طالبة مسلمة تفجر جدلاً جديداً حول الحجاب في فرنسا

الناطقة باسم اتحاد طلبة «السوربون» رفضت تسييس حجابها

مريم بوجتو في أحد شوارع باريس مطلع الشهر (أ.ف.ب)
مريم بوجتو في أحد شوارع باريس مطلع الشهر (أ.ف.ب)
TT

طالبة مسلمة تفجر جدلاً جديداً حول الحجاب في فرنسا

مريم بوجتو في أحد شوارع باريس مطلع الشهر (أ.ف.ب)
مريم بوجتو في أحد شوارع باريس مطلع الشهر (أ.ف.ب)

شغل ظهور طالبة محجبة في برنامج تلفزيوني بصفتها متحدثة باسم نقابة طلابية في جامعة مرموقة، الرأي العام الفرنسي لعدة أيام وأعاد تفجير الجدل القائم حول الحجاب في فرنسا وتماشي الإسلام بشكل عام مع قيم العلمانية الفرنسية. ووجدت مريم بوجتو، الطالبة التي لم تبلغ 20 ربيعا بعد، نفسها في قلب جدل سياسي محتدم في فرنسا، منذ ظهورها بحجاب ملوّن على شاشة إحدى القنوات الفرنسية لتمثيل اتحاد الطلبة في جامعة «السوربون». وما كان لظهور مريم أن يأخذ هذه الأبعاد، لولا تصريح وزير الداخلية جيرار كولومب، الذي قال الأسبوع الماضي إنه من «الصادم» رؤية إحدى مسؤولات اتحاد الطلبة في التلفزيون وهي ترتدي الحجاب. وأضاف: «يتعين علينا أن نُظهر النموذج الذي نسعى إليه، ومن الواضح أن هناك نية لدى المسلمين الشباب لخوض معركة ثقافية». ولم يتوقف كلام الوزير عند هذا الحد، بل واصل الإعراب عن شكوكه في ميول بعض الشباب للاقتناع بنظريات «داعش»، داعياً إلى حوار ثقافي موسع «لكي نصل إلى إسلام عصري يتصدى للإسلام الرجعي».
ولم يتأخر الاتحاد الوطني لطلبة فرنسا في «السوربون» في الرد على تصريحات كولومب، وأصدر بياناً يندد بـ«خطاب الكراهية» الذي يتحدث به بعض السياسيين الفرنسيين والشخصيات العامة. وشدّد البيان على أن مريم تتعرض للانتقاد، لأنها امرأة مسلمة ترتدي الحجاب، ولأنها أيضا طالبة لها مسؤوليات نقابية.
وقضية الحجاب في فرنسا ليست بنت أمس، إذ يعود الجدل حول تغطية رأس الطالبات المسلمات في المدارس الفرنسية إلى أواخر الثمانينات من القرن الماضي. ففي عام 1989. نقلت وسائل الإعلام أن مدير إحدى المدارس الثانوية الرسمية في بلدة «كراي» منع 3 طالبات، شقيقتين مغربيتين وزميلتهن الجزائرية، من دخول الفصول الدراسية لأنهن رفضن خلع الحجاب عن رؤوسهن. وسرعان ما تطور الخبر وتحول إلى استنكار قوميّ، خصوصاً بعد أن نشرت الصحف صورة الفتيات الصغيرات وهن يقفن في طقس صقيعي أمام بوابة مدرستهن، ممنوعات من الدخول إلى الصفوف. وقوبل تعاطف أوساط معينة مع الطالبات، بينها دانييل ميتران قرينة الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا ميتران، بتحرك قام به مدرسون في مدارس مدن كبيرة، مثل مرسيليا وأفينيون للتضامن زملائهم في «كراي»، رافضين السماح بالحجاب في قاعات الدروس. وقد دعم وزير التربية آنذاك موقف المدرسين، وانتهى الأمر أمام القضاء وعادت الطالبات إلى الصف مذعنات لرفع الحجاب أثناء الدروس فقط، بعد تدخل العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني للتهدئة.
وسنّت فرنسا تشريعات متتالية لحظر الحجاب في مدارس الدولة ومؤسساتها الرسمية. كل ذلك قبل أن تظهر مشكلة النقاب التي أثارت عدة زوابع ومحاكمات واستدعت قوانين جديدة. فعند اندلاع قضية الطالبات الثلاث، كان عدد المحجبات في عموم مدارس البلاد لا يزيد على 700 طالبة. أما اليوم، فأعداد المحجبات في الأماكن العامة تقدر بعشرات الآلاف. لذلك، فإن رؤية مريم بوجتو وهي تغطي شعرها بحجاب ملون باتت من المشاهد العادية التي لا تصدم أحداً. بل إن الرئيس إيمانويل ماكرون كان قد دعا، الشهر الماضي، في حديث لقناة «بي إف إم» الإخبارية، إلى ضرورة احترام الحريات الدينية في بلاده للحفاظ على وحدة المجتمع. وقال إنه يحترم ارتداء الحجاب.
وإذا كان منع الحجاب يبقى مقتصراً على المدارس الحكومية الابتدائية والثانوية ولا يشمل الجامعات، فإن من الواضح أن الاستهجان الذي قابلت به أوساط معينة حجاب مريم يعود إلى الموقع الذي تمكنت الطالبة المحجبة من بلوغه في قيادة نقابة طلابية في أعرق جامعات البلاد. ومضى بعض المعلقين إلى ترجيح تسلل «الإخوان المسلمين» إلى النقابة. وسارعت مريم بوجتو إلى رفض هذه التأويلات، وأعلنت في حوار مع موقع إخباري عن استغرابها من تحول ظهورها في التلفزيون إلى قضية دولة، مؤكدة أن لا علاقة لحجابها بالسياسة، وهو زي يتعلق بتربيتها وبإيمانها الشخصي. كما رفضت الربط بينه وبين الميل لتنظيمات متطرفة، وقالت: «كلما وجد الشباب فرصاً للدراسة ودخول الجامعات وتشكيل آرائهم الشخصية، فلا خوف من الاتجاه نحو التطرف».
ولم تتوقع الطالبة المسلمة أن يثير حجابها معركة في صفوف نواب البرلمان الذين يجمعهم اتجاه سياسي مشترك، هو انتماؤهم إلى حزب ماكرون. ومن أبرز الذين ساندوا مريم النائب عن منطقة فال دواز، أورليان تاشيه، أحد المسؤولين السابقين في الاتحاد الوطني للطلبة. واعتبر تاشيه، في تصريحات لإذاعة «مونت كارلو» الناطقة بالفرنسية، أن الحجاب «اختيار فردي»، وقد شرحت صاحبته موقفها الذي لا بد من احترامه. وأضاف النائب أن الإسلام هو الدين الثاني في البلاد، وأن الحجاب هو هويته. وأيدت النائبة فيونا لازار رأي زميلها لاشيه، وغردت قائلة: «لا تُختصر المرأة بمظهرها ولا بحجابها ولا بدينها». واتخذت النائبة عن مدينة باريس ليتيسيا أفيا موقفاً مشابهاً، ودافعت عمّا سمّته «تنوع التجارب والحساسيات». وقالت: «نحن نلتزم بشدة بقيم العلمانية، وهو أمر لا شك فيه، أما تعدد درجات التعبير فإنه يعكس الصورة الموجودة في مجتمعنا».
في المقابل، كشف نواب آخرون من حزب الأغلبية عن رأي مضاد، حيث اعتبر النائب فرنسوا كورمييه بوليجان أن تصريح لاشيه حول الإسلام خطير ولا يرتكز على أساس، معتبرا أن «الحجاب علامة تمييزية فرضتها فئة متشددة، وهو يدل على خضوع النساء، وهناك ملايين المسلمات اللواتي يعشن حياتهن مكشوفات الرؤوس». ووقف النائبان سيلفان مايار وأورور بيرجيه ضد فكرة الحجاب، واعتبرت بيرجيه أن الذين يعتبرونه ممارسة عادية «يتواطأون مع الذين يرفضون ظهور المرأة في مكان عام إلا بعد تغطيتها».
ولم يقف الأمر عند نواب البرلمان، بل تعداه إلى الوزراء. وحاول وزير التربية الوطنية جان ميشال بلانكيه أن يكون معتدلاً، فهو من جهة يعفي اتحاد الطلبة من اتخاذ قرار يتعلق بحجاب إحدى عضواته، ذلك أنها حرة في حجابها، غير أنه يلوم الاتحاد لأنه سمح لها بأن تصل إلى رئاسته لأنه «يكرس نظرة طائفية». وأيد وزير التربية موقف زميله وزير الداخلية، قائلاً إن حجاب مريم بوجتو «يبعث على الصدمة»، لأن مفهومه للحركة النقابية الطلابية مغاير. وكان رأي وزيرة المساواة بين الرجال والنساء، مارلين شيابا، أن الحجاب «دلالة على الإسلام السياسي». لكن وزيرة التعليم العالي، فريديريك فيدال، عبرت عن رأي مخالف وقالت في تصريح لإذاعة «فرانس أنتير» إن حجاب الطالبة الشابة هو حقها الذي لا جدال فيه، وإن التنوع في الجامعات يعبر عن الوضع الاجتماعي في عالم اليوم.



أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.