خروج متشددين من السجون يقلق السلطات الفرنسية

باريس تراهن على عمل استباقي لأجهزة الاستخبارات

TT

خروج متشددين من السجون يقلق السلطات الفرنسية

منذ أن أعلنت وزيرة العدل الفرنسية نيكول بيلوبيه أول من أمس أن ما لا يقل عن 450 معتقلا سيخرجون من السجون الفرنسية حتى نهاية العام المقبل، حتى استأثر الخبر باهتمام الطبقة السياسية والرأي العام والوسائل الإعلامية. والسبب في ذلك أن هؤلاء يمكن وضعهم، بحسب الوزيرة الفرنسية، في خانة «المتطرفين». والأسوأ من ذلك، كما كشفت بيلوبيه، أن نحو خمسين شخصا من «الإرهابيين» سيخرج منهم نحو عشرين شخصا هذا العام، وثلاثون شخصا العام المقبل بسبب انتهاء أحكامهم.
يضاف إلى ذلك أن نحو 400 شخص آخرين سيتركون السجون خلال الفترة عينها وهؤلاء من الذين سجنوا بسبب جنح أو جرائم من الحق العام. غير أن إقامتهم في السجون حولتهم إلى «متشددين أصوليين». والخمسون الأولون يشكلون عشر الأشخاص المسجونين في فرنسا بسبب انتمائهم إلى تنظيمات أو مجموعات على علاقة بالإرهاب. أما الأربعمائة الآخرون فإنهم يمثلون ثلث الأشخاص الذين يظن أنهم تبنوا فكرا راديكاليا.
والسؤال المطروح عليهم: كيف يمكن تدارك ومنع أن يقوم هؤلاء بارتكاب أعمال إرهابية علما بأن أكثرية الذين قاموا بعمليات إرهابية في فرنسا التي أوقعت منذ بداية العام 2015 ما لا يقل عن 245 قتيلا ومئات الجرحى، كانوا مسجلين على ما يسمى اللوائح «S» أي الأشخاص الذين يشكلون خطرا على الأمن والسلامة العامة.
وتراهن الحكومة الفرنسية ومعها الأجهزة الأمنية على أمرين: الأول، العمل الذي قامت به أجهزة الاستخبارات داخل السجون من أجل توفير ملفات متكاملة للأشخاص الذين تعتبرهم خطرين. وهذه الملفات يتم تعميمها على الأجهزة الأخرى وما يؤشر على الأهمية التي توليها السلطات لهذه المسألة أنها كانت على رأس الملفات التي درسها مجلس الدفاع هذا الأسبوع الذي انعقد برئاسة إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه. أما الأمر الثاني الذي تراهن عليه الحكومة فهو تحديدا استمرارية الملاحقة التي سيخضع لها هؤلاء الخارجون من السجون. ولهذا الغرض، فقد عمدت السلطات الحكومية والأمنية إلى تشكيل «جهاز خاص» تنحصر مهمته في متابعة وملاحقة هؤلاء الأشخاص. وستكون مهمة الجهاز الجديد العمل على رصد «المؤشرات» التي يمكن أن تدل على الرغبة في التحرك وارتكاب عمل إرهابي. لكن الصعوبة تكمن في توفير العنصر الإنساني الكافي لملاحقة هذا العدد الكبير من الأشخاص وفي قدرته على تتبعهم ليلا نهارا. وفي أي حال، فإن المعضلة التي لم تجد لها سلطات السجون حلا في فرنسا هي كيفية منع «العدوى» الراديكالية من الانتشار في السجون واكتساب أشخاص جدد.
وتبين الدراسات المتوافرة أن أكثرية ساحقة من الذين ارتكبوا أعمالا إرهابية في فرنسا مروا في السجون التي دخلوها كصغار المنحرفين الذين ارتكبوا جنحا عادية. إلا أنهم خرجوا منها راديكاليين متشددين. وتشكل السجون وشبكة الإنترنت وعدد ضئيل من المساجد الحاضنات الثلاث الرئيسية التي «تخرج» المتطرفين. ولذا، فإن السلطات الفرنسية تسعى لإيجاد الوسائل الناجعة التي تمكنها من مكافحة هذه الحاضنات.
الجديد الذي تشدد عليه السلطات السياسية هو تقاسم المعلومات بين الأجهزة المختلفة وهو ما كان غائبا في كثير من الأحيان في الماضي. هل ستنجح السلطات الأمنية في تلافي الخطر والتهديد الذي تراه في هؤلاء الخارجين من السجون؟ السؤال المطروح حاليا، ومع كل عمل إرهابي تعود الأسئلة نفسها إلى الواجهة وتطرح مجددا للاستغلال السياسي والمزايدات كما رأينا ذلك منذ ما يزيد على ثلاث سنوات.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».