أنهت لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي، أمس، مناقشة مشروع قانون يتعلق بالتصريح بالممتلكات والمصالح، ومكافحة الإثراء غير المشروع، وتضارب المصالح بالقطاع العام، وذلك بعد أن تم تأجيل الحسم فيه خلال جلسات برلمانية سابقة. ومن المنتظر عقد جلسة خلال الأسبوع المقبل للمصادقة على تقريرها حول مشروع هذا القانون، في انتظار التصويت عليه من قبل النواب.
ويفرض مشروع القانون الجديد، الخاص بالتكسب غير المشروع، على الأشخاص الواردة أسماؤهم ضمن القوائم المحددة تقديم تصريح بالممتلكات كل 3 سنوات. وفي حال ثبوت أي شبهة، تحال ملفاتهم على القضاء للبت فيها.
وكانت الحكومة التونسية، وحزب التيار الديمقراطي، وحركة النهضة، وحزب النداء، قد قدموا مبادرات برلمانية حول التصريح بالمكاسب، ومكافحة الإثراء غير المشروع، وتضارب المصالح في القطاع العام، لكن لم يتم الحسم في القرار.
ويفرض القانون الجديد على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وأعضائها ونواب البرلمان، ونحو 50 ألف موظف من كبار أطر الدولة، التصريح بممتلكاتهم بهدف مراقبة الإثراء غير المشروع، ومكافحة تضارب المصالح في القطاع العام.
وعلى صعيد غير متصل، تدخلت اللجنة الدولية للحقوقيين، التي يوجد مقرها في مدينة جنيف السويسرية، لمساندة هيئة الحقيقة والكرامة، التي ترأسها الحقوقية سهام بن سدرين، في «معركتها» القانونية مع الحكومة والبرلمان، اللذين طلبا منها إنهاء أنشطتها مع نهاية الشهر الحالي.
ودعت هذه اللجنة الدولية البرلمان التونسي إلى إلغاء قراره المتعلق بإنهاء مهام هيئة الحقيقة والكرامة في 31 من مايو (أيار) الحالي، وتمكينها من إنهاء تحقيقاتها المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي جرت بين 1955 و2013، ومن ثمة إحالة القضايا إلى الدوائر القضائية المتخصصة.
وأوضحت اللجنة الدولية أن البرلمان التونسي، الذي اتخذ قراراً بإنهاء مهام هذه الهيئة الدستورية المكلفة بملفات العدالة الانتقالية، لم يتخذ أي إجراءات عملية لمعالجة التبعات القانونية لقراره الصادر في 26 من مارس (آذار) الماضي، ولم يتناول كيفية التعامل مع التحقيقات التي لم تتمكن الهيئة من إنهائها، والجهة التي ستتولى إحالة التحقيقات الأخرى إلى الدوائر الجنائية المختصة، وكيفية الحفاظ على الأدلة وحمايتها، وأرشفة المستندات والوثائق، علاوة على مآل التقرير النهائي، إذا لم تنته هيئة الحقيقة والكرامة من صياغته في الوقت المحدد.
وتلقت هيئة الحقيقة والكرامة نحو 62 ألف ملف يتعلق بانتهاك حقوق الإنسان خلال فترة نشاطها، لكنها لم تُحل سوى عدد قليل منها على الدوائر القضائية المختصة، كما عقدت عدة جلسات استماع علنية لضحايا انتهاكات حدثت إبان نظام الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
واعتبرت اللجنة الدولية للحقوقيين أن قرار إنهاء مهامها في الوقت الراهن ينكر حقوق الضحايا والمجتمع في معرفة الحقيقة، بما في ذلك الظروف والأسباب التي أدت إلى عقود من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ولاحظت أن «القرار يتعارض مع جميع التزامات تونس في إثبات حقيقة انتهاكات حقوق الإنسان السابقة، ومحاسبة المسؤولين عنها، وتوفير سبل الإنصاف وجبر الضرر للضحايا».
وعرف ملف انتهاكات حقوق الإنسان في تونس تعقيدات متواصلة، أرغمت مجلس هيئة الحقيقة والكرامة على اتخاذ قرار بمواصلة أنشطته حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل، غير أن عدة أطراف سياسية وحكومية لم توافق على التمديد، وعرضت الموضوع على التصويت تحت قبة البرلمان، الذي صوت لفائدة إنهاء أعمال الهيئة، وهو ما رفضته رئيستها سهام بن سدرين، التي دعمت موقفها بفضل قرار المحكمة الإدارية، المختصة في ملفات تجاوز السلطة وخرق القانون، والتي أقرت بقانونية مواصلة الهيئة لأنشطتها.
وكانت بن سدرين قد أكدت في مؤتمر صحافي عقدته أن الهيئة ستواصل أعمالها حتى نهاية السنة الحالية، وأنه لا يوجد لديها أي «قرار لإنهاء أعمالها بشكل مبتور»، موضحة أن نسق إعداد التقرير الختامي يتقدم بنسق «جد»، على حد تعبيرها.
تونس: البرلمان يناقش قانوناً لمكافحة الإثراء غير المشروع
تونس: البرلمان يناقش قانوناً لمكافحة الإثراء غير المشروع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة