تركيا: تقرير الحرية الدينية الأميركي استند إلى ادعاءات لا أساس لها

نفت سعيها لمبادلة غولن بـ«قس أميركي» يحاكم لديها

TT

تركيا: تقرير الحرية الدينية الأميركي استند إلى ادعاءات لا أساس لها

انتقدت تركيا تقرير الحرية الدينية الأميركي، عادّةً أنه تكرار لادعاءات لا أساس لها من الصحة، في الوقت الذي نفت فيه أنها عرضت مبادلة الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في منتصف يوليو (تموز) 2016 بالقس الأميركي آندرو برونسون الذي يحاكم لديها بتهم تتعلق بدعم الإرهاب والارتباط بـ«حركة الخدمة» التابعة لغولن والتي أعلنتها الحكومة التركية «منظمة إرهابية».
وانتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أكصوي تقرير وزارة الخارجية الأميركية السنوي بشأن الحرية الدينية في العالم، واصفا الجانب المتعلق بتركيا في التقرير المذكور بأنه عمل اعتيادي تنشره الخارجية الأميركية كل عام وفقا لرؤيتها الخاصة بها. وقال أكصوي، في بيان، إن قسما كبيرا من الجانب المتعلق ببلادنا في التقرير، هو تكرار لبعض الادعاءات التي لا أساس لها، والتي طرحت خلال الأعوام الماضية، قائلا إن «تطرق التقرير لطبيعة منظمة فتح الله غولن (حركة الخدمة)، فقط عبر الإشارة إلى الحكومة التركية، وعدم تطرقه بقدر كاف إلى الأضرار التي ألحقتها ببلادنا وشعبنا ومحاولة انقلاب 15 يوليو 2016، خطأ كبير وخطير». وأشار إلى أن تركيا لا تميز خلال اتخاذها إجراءات قضائية أو إدارية على أساس مبادئ مثل الدين والعرق، ولفت إلى أن الإجراءات، المتخذة بحق بعض الأشخاص بسبب ارتباطهم بالتنظيمات الإرهابية لا يمكن عرضها في هذا السياق». وأضاف أنه تم توضيح هذه الأمور مرارا للمسؤول الأميركي الذي أعد التقرير خلال زيارته لتركيا في أبريل (نيسان) الماضي.
وقدمت وزارة الخارجية الأميركية تقريرها السنوي بشأن الحرية الدينية والذي يرصد وجهة نظر واشنطن حول وضع الممارسات الدينية في 200 دولة عبر العالم، في مؤتمر صحافي، الثلاثاء الماضي، شارك فيه وزير الخارجية مايك بومبيو، إلى جانب السفير المتجول للولايات المتحدة من أجل الحرية الدينية الدولية، سام براونباك.
في سياق متصل، نفى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ما تردد بشأن اقتراح بلاده على الولايات المتحدة مبادلة الداعية غولن بالقس آندرو كريغ برونسون المسجون في ولاية إزمير (غرب تركيا). وقال جاويش أوغلو خلال مشاركته في برنامج على قناة «دويتشه فيلله» الألمانية بث أمس، إن «القس الأميركي متهم وتوجد ضده لائحة اتهام لدى القضاء التركي، هذه العملية قانونية بحتة، ولم تبدأ نتيجة دوافع سياسية». وأكد أن «أنقرة لم تقدم أي اقتراح للجانب الأميركي، وإنما هناك اتفاقيات بين البلدان، بما في ذلك تركيا والولايات المتحدة، بشأن تسليم المجرمين وتبادل السجناء فيما بينهما»، مضيفا: «نحن لم نجر أي مساومة من هذا القبيل مع أي بلد... هناك فقط حالات تتعاون فيها بعض أجهزة الاستخبارات من أجل ترحيل إرهابيين أو عندما يكون هناك وضع ما حساس، وهذا نوع من التعاون بين البلدين». وأضاف أن القضاء التركي أصدر قرارا بحبس القس الأميركي، ولكن مدة عقوبته لم تحدد بعد، وهناك اتهامات خطيرة ضده، يمكن الاطلاع عليها في لائحة الاتهام.
وفي 9 ديسمبر (كانون الأول) 2016، قرر القضاء التركي حبس برونسون بتهمة ارتكاب جرائم باسم «حركة غولن» وحزب العمال الكردستاني المحظور، وتعاونه معهما رغم علمه المسبق بأهدافهما.
وأشارت اللائحة إلى أن برونسون كان يعرف الأسماء المستعارة لقياديين رفيعي المستوى من «حركة غولن» والتقاهم، وأنه ألقى خطابات تحرض على الانفصال.
في الوقت ذاته، غادر السفير التركي لدى الولايات المتحدة سردار كليج أنقرة أمس عائدا إلى واشنطن، بعد نحو أسبوعين من استدعائه للتشاور على خلفية نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والاعتداءات الإسرائيلية على المحتجين الفلسطينيين على حدود قطاع غزة.
وجاءت عودة السفير التركي إلى واشنطن تمهيدا لاجتماع مرتقب لوزيري الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، والأميركي مايك بومبيو، في 4 يونيو (حزيران) الحالي.
في شأن آخر، أعلنت تركيا أنها لن تتردد في مواجهة الاستفزازات في بحر إيجه، وشرق البحر المتوسط، في إشارة إلى التوتر مع اليونان وقبرص في المنطقتين. وقال بيان صادر عن اجتماع لمجلس الأمن القومي التركي عقد في أنقرة برئاسة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ليل الأربعاء - الخميس، إن تركيا لن تتردد في استخدام حقوقها النابعة من الاتفاقيات الدولية ضد الاستفزازات الحاصلة في بحر إيجه، وشرق المتوسط.
كان إردوغان هدد في فبراير (شباط) الماضي بالتدخل العسكري ضد اليونان وقبرص في بحر إيجه والبحر المتوسط ما لم تتوقف الأولى عن انتهاك المياه الإقليمية التركية، والثانية عن البحث والتنقيب عن النفط والغاز في منطقة شرق البحر المتوسط.
في سياق متصل، انتقد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، قيام دول أوروبية (لم يسمها) بوضع العراقيل أمام تطوير علاقات تركيا والاتحاد الأوروبي، مؤكدا رغبة بلاده في تطبيع علاقاتها مع العواصم الأوروبية بوصفها شركاء متساوين. وأضاف: «تركيا تحتاج إلى الاتحاد الأوروبي، والاتحاد يحتاج إلى تركيا، نحن ندرك ذلك، ولكن بعض الدول الأوروبية مع الأسف لا ترى هذه الحقائق». وندد بـ«عدة دول أوروبية» دون أن يسميها، لقيامها بوضع العقبات السياسية لمنع تقدم عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، على الرغم من جهود أنقرة في إجراء عملية إصلاح واسعة، قائلا: «في الحقيقة، بضع دول فقط في الاتحاد الأوروبي تعارض عضوية تركيا في الاتحاد، لكن غالبية الدول الأعضاء يؤيدون هذه العضوية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».