إيطاليا مهددة بأزمة مالية جديدة

الاقتصاد الهش في فخ السياسات الشعبوية

يحمل لافتة كتب عليها: {أنا إيطالي فقير، ساعدوني} في أحد شوارع روما أمس (رويترز)
يحمل لافتة كتب عليها: {أنا إيطالي فقير، ساعدوني} في أحد شوارع روما أمس (رويترز)
TT

إيطاليا مهددة بأزمة مالية جديدة

يحمل لافتة كتب عليها: {أنا إيطالي فقير، ساعدوني} في أحد شوارع روما أمس (رويترز)
يحمل لافتة كتب عليها: {أنا إيطالي فقير، ساعدوني} في أحد شوارع روما أمس (رويترز)

تسببت الانتخابات الإيطالية الأخيرة في بث موجة واسعة من القلق في الأسواق، خصوصاً مع ارتفاع حدة المخاوف من التوجهات الاقتصادية المحتملة للتحالف الشعبوي الذي كان قريباً من تشكيل الحكومة الإيطالية، قبل أن تتأزم المسألة أمس... وانعكست تلك الأوضاع المضطربة –وبخاصة مخاوف الشعبوية- على الأسواق المالية. فالدولة الإيطالية الآن تدفع فوائد أعلى على ديونها، وأسهم الشركات والبنوك تنخفض أسعارها في بورصة ميلان التي فقدت معظم المكاسب التي حققتها منذ بداية العام، وارتفع تأمين مخاطر عدم السداد، وفي سوق الصرف لوحظ أثر سلبي في سعر اليورو.
ورغم فشل تشكيل الحكومة الائتلافية، وتكليف مسؤول سابق في صندوق النقد الدولي بتشكيل حكومة، فإن المتوقع عرقلة تلك الخطوة من قبل الأغلبية البرلمانية الشعبوية، ما قد يزيد الطين بلة ويضيف مزيداً من الفوضى إلى المشهد المتأزم بالفعل.
وحتى 7 مايو، كانت الأسواق مستقرة إلى نامية رغم عدم وجود حكومة منذ ظهور نتائج الانتخابات في 4 مارس (آذار) الماضي. وبالنسبة إلى الدين العام كانت الأمور مستقرة أيضاً بفعل آلية الشراء التي يمارسها البنك المركزي الأوروبي حفاظاً على الاستقرار، وكانت عوائد سندات السنوات العشر نحو 1.75% أي أعلى بنحو 125 نقطة أساس من عوائد السندات الألمانية التي تعد مرجعية للمقارنة على المستوى الأوروبي العام. وكان مؤشر بورصة ميلان عند مستوى 24.500 ألف نقطة، أي بمكاسب 12% منذ بداية العام حتى 7 مايو. ولم تكن مخاطر عدم السداد حاضرة في أذهان المستثمرين قبل 3 أسابيع، فالمستثمر الذي يحمل ديناً عاماً بمليون يورو كان يدفع 9 آلاف يورو سنوياً فقط كتأمين لتغطية 5 سنوات من مخاطر عدم السداد.
وخلال الأسابيع الثلاثة التالية، تغير المشهد كلياً. ففوائد سندات السنوات العشر ارتفعت 75 نقطة أساس الأسبوع الماضي إلى 2.5%، وبات الفارق مقارنةً بعوائد السندات الألمانية نحو 200 نقطة أساس. أما في بورصة ميلان فقد انخفض المؤشر إلى مستوى 22.500 ألف نقطة، فاقداً 8%، وعانت أسهم البنوك بالدرجة الأولى، فعلى سبيل المثال فقد سهم «يوني كريديت» نحو 14%. أما مخاطر عدم السداد فارتفعت على نحو مقلق، فمن كان يدفع 9 آلاف يورو كتأمين لدين مليون يورو، بات يدفع 16 ألف يورو سنوياً، أي بارتفاع نسبته 77% في 3 أسابيع.
وفي سوق الصرف، تأثر اليورو بما يجري، خصوصاً مع ظهور مطالبات بشطب 250 مليار يورو من الديون الإيطالية، وفتح نقاش حول خروج إيطاليا من الاتحاد الأوروبي.
إلى ذلك، ظهر في البرنامج الحكومي المبدئي إعلان نية التوسع في الإنفاق العام... وبنتيجة كل ذلك تأثر اليورو منخفضاً من 1.19 دولار في 7 مايو، إلى 1.168 دولار، أمس، أي بانخفاض نسبته نحو 2%.
وقالت مصادر مصرفية إن التحالف الشعبوي بين حزبي «رابطة الشمال» و«حركة النجوم الخمس» في إيطاليا، المعروف بمواقفه المناهضة للاتحاد الأوروبي، هو السيناريو الأسوأ بالنسبة إلى القطاع المصرفي منذ ما قبل الانتخابات التشريعية في مارس الماضي. علماً بأن القطاع البنكي الإيطالي كان بدأ التطلع بتفاؤل إلى المستقبل. وكانت مؤسسات الائتمان الرئيسية حققت نتائج إيجابية في الربع الأول من العام الحالي وذلك بفضل قطف ثمار إعادة الهيكلة التي سادت خلال السنوات الماضية.
والآن، ومع التصريحات الشعبوية والمناهضة للاتحاد الأوروبي، بدأت «فرائص المصرفيين ترتعد»، كما يؤكد مصرفيون أوروبيون. فالمصارف الإيطالية المحلية تحمل كمية كبيرة من السندات السيادية المغذية للدين العام الإيطالي، وهي بذلك حساسة جداً إزاء ارتفاع هوامش الفوائد، لا سيما بين السندات الألمانية التي تعد مرجعية أوروبية وبين السندات الإيطالية، وهذه الهوامش اتسعت في الأيام القليلة الماضية لتبلغ 200 نقطة أساس.
يُذكر أن التحالف كان قد أعلن نية العودة إلى مرحلة ما قبل اتفاقية «ماستريخت» لإعادة التفاوض على شروط الاتحاد الأوروبي التي لا تناسبه، وقد زاد من الأمر سوءاً أن الأحزاب التي كانت مرشحة للدخول في الحكومة أشارت إلى رغبتها في سحب القوانين التي تسمح للبنوك باسترداد الديون من المواطنين الإيطاليين بالقوة من دون موافقة قضائية، الأمر الذي أدى إلى تدهور أسهم البنوك الإيطالية أكثر. ويتوقع بعد ذلك أن تأخذ هذه الأحزاب المعركة إلى الاتحاد الأوروبي، حيث تنتظرها مهمة صعبة تتضمن طلب شطب الدين الإيطالي البالغة قيمته 250 بليون يورو.
ويشير المصرفيون الخائفون من التوجهات الجديدة إلى عودة إلى الوراء في خصخصة البنك التاريخي «مونتي دي باشي» لأنه البنك الرامز إلى خروج القطاع المصرفي الإيطالي من أزمته بتطبيق المعايير الأوروبية الشديدة والجديدة عليه والمنتقدة كثيراً من تحالف الحزبين، علماً بأن تلك المعايير عدّلت نسبياً للتوافق مع الخصوصيات الإيطالية مع تغاضي نسبي من بروكسل وفرانكفورت حتى تستطيع إيطاليا تعبئة موارد جديدة للبنك.
لكن التحالف يريد تغيير الاستراتيجية التي أُعدت للبنك بعد رسملته ودخول الحكومة بنسبة 68% من رأسماله، وأعلن أحد أعضاء التحالف أن الحكومة لن تتخارج من حصتها كما كان مخططاً لذلك، ولن تنفذ خطط إغلاق فروع، كما أعلنت نية تغيير في إدارته، وفي نفس يوم ذلك الإعلان الأسبوع الماضي هبط سعر سهم البنك 9%، وحذرت مصادر السوق من توجهات كهذه لأنها تهز الثقة بالبنك وتؤثر في ثقة المودعين والموارد الحكومية التي وظّفت في المصرف لإنقاذه. إلى ذلك يرغب التحالف في تمديد الآجال التي وُضعت لتغطية القروض المصرفية المتعثرة بالمخصصات اللازمة، علماً بأن البنوك الإيطالية تحمل وحدها ما نسبته 30% من الديون المشكوك نسبياً في تحصيلها.
على صعيد آخر، يعتقد التحالف أن خفضاً كبيراً للضرائب يكفي لتشجيع الاستثمار، وبالتالي رفع معدلات النمو التي يعوّل عليها لامتصاص مخاطر الديون الرديئة. وفي البرنامج أيضاً فصل صارم سيُطلب من البنوك بين الأنشطة المصرفية الأساسية والأنشطة الاستثمارية، بالإضافة إلى نية دعم قروض الشركات الصغيرة والمتوسطة وفقاً لمعايير غير تلك التي تطبقها آليات السوق المصرفية وفقاً للعرض والطلب ودرجات المخاطر.
وأكد مصرفيون عودة الهواجس التي سادت في 2011 والمخاوف من عدوى أزمات الدين الأوروبية، لأن التحالف يريد التوسع في الإنفاق، وكان لذلك أثر مباشر وفوري على فوائد السندات الإيطالية، وأصابت العدوى السندات الإسبانية والبرتغالية واليونانية التي بدأ تداولها محسوباً بعلاوة مخاطر إضافية. علماً بأن ارتفاع عوائد السندات يضغط فوراً على البنوك الإيطالية وعلى بورصة ميلان، لأن الدين العام الإيطالي معظمه محمول من مستثمرين محليين.
الأكثر أهمية أو خطورة، في رأي المصرفيين، هو الخوف من لجوء وكالات التصنيف الائتماني إلى خفض درجة إيطاليا التي هي أساساً الآن على بعد خطوتين من الدرجة المضاربية، وذلك الخوف مرده إلى إمكان حصول انعطافة اقتصادية حادة مع الحكومة الشعبوية الجديدة.



صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
TT

صربيا تحذر من عقوبات أميركية على شركة تمدها بالغاز مدعومة من روسيا

مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)
مصفاة نفط نيس جوغوبترول في بانشيفو صربيا (أ.ب)

كشف الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش أن الولايات المتحدة تخطط لفرض عقوبات على المورد الرئيسي للغاز لصربيا الذي تسيطر عليه روسيا.

وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوسيتش لهيئة الإذاعة والتلفزيون الصربية إن صربيا أُبلغت رسمياً بأن قرار العقوبات سيدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني)، لكنه لم يتلقَّ حتى الآن أي وثائق ذات صلة من الولايات المتحدة، وفق «رويترز».

تعتمد صربيا بشكل شبه كامل على الغاز الروسي الذي تتلقاه عبر خطوط الأنابيب في الدول المجاورة، ثم يتم توزيع الغاز من قبل شركة صناعة البترول الصربية (NIS)، المملوكة بحصة أغلبية لشركة احتكار النفط الحكومية الروسية «غازبروم نفت».

وقال فوسيتش إنه بعد تلقي الوثائق الرسمية، «سنتحدث إلى الأميركيين أولاً، ثم نذهب للتحدث إلى الروس» لمحاولة عكس القرار. وأضاف: «في الوقت نفسه، سنحاول الحفاظ على علاقاتنا الودية مع الروس، وعدم إفساد العلاقات مع أولئك الذين يفرضون العقوبات».

ورغم سعي صربيا رسمياً إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، فقد رفضت الانضمام إلى العقوبات الغربية ضد روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى شحنات الغاز الروسية الحاسمة.

وقال فوسيتش إنه على الرغم من التهديد بالحظر، «لست مستعداً في هذه اللحظة لمناقشة العقوبات المحتملة ضد موسكو».

وعندما سئل عما إذا كان التهديد بفرض عقوبات أميركية على صربيا قد يتغير مع وصول إدارة دونالد ترمب في يناير، قال فوسيتش: «يجب علينا أولاً الحصول على الوثائق (الرسمية)، ثم التحدث إلى الإدارة الحالية، لأننا في عجلة من أمرنا».

ويواجه الرئيس الصربي أحد أكبر التهديدات لأكثر من عقد من حكمه الاستبدادي. وقد انتشرت الاحتجاجات بين طلاب الجامعات وغيرهم في أعقاب انهيار مظلة خرسانية في محطة للسكك الحديدية في شمال البلاد الشهر الماضي، ما أسفر عن مقتل 15 شخصاً في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني). ويعتقد كثيرون في صربيا أن الفساد المستشري والمحسوبية بين المسؤولين الحكوميين أديا إلى العمل غير الدقيق في إعادة بناء المبنى، الذي كان جزءاً من مشروع سكة ​​حديدية أوسع نطاقاً مع شركات حكومية صينية.