مطالب الكتل تسابق مشاورات الحكومة... وتعويل على تخطيها بغياب {العقد}

خوري لـ«الشرق الأوسط»: البيان الوزاري سيبقى كما هو

الدكتور غطاس خوري
الدكتور غطاس خوري
TT

مطالب الكتل تسابق مشاورات الحكومة... وتعويل على تخطيها بغياب {العقد}

الدكتور غطاس خوري
الدكتور غطاس خوري

تكاد الأطراف اللبنانية تجمع على أهمية الإسراع بتشكيل الحكومة في ظل السباق الإقليمي الحاصل نحو التصعيد. لكن هذه الإيجابية المعلنة يرافقها أيضاً سباق على الوزارات قد تشكل بعض العقد أمام رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري. وهذه العقد تتمحور حول توزيع الحصص الوزارية بين الكتل، إلى أن يحين وقت الوصول إلى البيان الوزاري الذي لطالما شكّل محور خلاف، وتحديداً حول «سلاح حزب الله». وكان الخيار قد رسا في صيغته الأخيرة على اعتماد صيغة تنص على «حق المواطنين اللبنانيين بالمقاومة»، وهو ما يبدو أنه سيبقى معتمداً في الحكومة المقبلة.
أبرز العقد تتمثل بتلك المتعلقة بتوزيع الحصص المسيحية، وبعدها الحصص الدرزية السنية بعدما بات هناك عشرة نواب سنة، خارج «تيار المستقبل»، موزعين إما بين المستقلين أو في صفوف كتل أخرى. في المقابل، يبدو الاتفاق بين «الثنائي الشيعي» ساري المفعول في الحكومة كما في الانتخابات رغم رفع «حزب الله» سقف مطالبه.
أما فيما يتعلق بالبيان الوزاري، فيجمع كل من وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال ومستشار الحريري الدكتور غطاس خوري ومصادر وزارية في «التيار الوطني الحر» على أن التوجه هو للإبقاء على الصيغة الحالية، وهو ما يرفضه مسؤول الإعلام والتواصل في «حزب القوات» شارل جبور الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الصيغة الحالية تعني الفوضى في استخدام السلاح وسنعمل لتعديل الفقرة المتعلقة بحق المواطنين بالمقاومة لتصبح حق الدولة في مواجهة أي اعتداء، وبخاصة أن (حزب الله) شريك في الدولة والحكومة». ولقد أوضح خوري لـ«الشرق الأوسط» أن البيان الوزاري لن يكون مشكلة أمام تأليف الحكومة والتوجه هو للإبقاء على الصيغة السابقة مع التأكيد على سياسية النأي بالنفس وما أكد عليه الحريري بعد عودته عن استقالته».
أما على خط المطالب الوزارية، ففي حين تضع المصادر الوزارية رفع سقوف الكتل في خانة «طلب المستحيل للحصول على الممكن»، يصفها خوري بالعقد المطلبية وليست السياسية، وبالتالي فهي قابلة للحل، وتذليلها يتطلب مقاربتها بعقلانية من مختلف الأطراف.
واعتبر خوري أنه «من المستحيل تلبية كل الطلبات، ولكن سيجد كل من الحريري ورئيس الجمهورية توازناً مقبولاً من الجميع». وحول توزيع الوزراء السنة، ذكر أنه «في النهاية، الحريري هو الممثل الوازن لهذه الطائفة، ومن الطبيعي أن يحصل على الحصة الوازنة». وكان الحريري كان قد أعلن بعد لقائه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي أنه لا مشكلة أن يتمثل أفرقاء آخرون من السنة في الحكومة، متمنياً أن تتطور العلاقة بين الطرفين، وهو ما أكدت عليه مصادر «كتلة الوسط المستقل» الذي يرأسها ميقاتي، مؤكدة أن اللقاء الأخيرة يبنى عليه إيجابياً للمرحلة المقبلة.
من ناحية ثانية، وبينما يؤكد خوري أن سبب التفاؤل حول سرعة التأليف «هو غياب الخلافات السياسية التي كانت تعيق في السابق مسار التشكيل، وهذا ما عكسته تسمية الحريري من قبل معظم الكتل». فمن جانبها، تقول المصادر الوزارية إن «الكل متفق على أهمية الإسراع، إضافة إلى تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف على أنها ستكون حكومة جامعة». وتوضح هذه المصادر «الحكومة الجامعة يعني أنها تضم أكبر الكتل وأبرزها، وإلا بات علينا الذهاب إلى حكومة من أربعين وزيراً، وهذا مستحيل»، مرجحة أن تتألف من 30 وزيراً، وقد تصل إلى 32 في حدها الأقصى.
في المقابل، يرى جبور أن التوزيع الوزاري المسيحي قد يشكل عقدة أمام التأليف، مؤكداً أن حزب «القوات» الذي ضاعف عدد نواب كتلته في الانتخابات النيابية من 8 إلى 15 نائباً لن يتنازل عن مطلب المساواة مع حصة «التيار»، وهو ما نص عليه اتفاق التسوية الرئاسية بين الطرفين»، لافتاً إلى أنه لا يجب أن تكون أقل من موقع نائب رئيس الحكومة وحقيبة سيادية. ويشرح لـ«الشرق الأوسط» أن عقدة الوزارات المسيحية مردها إلى أن وزير الخارجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل.
ويضيف أن باسيل «يريد تمثيلاً أحادياً، من جهة عبر التمييز بين حصة (التيار) وحصة رئيس الجمهورية الوزارية وهو ما ليس منطقياً، وبخاصة أن الكتلة النيابية محسوبة على الرئيس على عكس الرؤساء السابقين الذين لم يملكوا كتلة نيابية، ومن جهة أخرى أتى أخيراً الباسيليون ليقولوا لنا إن الرئيس هو من يسمي نائب رئيس الحكومة الذي يتولى منصبه اليوم غسان حاصباني المحسوب على «القوات» وهو للطائفة الأرثوذكسية، محاولين الحصول على كل شيء ليبقوا الفتات لغيرهم، وهو ما لم ولن نقبل به، وبخاصة بعدما عكست الانتخابات ثنائية واضحة في التمثيل المسيحي».
ولا يختلف الوضع كثيراً على خط الطائفة الدرزية، حيث قال مفوض الإعلام في «الحزب التقدمي الاشتراكي» رامي الريس «الطريق إلى مجلس الوزراء لا يمر باستيلاد الكتل البرلمانية الهجينة...»، وأوضح الريس لـ«الشرق الأوسط»، أن المقصود في هذا الأمر هو رئيس «الحزب الديمقراطي اللبناني» الوزير في حكومة تصريف الأعمال طلال أرسلان الذي أعلن بالاتفاق مع وزير الخارجية جبران باسيل تشكيل كتلة برئاسته من أربعة نواب، ثلاثة منهم، محسوبون على «التيار» يهدف للحصول على مقعد وزاري.
ويؤكد الريّس «لن يكون هناك أي تساهل في مسألة التمثيل الدرزي التي نتمسك بأن تكون من حصة الاشتراكي».
جدير بالذكر، أن الدستور اللبناني لم ينص على كيفية توزيع الوزارات إنما يفترض وفق الأعراف، أن تراعي مبدأ المثالثة بين المذاهب الثلاثة الكبرى، بحيث تتساوى حصص الموارنة والشيعة والسنة التي تتوزع عليها أيضا الوزارات السيادية، أي الدفاع والداخلية والمال والخارجية، إضافة إلى الطائفة الأرثوذكسية، وترجح مصادر متابعة أن يبقى التوزيع الحالي لـ«السيادية» على الأحزاب كما هو الآن في الحكومة المقبلة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».