
ونقلت الوكالة عن بشير عليطو رئيس المكتب السياسي للمجلس العسكري في تل رفعت، الذي يواصل أعماله من أعزاز الواقعة ضمن مناطق «درع الفرات» شمال حلب، «رأينا تصاعد أعمدة الدخان من تل رفعت ومحيطها».
وتطرق عليطو إلى المحادثات التي جرت بين تركيا وروسيا بشأن تطهير تل رفعت من عناصر «الوحدات الكردية»، قائلاً: «إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن تل رفعت، حينها سيتعين على التنظيم الإرهابي والميليشيات الإيرانية الانسحاب، لذا فهم يحرقون المنازل لإلحاق الأذى بالناس الذين سيعودون إليها».
وتسيطر «وحدات حماية الشعب» الكردية على تل رفعت والقرى المحيطة بها منذ 2016، وأقدمت على تهجير أهالي المدينة والقرى المحيطة بها إلى أعزاز المجاورة لها.
على صعيد آخر، أعلنت إدارة الإسكان الجماعي التركية الانتهاء من بناء جدار أمني على طول الحدود التركية مع سوريا، الممتدة لمسافة 911 كيلومتراً.
وقال مدير المؤسسة أرغون توران في تصريح أمس، إنه تم الانتهاء مؤخراً من بناء القسم الأخير من الجدار بطول 564 كيلومتراً، وإن طول الجدار الإجمالي بلغ 711 كيلومتراً، وسيقف عند هذا الحد لتبقى أجزاء من الحدود دون جدار، وأخرى يشكل فيها نهر العاصي حدوداً طبيعياً بين البلدين.
وأضاف أن الإدارة شارفت على الانتهاء من تشييد جدار أمني آخر على حدود البلاد مع إيران بطول 144 كيلومتراً، ومن المتوقع أن يستكمل بناء الجدار مع إيران في ربيع 2019.
وتستهدف تركيا من بناء الجدارين حماية الحدود التركية من عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية وتسلل الإرهابيين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».