ليبرمان يبحث في موسكو «إنهاء كاملاً» لوجود إيران

TT

ليبرمان يبحث في موسكو «إنهاء كاملاً» لوجود إيران

يصل وزير الأمن الإسرائيلي، أفغيدور ليبرمان الأربعاء، إلى روسيا في زيارة قصيرة، يجتمع خلالها مع نظيره الروسي، سيرغي شويغو، ويرافقه رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، تمير هايمن، للبحث في مشروع لإخلاء سورية من أي وجود عسكري إيراني، سواء كان مباشرا بقوات الحرس الثوري أو عن طريق الميليشيات. وأعلن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أمس الثلاثاء، أنه «لا مجال لأي وجود إيراني عسكري في أي جزء من سوريا».
وكان نتنياهو قال في مؤتمر الجليل، على مقربة من الحدود مع سورية ولبنان، إن «إخراج الإيرانيين من سوريا لا يعكس موقف إسرائيل فحسب، وإنما أيضا موقف دول أخرى في الشرق الأوسط وخارج الشرق الأوسط».
وقالت مصادر أمنية في تل أبيب، أمس، إن رئيس شعبة الاستخبارات سيطرح أمام الروس المعلومات الاستخباراتية الإسرائيلية تشير إلى وجود ما يقارب الألفين من الضباط والمستشارين الإيرانيين وعناصر حرس الثوري، إضافة إلى نحو 9 آلاف من «الميليشيات الشيعية» من أفغانستان وباكستان والعراق، ونحو 7 آلاف مقاتل من «حزب الله». وسيطلب ليبرمان من نظيره الروسي إخراج جميع هؤلاء من الأراضي السورية تماما وليس فقط إبعادهم عن الحدود مع إسرائيل.
وأكدت هذه المصادر أن زيارة ليبرمان، تأتي على أثر تقييمات لدى المستويين السياسي والأمني في إسرائيل تفيد بأن موسكو على استعداد لمناقشة إبعاد القوات الإيرانية و«الميليشيات الشيعية» الموالية عن الحدود، ذلك بناء على الموقف الروسي الذي يتضح تدريجيا في الأسابيع الأخيرة، وعلى خلفية الهجوم الواسع لإسرائيل ضد إيران على أراض سورية في العاشر من الشهر الجاري، بداعي الرد على إطلاق صواريخ باتجاه الجولان السوري المحتل، إضافة إلى قلق موسكو من أن استمرار العمليات الإسرائيلية سيعرض للخطر استقرار النظام في سوريا. وأكدت ما نشرته «الشرق الأوسط»، من أن النظام في دمشق بعث برسائل، عن طريق وسطاء، إلى «الدول المجاورة»، مؤخرا، مفادها أنه على استعداد لضمان انسحاب قوات «حزب الله» والميليشيات الإيرانية إلى مسافة 25 كيلومترا من الحدود مع إسرائيل في الجولان.
ويسعى ليبرمان إلى انتهاز فرصة الظروف الناشئة في سوريا لتحويل المطلب من الابتعاد عن خط فك الاشتباك إلى الانسحاب الإيراني التام أو على الأقل توسيع رقعة هذا الانسحاب إلى 50 كيلومترا وأكثر، مؤكدا استعداد إسرائيل للقبول بإعادة انتشار القوات السورية على الحدود مع إسرائيل لفترة زمنية محددة، إلى حين تضع الحرب أوزارها ويعود الطرفان إلى اتفاقية فصل القوات التي تحظر أي وجود عسكري سوري بأسلحة ثقيلة في المنطقة المحررة من الجولان.
وفي السياق نفسه، صرح مسؤول كبير سابق في وزارة الأمن الإسرائيلية أمس، بأن «الشعور المتنامي هو أن روسيا ليست قادرة على تخليص نفسها من الساحة السورية في الوقت الذي كانت ترغب فيه. على الرغم من نجاحها في تثبيت نظام الأسد، لم تتمكن روسيا من تحقيق عملية سياسية من شأنها إنهاء الحرب الأهلية، ولم تحقق طموحها في دفع حل للصراع يعيدها إلى الساحة الدولية، ويوقف العقوبات المفروضة عليها. لا بل إن التوتر بين روسيا وإيران يزداد مؤخراً حول تشكيل ترتيب مستقبلي في سوريا، وذلك بسبب سياسة إيران المستقلة هناك. فإيران تعمل، من جانبها، على تعزيز مصالحها في سوريا، حتى على حساب المصالح الروسية، وتعزز وجودها العسكرية من خلال أذرعها، وتتصرف بطريقة يمكن أن تؤدي إلى تصعيد مع إسرائيل. قد يضر النشاط الإيراني (بالمشروع) الروسي الذي يركز على الحفاظ على نظام الأسد وفرض الاتفاق السياسي - الذي يطلق عليه الروس (مبنى غير مركزي) – والذي يأخذ في الاعتبار الوضع وتناسب القوات على الأرض، وهو ترتيب لا تستسيغه إيران، لأنها تسعى جاهدة لإقامة حكومة مركزية قوية تخضع لتأثيرها».
ويضيف المسؤول الإسرائيلي أنه مع ذلك يبدو في الآونة الأخيرة أن روسيا تجد منفذا لتحريك عمليات سياسية بقيادتها، بالذات في الساحة السورية وفي ظل التوتر بين إسرائيل وإيران. في أعقاب التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل في سوريا وتطور المواجهة المباشرة بينهما، تطرح، بكل قوة، مسألة الموقف الروسي: هل تُحاصَر روسيا بين العناصر المتصارعة وليس أمامها خيار سوى أن تضع نفسها كقوة مهدئة، أو يمكنها أن تستفيد من المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، خاصة في المرحلة التي لا تزال فيها خاضعة للسيطرة ومحدودة؟ وعلى هذه الخلفية، تسعى روسيا جاهدة لإيجاد حل لكل التحديات التي تواجهها أمام الغرب وإيران وإسرائيل، وذلك من خلال استغلال الأزمات الناشئة بين مختلف اللاعبين، بينما لا تزال أهدافها تركز على حماية نظام الأسد، وترسيخ قدرتها على استغلال رافعات النفوذ، ومكانتها الرفيعة في كل ترتيب في سوريا، وكسر عزلتها الدولية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».