أوناي إيمري... خير خلف لخير سلف

المدير الفني الإسباني يملك كل المقومات التي تؤهله لتحقيق النجاح في آرسنال

إيمري اعتبر خلافة فينغر تمثل تحدياً
إيمري اعتبر خلافة فينغر تمثل تحدياً
TT

أوناي إيمري... خير خلف لخير سلف

إيمري اعتبر خلافة فينغر تمثل تحدياً
إيمري اعتبر خلافة فينغر تمثل تحدياً

تعاقد نادي آرسنال مع مدير فني يعرف جيدا كيف يحقق الفوز، ومن السهل أن تدرك ذلك منذ اللحظة الأولى التي تقابل فيها المدير الفني الجديد للمدفعجية، أوناي إيمري، الذي لا يتوقف عن التفكير في كيفية تحقيق الفوز، وهو ما يظهر جليا من عدد البطولات والألقاب التي حصل عليها خلال مسيرته التدريبية حتى الآن. وحتى في نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، الذي كان يتوقع المزيد من إيمري في بطولة دوري أبطال أوروبا، أثبت المدير الفني الإسباني أنه يعرف كيف يفوز.
ويتحلى إيمري بصفة رائعة للغاية تتمثل في قدرته على تحفيز لاعبيه بطريقة استثنائية، ومساعدتهم على تقديم أفضل ما لديهم داخل المستطيل الأخضر، فضلا عن براعته في الاستعداد للمباريات، والحديث بشكل مكثف مع لاعبيه. أتذكر عندما كنت ألعب في إشبيلية أنه كان يعقد لقاءات طويلة مع لاعبي الفريق، وكان يعرض خلالها مقاطع فيديو توضح الجوانب التكتيكية المختلفة، ثم مقاطع أخرى محفزة للاعبين. لقد كان يريد أن يشعل النار بداخلنا، إن جاز التعبير. وفي أكثر من مناسبة بقينا لساعات طويلة في غرفة نشاهد مقاطع فيديو تحفيزية، ولذا كنا نبدأ المباريات ونحن متعطشون للغاية لتحقيق الفوز.
والأكثر من ذلك، كان إيمري يستعين بجهاز معاون رفيع المستوى، فمساعدوه معدون ببراعة ويدرسون كل مباراة بشكل جيد. ويمكن التأكيد على أن إيمري ومساعديه يهتمون بأدق التفاصيل ولا يتركون أي شيء للصدفة. إنهم يعيشون كرة القدم في حقيقة الأمر.
ومن وجهة نظر خططية وتكتيكية، يمكن القول بأن إيمري ينتمي للمدرسة الإيطالية أكثر من انتمائه للمدرسة الإسبانية، فخلال التدريبات يركز إيمري كثيرا على الجوانب الدفاعية وكيف تواجه الخصم. ومن الواضح أنه ليست لديه الأولويات التكتيكية نفسها التي لدينا في إيطاليا؛ لكنه يعمل بشكل خاص على الجوانب الدفاعية، وبشكل أكبر مما يركز عليه كثير من المدربين الإسبان الآخرين.
وكشخص، يمتلك إيمري شخصية جادة للغاية، بينما يخوض فريقه المباريات، ويطلب من لاعبيه الالتزام التام والتركيز الشديد. ومن ناحية أخرى، فإنه من إقليم الباسك، وهو ما يعني أنه ليس مثل الإسبان العاديين، فهو شخص مرح ويضحك مع الآخرين عندما يكون الوقت مناسبا للقيام بذلك. وقد حقق نجاحا مذهلا مع نادي إشبيلية، وقاده للحصول على لقب الدوري الأوروبي ثلاث مرات متتالية. ويمتلك إيمري كثيرا من الصفات الرائعة، من أهمها علاقته الممتازة بجميع اللاعبين؛ لأنه يتحدث كثيرا مع اللاعبين على المستوى الشخصي، كما أن مساعديه قادرون على أن يجعلوا اللاعبين يلعبون بشكل جماعي، وكوحدة واحدة داخل الملعب.
وذات مرة، وبينما كانت مباريات الدوري متوقفة بسبب الأجندة الدولية للمنتخبات، نظم قائد الفريق آنذاك، خوسيه أنطونيو رييس، مسابقة للتنس بين اللاعبين. وفي اللحظة الأخيرة وصل إيمري مع مساعديه للعب معنا، وكانت هذه لحظة خاصة بالنسبة لنا. ويمكن القول بأن مثل هذه اللحظات هي التي تقوي العلاقة بين اللاعبين والمدير الفني. وهناك شيء في نادي إشبيلية لم أشاهده في أي مكان آخر خلال مسيرتي الرياضية بالكامل، وهو وجود طاولة واحدة لكل لاعبي الفريق والمدير الفني والعاملين بالكامل، لكي يتناولوا الطعام سويا. عادة ما يأكل المدير الفني ومساعدوه على طاولة منفصلة ولا يجلس اللاعبون معهم أبدا. وخلال السنوات الطويلة التي قضيتها في كرة القدم، لم أر قط شيئا كهذا.
لقد تعرضت لإصابة خطيرة أثرت بشكل كبير على مستواي ومشاركتي طوال الموسم، لكن إيمري كان دائم التواصل معي، وكان يستمع إلي جيدا. وكانت هناك لحظة معينة عندما لعبنا في نهائي الدوري الأوروبي أمام ليفربول جعلتني أشعر بسعادة غامرة، حيث عرض مقطع فيديو تحفيزيا للاعبين في غرفة خلع الملابس قبل المباراة، وعرض هذا المقطع لقطات من مشوار نادي إشبيلية في الموسم السابق. وقد اختار إيمري في هذا الفيديو لقطات لي وأنا أتعرض للإصابة، ثم لقطات أخرى وأنا في مرحلة التعافي والاستشفاء. لقد كانت هذه طريقة رائعة لإظهار أنني جزء من الفريق، وهو ما جعلني أدرك أن إيمري يعرف جيدا كيف يعتني بجميع اللاعبين. لقد تأثرت كثيرا بهذه اللفتة الرائعة.
ولم يكن من قبيل الصدفة أن يصبح إيمري معشوقا للجماهير. وفي إشبيلية، كانت هناك علاقة رائعة بينه وبين جمهور النادي. والآن، يواجه المدير الفني الإسباني تحديا كبيرا في آرسنال. من المؤكد أن كرة القدم الإنجليزية فريدة من نوعها، وسيتعين على إيمري فهم هذا الواقع الجديد بسرعة، لكن الخبرات الكبيرة التي يمتلكها بالفعل من العمل بالخارج سوف تساعده كثيرا.
أنا متأكد من أنه يمتلك كل المقومات والمهارات التي تؤهله للنجاح في الدوري الإنجليزي الممتاز، من حيث الوعي الخططي والتكتيكي وقدرته على تحفيز اللاعبين، وامتلاكه جهازا معاونا رفيع المستوى، بالإضافة إلى امتلاكه عقلية تفكر دائما في كيفية تحقيق الفوز. لقد اتخذ آرسنال قرارا جيدا عندما تعاقد مع إيمري لقيادة الفريق.
وتعهد إيمري بأن يجعل من آرسنال أحد «أفضل الأندية» في أوروبا، وذلك في تصريحاته الأولى. وقال: «أريد أن نصبح أحد أفضل الأندية في أوروبا، أن نكون بين النخبة. أريد أن يفخر المشجعون بفريقهم. إنهم كذلك الآن، لكن نريد تعزيز ذلك (...) فكرتي هي القتال في كل مباراة». وأضاف: «نجاحنا هذا الموسم سيكون بالتحسن. كيف ذلك؟ بالقتال على كل لقب. كل الألقاب مهمة بالنسبة لنا. نريد أن نكون من بين المرشحين على كل شيء. لا أعدكم بأننا سنفوز (بالألقاب)؛ لكني أعدكم بأننا سنعمل بجهد كبير من أجل ذلك».
واعتبر الرئيس التنفيذي لآرسنال إيفان غازيديس أن إيمري يحظى بـ«سجل رائع من النجاحات خلال مسيرته، قام بتطوير أداء بعض المواهب الشابة في أوروبا، ويلعب بأسلوب مثير ومتطور يتناسب تماما مع آرسنال». ورحب ستان كرونكي المساهم الأكبر في آرسنال بالمدرب الجديد بقوله: «نحن سعداء بالترحيب بأوناي إيمري في آرسنال. لقد أثبت أنه مدرب ناجح. نحن واثقون بأنه الرجل المناسب لهذا المنصب، وسيعمل من أجل جلب النجاحات لأنصارنا، الجهاز الفني وكل من له علاقة بآرسنال».
وشكل التعاقد مع إيمري نوعا من المفاجأة، إذ كان الخيار المرجح للنادي بحسب التقارير الصحافية في الفترة الماضية، الإسباني ميكيل أرتيتا، اللاعب السابق لآرسنال ومساعد مواطنه جوسيب غوارديولا في تدريب مانشستر سيتي، الذي أحرز هذا الموسم لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
ولم يغفل إيمري التنويه بما حققه فينغر في آرسنال، معتبرا أن خلافته «تشكل تحديا؛ لكني كبرت مع التحديات طيلة مسيرتي. بالنسبة إلي، التحدي هو حلم. شكرا آرسين فينغر، إنه مرجع لكل المدربين في العالم». وواصل: «لقد تعلمت كثيرا من الأمور في كرة القدم بفضله (فينغر). سبق لي أن عملت على مشروعات كبرى. أنا متحمس لوجودي هنا وخلافة فينغر». وكان غوارديولا من أوائل المرحبين بمواطنه في الدوري الإنجليزي، معتبرا أن مسيرة إيمري «تتحدث عنه. قام بعمل مثالي في إسبانيا لسنوات، مع فرق مثل فالنسيا وإشبيلية، كما أبلى بلاء حسنا في فرنسا».
* ماركو أندريولي، الذي يلعب الآن في نادي كالياري الإيطالي، لعب تحت قيادة إيمري عندما كان يلعب في إشبيلية على سبيل الإعارة في موسم 2015 - 2016. أجرى هذه المقابلة فابريزيو رومانو.



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».