مباراة الأرجنتين في القدس تشعل معركة سياسية

نتنياهو تدخل لنقلها من حيفا... والفلسطينيون يطالبون بالتراجع

TT

مباراة الأرجنتين في القدس تشعل معركة سياسية

يسابق الفلسطينيون الزمن في محاولة لثني المنتخب الأرجنتيني عن لعب مباراة ودية في كرة القدم مع المنتخب الإسرائيلي في مدينة القدس، في 9 يوليو (تموز) المقبل، باعتبار ذلك مشاركة في الترويج للدعاية الإسرائيلية حول «القدس الموحدة».
وأبرق رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، اللواء جبريل الرجوب، إلى وزير التعليم والرياضة الأرجنتيني، استيبان بولريتش، والاتحاد الأرجنتيني للكرة، بضرورة التراجع عن لعب المباراة التي تستغلها إسرائيل، لتمرير «سياسة الضم غير القانوني في القدس».
وكان يفترض أن يعقد اللقاء الودي بين المنتخبين في حيفا، لكن الحكومة الإسرائيلية نقلته إلى القدس في رسالة سياسية لا علاقة لها بالرياضة كما يؤكد الرجوب.
وقررت الحكومة الإسرائيلية إجراء المباراة في القدس في الوقت الذي تحيي فيه إسرائيل الذكرى الـ70 لقيامها، وهو الموعد إلى يحيى فيه الفلسطينيون كذلك ذكرى «النكبة» الأليمة.
واتهم الرجوب الحكومة الإسرائيلية، أمس، بتسييس الرياضة واستغلال اتحاد كرة القدم في إسرائيل، لتمرير سياسة الضم غير القانوني للقدس.
وأكد الرجوب أنه أرسل احتجاجات إلى كل من الاتحاد الأرجنتيني لكرة القدم، والاتحاد القاري في أميركيا الجنوبية، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، والاتحاد العربي لكرة القدم، واتحاد التضامن الإسلامي، وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين، ورئيس المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الشباب والرياضة العرب خالد عبد العزيز، وطالب الجميع باتخاذ إجراءات عاجلة من أجل تغيير مكان إقامة المباراة، و«الالتزام بمبادئ فصل الرياضة عن السياسة لما في ذلك مصلحة لاستقرار جميع الشعوب».
ولم يعلق الاتحاد الأرجنتيني على الطلب الفلسطيني الذي يتوقع أن تسانده منظمات فلسطينية وعربية ودولية، بما فيها حركة المقاطعة (BDS) التي نجحت، مؤخرا، في إلغاء حفل الفنانة الكولومبية شاكيرا الذي كان مقررا في تل أبيب في التاسع من يوليو المقبل.
وكانت فكرة المباراة خرجت إلى الوجود من خلال مبادرة إسرائيلية خاصة وليس عبر الحكومة أو الاتحاد الرياضي، واتفق بداية على وصول المنتخب الأرجنتيني إلى حيفا، لكن وزيرة الرياضة والثقافة، ميري ريغيف، تدخلت وتعهدت بتحمل كل التكاليف الإضافية المترتبة على نقل المباراة إلى القدس، بما في ذلك تأمين حراسة خاصة لنجم المنتخب الأرجنتيني، ميسي.
واتضح لاحقا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تدخل شخصيا في نقل المباراة. وبعث نتنياهو برسالة خاصة لرئيس الأرجنتين ناشده فيها تشجيع منتخب بلاده على الوصول إلى القدس، وكتب نتنياهو أن وصول الفريق إلى القدس له أهمية عظيمة على خلفية احتفال إسرائيل بعيد استقلالها الـ70.
وتعهد نتنياهو بدفع كل ما يلزم لقاء لعب المنتخب في القدس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».