عملية عسكرية تركية موسعة في شمال العراق «مسألة وقت»

إردوغان يركز حملته الانتخابية على «ورقة الأكراد»

TT

عملية عسكرية تركية موسعة في شمال العراق «مسألة وقت»

أعطت تركيا مؤشرات قوية على احتمال تنفيذ عملية عسكرية موسعة في جبال قنديل شمال العراق؛ معقل حزب العمال الكردستاني، بعد سلسلة من الضربات الجوية التي استهدفت المنطقة في الأشهر الأخيرة. وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو إن عملية عسكرية للجيش التركي ضد مواقع «العمال» الكردستاني في جبال قنديل، هي «مسألة وقت فقط».
وأضاف صويلو، في مؤتمر صحافي أمس: «الأمر لم يعد حول وجود عملية أم لا؛ الأمر تحول لمسألة وقت فقط، قنديل لم تعد بعيدة عنا، تمت السيطرة على كثير من المواقع المؤدية إلى قنديل».
وجاءت تصريحات الوزير التركي وسط مؤشرات على الاستعداد لعملية عسكرية موسعة في شمال العراق، حيث تفقد رئيس الأركان التركي خلوصي أكار السبت الماضي الوحدات العسكرية في قضاء «يوكسك أوفا» بولاية هكاري جنوب شرقي البلاد والواقعة على الحدود مع العراق. ورافق رئيس الأركان قائدا القوات البرية يشار جولر، والبحرية عدنان أوزبال، والنائب الثاني لرئيس الأركان أوميت دوندار.
وعقد أكار اجتماعات مع القادة العسكريين في المنطقة، واطلع منهم على أنشطة الجيش التركي في هكاري، وأكد خلال جولته أن «القوات المسلحة التركية مستعدة ومتأهبة للتضحية بنفسها من أجل تنفيذ جميع المهام لحماية وحدة البلاد وأمنها وسيادتها واستقلالها، من خلال المحبة والثقة اللتين استمدتهما من الشعب التركي الأبي». وأشار إلى أن القوات التركية حيّدت وتواصل تحييد جميع العناصر التي تشكل تهديدا للأمن القومي التركي من خلال عملياتها داخل البلاد، وعبر عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» في شمال سوريا، وعملياتها في شمال العراق.
وجاءت جولة أكار على الوحدات العسكرية على حدود العراق عقب اتصال هاتفي أجراه ليل الجمعة مع نظيره الأميركي جوزيف دانفورد قالت رئاسة الأركان في بيان إنه ركز على بحث المشكلات الأمنية في سوريا ومكافحة المنظمات الإرهابية.
وكان حزب العمال الكردستاني تمركز في المنطقة بعد استهداف تنظيم داعش الإرهابي للإزيديين في سنجار بداية من 3 أغسطس (آب) 2014، وهددت تركيا مرارا بالتدخل في المنطقة لمنع «العمال» الكردستاني من إقامة قاعدة جديدة في سنجار. وبعد إرسال تركيا إشارات إلى احتمال قيامها بعملية في سنجار، أعلن «العمال» الكردستاني انسحابه من المنطقة في مارس (آذار) الماضي، وأعلن الجيش العراقي تمركزه في المناطق التي انسحب منها، كما يوجد في سنجار أيضا عناصر مسلحة تابعة لـ«الحشد الشعبي».
بالتوازي، بدأ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التركيز على حملته للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي تشهدها تركيا في 24 يونيو (حزيران) الحالي، محذرا من المساس بحقوق الأكراد. وقال إردوغان في خطاب جماهيري بولاية ديار بكر ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي تركيا، مساء أول من أمس، إنه «سيقف بنفسه في وجه جميع من يحاول المساس بحقوق الأكراد»، مشددا على أن الدولة التركية لن تسمح بتجاهل حقوق وحريات الشعب. وأضاف: «لا تحاولوا البحث عن دولة للأكراد، لأن دولتهم هي الجمهورية التركية... ستبقى لغتنا التركية اللغة الرسمية للبلاد وقيمتها لا تختلف عن قيمة اللغة الكردية».
ولفت الرئيس التركي إلى أن أطرافا حاولت خلق نزاعات في ديار بكر باستخدام حزب العمال الكردستاني (المحظور والمصنف منظمة إرهابية في تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي) وزرع بذور التفرقة بين المواطنين. واتهم «العمال» الكردستاني بمحاولة تدمير المساجد والمعالم التاريخية في ديار بكر ومنع الأطفال من التعليم والحيلولة دون تأسيس مستقبل مشرق لهم، عبر خطفهم وإجبارهم على القتال في الجبال. وأضاف: «لقد حاولوا إبعادكم عن تاريخكم وثقافتكم ومعتقداتكم وأخلاقكم وتراثكم، لكي يجعلوكم عبيداً للتنظيمات الهامشية».
ولفت إلى أن القيادة التركية لا تميّز بين المواطنين على الإطلاق، وتحرص على تقديم الخدمات لجميع المناطق في البلاد، خصوصا تلك التي بقيت مُهملة سنين طويلة مثل ديار بكر.
وقال: «نحن لم نُهمل ديار بكر؛ بل جعلناها بمثابة إسطنبول وإزمير في شرق وجنوب شرقي تركيا»، مشيرا إلى أن شباب ديار بكر سيوجهون صفعة للإرهاب عبر صناديق الاقتراع، مشيرا أن بلاده لن تمنح فرصة الحياة للإرهابيين ممن تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء.
وتابع أن شباب ديار بكر سيوجهون من خلال الانتخابات صفعة لمن سماهم «بارونات الإرهاب في جبال قنديل»، عادّاً أن تركيا لا تعاني اليوم من مشكلة كردية، وقال إن «فكرة التمييز بين المواطنين على أساس الأصل العرقي واللغة والمظهر واللحية والشعر، والحجاب، قد أزيلت تماما».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.