كشفت مصادر سياسية في تل أبيب، أمس الأربعاء، عن خلاف جدي بين القيادتين السياسية والعسكرية - الأمنية في إسرائيل، حول موضوع التهدئة مع حركة حماس. وفي حين يؤيد الجنرالات التجاوب مع الفكرة، يضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن أفيغدور ليبرمان، شرطا تعجيزيا هو «إطلاق سراح الأسرى المحتجزين في قطاع غزة بلا مقابل».
وقالت المصادر إن حماس بعثت برسائل منذ نحو الشهر، عبر مصر وقطر، تعلن فيها استعدادها لإبرام اتفاقية تهدئة مع إسرائيل. وحسب مصادر عسكرية، فإن الجنرالات الإسرائيليين مقتنعون بأن حماس جادة في توجهها، وتبدي استعداداً لتقديم عرض مغرٍ، يتضمن وقف الصواريخ والقذائف وحتى الطائرات الورقية الحارقة، والتوقف حفر الأنفاق تحت الأرض. ووجهت في الأيام الأخيرة، رسالة جديدة، قالت فيها إنها هددت الفصائل الفلسطينية الراديكالية بمحاربتها إذا أطلقت القذائف، وإنها اعتقلت عدداً من القادة الميدانيين لهذه الفصائل. وأكدت أنها تعتقد أن حماس جدية للغاية في الموضوع، إذ إنها تخسر الكثير من شعبيتها في القطاع، والجمهور هناك يحملها مسؤولية أساسية عن انهيار الأوضاع الاقتصادية. وإنها استنفدت ما تريد من مسيرات العودة، وإن الجمهور لم يعد يتدفق بعشرات الألوف إلى السياج الحدودي.
ويقترح الجيش أن يخفف من الحصار على القطاع، ويفتح الباب أمام الداعمين لزيادة المواد الغذائية والطبية، وحتى استقبال 20 - 30 ألف عامل غزاوي بالتدريج، للعمل في إسرائيل.
لكن القيادة السياسية اليمينية الحاكمة في إسرائيل، ترفض هذا التوجه. وتعتقد أن حماس تريد مهلة حتى تبقي قضية الأسرى موضوع مماحكة، خصوصاً بعد أن بدأت عائلات الأسرى معركة جماهيرية لدفع الحكومة إلى التعجيل بالتوصل إلى صفقة تعيد أبناءها. ويرى ليبرمان أن حماس تحاول خداع إسرائيل، والسبيل الوحيد لإقناعه بأنها جادة يكون بتحرير الأسرى. ويتفق معه في ذلك نتنياهو، الذي يخشى أن تتهدد قاعدته الشعبية في اليمين، بإظهار الضعف أمام حماس، وتسجل انتصاراً آخر لها.
وطرح نتنياهو، بكثير من الصخب، تعليمات بدفع تعويضات كاملة للمزارعين اليهود حول القطاع، الذين تعرضت حقولهم للحرائق بسبب الطائرات الورقية المفخخة.
وأمر بخصم قيمة هذه التعويضات من الأموال المستحقة للسلطة الفلسطينية لدى إسرائيل، من جباية الضرائب والجمارك. لكن تبين أن قيمة التعويضات لا تزيد عن 5 ملايين شيقل (1.5 مليون دولار)، وهو مبلغ هزيل. فالمشكلة في الحرائق معنوية أكثر مما هي مادية.
ويرد الجيش بتسريب معلومات عن أن الدافع الأساسي لرفض الحكومة هو «الحسابات الحزبية». وهم يرون أن التهدئة الآن ستخدم مصالح إسرائيل أكثر بكثير من حماس. ويؤكدون أن إسرائيل ستستغل هذه التهدئة لإكمال بناء الجدار الكبير، فوق الأرض وتحتها، الذي باشرت في بنائه على طول الحدود بينها وبين القطاع، لإجهاض سلاح الأنفاق. ويعتقدون أن حماس ستكون أضعف بعد تهدئة كهذه، وستكون أكثر ضعفاً بعد الانتهاء من بناء الجدار. وسيكون أسهل على الجيش الإسرائيلي أن يمارس الضغوط عليها في قضية الأسرى.
وفي هذه الأثناء، لا تدير إسرائيل محادثات مع حماس حول التهدئة. بل تتهرب منها بشكل صريح. وتزعم أنه لا وجود لتهدئة، و«كل ما هنالك هو أن حماس أعلنت عن وقف النار ونحن تجاوبنا. ونستطيع أن نغير رأينا متى نشاء»، كما قال ناطق بلسان ليبرمان. ويحذر الجيش من أن الاستمرار في هذا الوضع، يفتح الباب أمام عملية حربية واسعة مع قطاع غزة، «في وقت نحتاج فيه إلى الهدوء على هذه الجبهة، كي نتفرغ للجبهة الشمالية، في مواجهة إيران وميلشياتها، التي تعتبر أكثر أهمية وخطورة».
الجيش الإسرائيلي والمخابرات يؤيدان تهدئة مع حماس... ونتنياهو وليبرمان يعارضان
جنرالاتها يدعون أن الحركة هددت فصائل واعتقلت عدداً من قادتها الميدانيين
الجيش الإسرائيلي والمخابرات يؤيدان تهدئة مع حماس... ونتنياهو وليبرمان يعارضان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة