21 خاسراً يطعنون بانتخابات بيروت ويطالبون بإبطالها

المراجعة استندت إلى مخالفات وتزوير وعبث بصناديق الاقتراع

البرلمان اللبناني كما بدا عند انتخاب رئيسه (إ.ب.أ)
البرلمان اللبناني كما بدا عند انتخاب رئيسه (إ.ب.أ)
TT

21 خاسراً يطعنون بانتخابات بيروت ويطالبون بإبطالها

البرلمان اللبناني كما بدا عند انتخاب رئيسه (إ.ب.أ)
البرلمان اللبناني كما بدا عند انتخاب رئيسه (إ.ب.أ)

قبل يومين من نفاد مهلة تقديم الطعون بنتائج الانتخابات اللبنانية، اندفع المرشحون الخاسرون إلى مقرّ المجلس الدستوري لتقديم طعونهم، والمطالبة بإبطال نتائج الانتخابات في هذه الدائرة أو تلك، أو إبطال عضوية نواب فائزين وفتح الباب أمام إعادة انتخاب مرشحين مكانهم، بالاستناد إلى ما اعتبروه «مخالفات وتجاوزات اعترت العملية الانتخابية وتسببت بخسارتهم».
وتقدّم يوم أمس 21 مرشحاً خاسراً في الانتخابات النيابية في دائرة بيروت الثانية، بمراجعة واحدة أمام المجلس الدستوري بواسطة وكيلهم القانوني المحامي سعيد مالك، الذي استند إلى ما سماها «الشوائب التي رافقت العملية». وأوضح أن «الهدف من الطعن إظهار عدم صدقية الانتخابات وإبطالها وإعادة إجرائها بنزاهة»، مشيراً إلى أن المراجعة التي تقدم بها «قبلت شكلا من قبل المجلس الدستوري».
لكنّ قبول الطعن شكلاً لا يعطي قوّة معنوية للمراجعة ما لم تكن معززة بالأدلة والقرائن، حيث اعتبر عضو المجلس الدستوري القاضي طارق زيادة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «مجرد تقديم الطعن ضمن المهلة الدستورية، أي خلال مهلة شهر من تاريخ انتهاء العملية الانتخابية، يكون مقبولاً بالشكل، أما قبوله بالأساس فيعود إلى نتائج التحقيقات والمداولات التي يجريها المجلس الدستوري». وأكد أنه «مع انتهاء مهلة تقديم الطعون يوم الأربعاء (غداً)، يعقد المجلس جلسة يعيّن فيها مقرراً (من أحد أعضائه) لكل ملف، ومن ثمّ تبدأ المهلة القانونية للبت بالطعون». وقال القاضي زيادة إن المقرر «لديه صلاحية مماثلة لصلاحية قاضي التحقيق، إذ يستطيع أن يستجوب فرقاء الدعوى والشهود ويطلب الوثائق والمستندات والأوراق اللازمة من المرشحين ومن الدوائر الرسمية، ليكون تقريره معززاً بالأدلة».
يذكر أن المجلس الدستوري اللبناني أنشئ في عام 1994، وأنيطت به مهام مراقبة دستورية القوانين وإبطال أي قانون يتعارض مع الدستور، بالإضافة إلى النظر بطعون الانتخابات، وقد سجّل سوابق عدّة، إذ أبطل عضوية عدد من النواب في انتخابات 1996 و2000، مرتكزاً بذلك إلى ضغوط مورست على الناخبين سواء من الوصاية السورية أو من نافذين في الأجهزة الأمنية، رجّحت حظوظ المطعون بنيابتهم على منافسيهم، ما أدى إلى إعادة الانتخابات عن تلك المقاعد في شمال لبنان والبقاع وجبل لبنان.
ويطمح مقدمو الطعون الجديدة إلى قرارات تبطل عضوية بعض النواب وتمنحهم فرصة خوض انتخابات فرعية على بعض المقاعد أو على صعيد الدائرة ككل، وأعلن المحامي سعيد مالك في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن مراجعة الطعون التي تقدّم بها «استندت إلى مخالفات وتجاوزات شابت العملية الانتخابية، وأثرت سلباً على سير الانتخابات وانعكست على النتائج»، مؤكداً أن «الملف بات في عهدة المجلس الدستوري، وهو ملف قانوني متكامل يضم كافة الوثائق والمستندات الموثقة بالصوت والصورة، ويبقى القرار ملك المجلس الدستوري».
وتوقّع مالك ألّا يعقد المجلس اجتماعاً لإطلاق المهل القانونية للبت بالطعون، قبل نفاد مهلة تقديم الطعون التي تنتهي غداً في السادس من يونيو (حزيران) الحالي، أي بعد شهر على انتهاء الانتخابات. وأوضح أن المراجعة التي تقدم بها «تشكّل سابقة بتاريخ المجلس الدستوري، لأنها المرة الأولى التي يتقدّم بها مجموعة من المرشحين (21) طعناً بمراجعة واحدة، لأن الطعون تقدّم بشكل افرادي».
وتتعدد الأسباب الموجبة لإبطال الانتخابات على حدّ تعبير القاضي خالد حمود أحد مقدمي الطعون، الذي كشف لـ«الشرق الأوسط»، أن «أبرز الأدلة التي استندت إليها الطعون، مبنية على التزوير الفاضح في انتخابات بيروت». أكد حمود الذي كان يرأس «لائحة كرامة بيروت» التي لم تفز بأي مقعد نيابي، أن «أخطاء مميتة شابت العملية الانتخابية»، مشيراً إلى أن «التزوير واضح جداً بحيث أن مرشحين وعائلاتهم اقترعوا لأنفسهم في صناديق عدّة، وخلال عملية الفرز لم يكن لهم أي صوت»، مشيراً إلى أن التزوير «يبرز أيضاً بوصول صناديق إلى لجان القيد غير مختومة بالشمع الأحمر، لا بل كانت مفتوحة وتم العبث بها وجرى تبديلها». وقال: «الفضيحة الأكبر أن المندوبين المعينين من قبل المرشحين لديهم تراخيص من وزارة الداخلية، لكنهم منعوا من دخول أقلام الاقتراع ومراقبة عملية الانتخاب، وتعرضوا لضغوط من قبل القوى الأمنية»، معتبراً أن «الجهات الرسمية المشرفة على الانتخابات (وزارة الداخلية) هي التي مارست الضغوط وطلبت من القوى الأمنية منع المندوبين من الدخول وممارسة دورهم الرقابي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.