حذر وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بكين من عسكرة بحر الصين الجنوبي، واصفاً خطواتها بأنها قائمة على «الترهيب والإكراه»، مع التأكيد على التزام الولايات المتحدة بدورها في المنطقة. وقال ماتيس السبت، إن تعزيز الصين مواقعها العسكرية في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي ونشر منظومات دفاعية متطورة على طول هذا التقاطع البحري الاستراتيجي يهدفان إلى «ترهيب وإكراه» جيرانها. وأضاف: إن سياسة الصين في الممر المائي المتنازع عليه مع عدد من دول المنطقة «تقف في تناقض صارخ مع الانفتاح الذي تبشر به استراتيجيتنا، وتشكك في أهداف الصين الأوسع». وتابع ماتيس، خلال مؤتمر أمني تستضيفه سنغافورة «على الرغم من ادعاءات الصين عكس ذلك، فإن وضع أنظمة التسليح تلك، مرتبط مباشرة بالاستخدام العسكري لغرض الترهيب والإكراه»، في إشارة بشأن إجراءاتها الأخيرة ونشر صواريخ مضادة للسفن وصواريخ أرض جو وصواريخ تشويش إلكترونية، وفي الآونة الأخيرة، هبوط طائرة قاذفة في جزيرة وودي. وأضاف: إن بكين نشرت أيضاً قاذفات على جزيرة وودي في أرخبيل باراسيل. وهاجم ماتيس الرئيس الصيني شي جينبينغ، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، لعودته عن وعد قطعه في البيت الأبيض في 2015 بألا تقوم بكين بعسكرة الجزيرة الواقعة في بحر الصين الجنوبي.
أدلى ماتيس بهذه التعليقات في خطاب في «حوار شانغريلا»، وهو قمة أمنية سنوية، افتتحت الجمعة وتستمر حتى نهاية اليوم (الأحد)، ويحضرها رؤساء من 28 دولة ووزراء الدفاع وكبار المسؤولين العسكريين لمناقشة قضايا الأمن والدفاع في آسيا والمحيط الهادي، في حين تتصاعد التوقعات حول القمة المزمعة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، في سنغافورة خلال أقل من أسبوعين.
ورفضت بكين اتهامات واشنطن، وقالت إن القول بأنها تعمل على عسكرة بحر الصين الجنوبي «سخيفة»؛ وذلك بعد أن صرح ماتيس سابقا إن واشنطن ستواصل مواجهة تحركات بكين في الممر المائي المتنازع عليه. وقال ماتيس يوم الثلاثاء الماضي، إن الولايات المتحدة ستتصدى لما ترى أنه عسكرة الصين لجزر في بحر الصين الجنوبي رغم إدانة بكين لعملية أميركية في المنطقة خلال مطلع الأسبوع.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية هوا تشون ينغ خلال إفادة صحافية «الوجود العسكري الأميركي في بحر الصين الجنوبي أكبر من الوجود الصيني والدول الأخرى التي تطل على البحار مجتمعة». وتساءلت إن كانت عمليات «حرية الملاحة» للبحرية الأميركية تهدف حقاً للحفاظ على حق السفن في الإبحار عبر المنطقة أم مجرد محاولة للحفاظ على الهيمنة. وذكرت صحيفة «غلوبال تايمز»، وهي صحيفة شعبية تدعمها الدولة، لكنها لا تعكس السياسة الرسمية، في افتتاحية الخميس، أن على الصين أن تعد للرد بقوة على أي تدخل «شديد» من الولايات المتحدة.
وتتنافس الصين مع ستة بلدان أخرى على السيادة على بحر الصين الجنوبي. وجاءت كلمة ماتيس في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين. وتحركت الصين مؤخراً لتعزيز مطالبتها بالسيادة على الإقليم عن طريق إرسال سفن حربية لتحدي سفينتين تابعتين للبحرية الأميركية كانتا قد أبحرتا عبر المياه التي تدعي الصين أنها تابعة لها. وبحسب ما ورد، فقد نشرت واشنطن السفينتين لتحدي ما ترى أنه انتهاك الصين لحرية الملاحة في المياه المتنازع عليها. ووقع الحادث أيضاً بعد أيام فقط من قيام الولايات المتحدة باستبعاد الصين من مناورة بحرية استضافتها. وأكدت الصين، أن نواياها في بحر الصين الجنوبي سلمية، وأنها لا تريد سوى حماية مواطنيها ومصالحها الاقتصادية.
وهذه المشاركة الثانية لماتيس في قمة سنغافورة منذ توليه وزارة الدفاع. وعاد إلى موضوع لطالما أكده هو ومسؤولون بارزون أميركيون منذ تولي ترمب منصبه، وهو أن بلاده موجودة لتبقى في منطقة آسيا - المحيط الهادي، وبأن الحلفاء يجب أن يبقوا في صف واشنطن بدلاً من الانحياز إلى جانب بكين.
ورداً على سؤال لـ«واشنطن بوست» حول ما إذا كان يظن أنه من غير المثمر لترمب أن يفتعل المشكلات مع حلفائه بخصوص التجارة، أجاب ماتيس «بالتأكيد كانت لدينا بعض المقاربات غير العادية، سأكون صريحاً معك». وأضاف: «لكن أرى بأنه كلما واصلت الدول الحوار استمرت في الإصغاء إلى بعضها بعضاً، واحترام بعضها بعضاً، لا شيء ينتهي بناءً على قرار واحد ويوم واحد». وقالت لين كيوك، الباحثة البارزة لدى جامعة كامبريدج، إن مقاربة الولايات المتحدة «رهان محفوف بالمخاطر». وأضافت لوكالة الصحافة الفرنسية «يبدو أن الولايات المتحدة تعتقد أنه بإمكانها إثارة عداوة شركاء في نواحٍ معينة، وأن تتوقع في الوقت نفسه تعاوناً من الآخرين».
وفي انتقاد للصين التي يتهمها البنتاغون باستخدام سياسيات اقتصادية «جشعة» لاستغلال جيرانها، قال ماتيس، إن الولايات المتحدة تؤيد حلاً سلمياً للنزاعات «وتجارة واستثمارات حرة وعادلة ومتبادلة» والالتزام بالقواعد والمعايير الدولية. وأضاف: «يعتقدون أن تراكم الديون الهائلة على جيرانهم وإزالة حرية العمل السياسي نوعاً ما، هما الطريق للحوار معهم. في نهاية الأمر هذه الأمور لا تعطي نتيجة».
وقال الكولونيل الأكاديمي الكبير في جيش الصين تجاو شياوتجو لماتيس إن حرية العمليات الملاحية الأميركية حيث تبحر سفن البحرية الأميركية على مقربة من جزر تطالب بها بكين هي «استفزاز واضح للأمن القومي الصيني وسيادة أراضيها. ورد ماتيس بالقول إن هناك «انفصالاً أساسياً» بين «آراء الصين بشأن البحر ورأي المحاكم الدولية بذلك». وقال: «هذه المياه بالنسبة لنا، مياه دولية حرة ومفتوحة».
وزير الدفاع الأميركي ينتقد سياسة بكين «الترهيبية» في بحر الصين الجنوبي
أكد في قمة أمنية في سنغافورة التزام واشنطن دورها في المنطقة المتنازع عليها
وزير الدفاع الأميركي ينتقد سياسة بكين «الترهيبية» في بحر الصين الجنوبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة