سعت جماعة «الإخوان المسلمين» في ليبيا، أمس، إلى إقصاء القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، عن حضور المؤتمر الدولي الذي يرتب لعقده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد غدٍ في قصر الإليزيه، ويضم أبرز المسؤولين الليبيين، للتحضير لإجراء انتخابات في البلد الغارق في الفوضى منذ عام 2011.
واستغل رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري لقاءه في تونس مع السفير الهولندي لدى ليبيا إيريك ستراتينغ، مساء أول من أمس، ليعلن في بيان أن اجتماع باريس «يجب أن يكون فقط بين الأطراف السياسية المنصوص عليها في الاتفاق السياسي الليبي المبرم في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015». وأضاف أن «حفتر ليس من أطراف هذا الاتفاق ولا يعترف به، والحوار يفترض أن ينحصر بين ثلاثة أطراف، هي مجلسا الدولة والنواب وحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج».
وقال المشري، إنه تلقى دعوة من الرئيس الفرنسي لحضور لقاء باريس، مشيراً إلى أنه أبلغ الجانب الفرنسي بموقفه حول هذا الموضوع، وهو أن «الانتخابات ستكون ناجحة في حال إجراء استفتاء على الدستور؛ لأن الانتخابات من دون دستور تعني الدخول في مرحلة انتقالية رابعة ذات نتائج عكسية».
ويترأس المشري، وهو قيادي بارز في حزب «العدالة والبناء»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، المجلس الأعلى للدولة المعني بتقديم استشاراته للبرلمان بموجب اتفاق الصخيرات. وقال المشري، إن مجلس الدولة صوّت على قانون الانتخابات وأحاله إلى مجلس النواب الذي لم يصوت عليه بدوره حتى الآن.
وكانت دعوة فرنسا للمشري إحدى النقاط التي أثيرت أيضاً لدى لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا بيتينا موشايدت خلال زيارته إلى تونس؛ إذ ناقشا «أهم المستجدات في الاتفاق السياسي ومسودة الاتفاق المطروح لحل الأزمة في ليبيا».
من جانبه، أعلن السفير الهولندي فتح مكتب تمثيلي مبدئي من طرابلس، كما أبدى استعداد بلاده لاستضافة اجتماع بين الأطراف الليبية من أجل تقريب وجهات النظر، لافتاً إلى أنها سبق وأن استضافت لقاءين بين الليبيين العام الماضي.
في المقابل، تجاهل حفتر هذه التصريحات واجتمع برئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح في لقاء لافت. وقال مكتب حفتر في بيان مقتضب، إنه استقبل صالح في مقر القيادة العامة للجيش في منطقة الرجمة خارج مدينة بنغازي، على مأدبة إفطار رمضاني، من دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل.
ويعتبر هذا هو أول اجتماع علني يعقده حفتر وصالح، منذ بضعة أشهر؛ إذ جرى حديث عن فتور في العلاقات بين الطرفين من دون أسباب معلنة. ولم يشارك صالح في مراسم استقبال حفتر لدى عودته من رحلته العلاجية، كما لم يشارك في العرض العسكري الذي أقامه الجيش بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق «عملية الكرامة».
وقال مسؤول ليبي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن المصالحة بين صالح وحفتر جرت برعاية مصرية وإماراتية غير معلنة، مشيراً إلى أن هذا اللقاء «بمثابة إعادة ترتيب للأوراق السياسية قبل توجه الطرفين إلى باريس».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر فرنسي، إن اجتماع باريس الذي ترعاه الأمم المتحدة سيشارك فيه السراج وصالح وحفتر والمشري، بهدف «توفير الظروف لإيجاد مخرج للأزمة» عن طريق «تحديد إطار لمؤسسات مستدامة يعترف بها المجتمع الدولي».
ودعا الإليزيه إلى هذا المؤتمر ممثّلين عن 19 دولة معنية بالملف الليبي، وهي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وإيطاليا ودول جوار ليبيا مصر وتونس والجزائر وتشاد، إضافة إلى الإمارات وقطر والكويت وتركيا والمغرب. وسيشارك في المؤتمر أيضاً كل من الرئيس الكونغولي دنيس ساسو - نغيسو، رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي الرفيعة المستوى حول ليبيا، ورئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة.
وقال مستشار للرئاسة الفرنسية للصحافيين في إفادة: «بمجرد أن تكون لدينا خريطة الطريق تلك فسنكون قد حددنا التزامات كل الأطراف والخطوات المقبلة. ستكون مهمة السيد سلامة أكثر وضوحاً».
وتظهر مسودة خريطة طريق سياسية من 13 نقطة نشرتها وكالة «رويترز»، أمس، دعوة إلى التوحيد الفوري للبنك المركزي والالتزام بدعم تشكيل جيش وطني والموافقة على عقد مؤتمر سياسي شامل خلال ثلاثة أشهر. كما تهدد بفرض عقوبات دولية على من يعرقلون الاتفاق أو يتنازعون على نتيجة الانتخابات.
وقال دبلوماسي أوروبي: «إذا اتفق الجميع فستكون خطوة للأمام. الفكرة هي الضغط على المشاركين الأربعة مع العلم أنه... إذا طلب منهم داعموهم أن يقبلوا هذا فلن يكون أمامهم أي خيار». وقال دبلوماسي أوروبي آخر، إن «هذا صحيح جزئياً، لكن هناك أيضاً حراكاً داخلياً ليبياً يجب أخذه في الحسبان».
وسبق للرئيس الفرنسي ماكرون أن رعى في يوليو (تموز) الماضي لقاء بين السراج وحفتر قرب باريس، علماً بأن انتقادات وجهت إلى ماكرون لعدم تشاوره مع الأمم المتحدة ولا شركاء بلاده في الأمر.
وعرضت الخارجية الفرنسية الأسبوع الماضي، مبادرة على الأطراف السياسية المنبثقة عن اتفاق الصخيرات (البرلمان ومجلس الدولة والمجلس الرئاسي)، لعقد اجتماع في باريس لبحث خطة فرنسية لإنهاء الأزمة السياسية.
وفي اتصال هاتفي، أمس، اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على التنسيق والتشاور بشأن كيفية تحريك المسار السياسي الليبي من خلال مؤتمر باريس. وقال الناطق باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، إن ماكرون «أشاد بالجهود الحثيثة التي تبذلها مصر لاستعادة الاستقرار في ليبيا وتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية»، فيما أكد السيسي «عزم مصر على الاستمرار في دعم جهود التسوية السياسية في ليبيا، مؤكداً أهمية الإعداد الجيد للانتخابات الليبية المقبلة وعقدها خلال العام الحالي».
ليبيا: «الإخوان» يطالبون باستبعاد حفتر من قمة باريس
مصالحة مفاجئة بين قائد الجيش ورئيس البرلمان على إفطار رمضاني
ليبيا: «الإخوان» يطالبون باستبعاد حفتر من قمة باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة