قواعد أوروبية جديدة لمكافحة الاحتيال الضريبي

TT

قواعد أوروبية جديدة لمكافحة الاحتيال الضريبي

اختتمت في بروكسل، أمس، اجتماعات وزراء المال والاقتصاد، التي انطلقت بعد ظهر الخميس على مستوى وزراء منطقة اليورو، ثم توسَّعَت لتشمل كل الدول الأعضاء في التكتل الأوروبي الموحد.
وفي ختام الاجتماع جرى الإعلان عن اعتماد مجلس وزراء المال والاقتصاد عدة قرارات تتعلق بمكافحة الاحتيال الضريبي، وقال بيان للمجلس الوزاري في بروكسل إن الوزراء وافقوا على معايير موحدة بشأن الإدارة الجيدة للضرائب، على أن تدرج هذه المعايير في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع الدول الأخرى من خارج الاتحاد.
وأكد البيان على الحاجة إلى منع الاحتيال الضريبي عبر الحدود والتهرب الضريبي وكذلك غسل الأموال والفساد وتمويل الإرهاب، معتبراً أن المعايير الجديدة تعكس التطورات التي جرت على المعايير الضريبية الدولية منذ 2008.
وفي الإطار ذاته، اعتمد الوزراء قواعد تهدف إلى تعزيز الشفافية لمنع خطط التهرب الضريبي للشركات عبر الحدود، وتتضمن القواعد الجديدة إلزام وسطاء مثل المستشار الضريبي والمحاسب والمحامي الذين يقومون بتصميم أو تعزيز خطط تتعلق بالتخطيط الضريبي بالإبلاغ عن الخطط المتعلقة بالتخطيط الضريبي، وسيتم تبادل المعلومات الواردة تلقائياً من خلال قاعدة بيانات مركزية وفرض العقوبات على الوسطاء الذين لا يلتزمون بهذا الأمر. وقال فلايسلاف غورانوف، وزير المالية البلغاري الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية الحالية للاتحاد، إن القواعد الجديدة تشكل جزءاً رئيسياً من الاستراتيجية الأوروبية لمكافحة محاولات التهرب الضريبي، مؤكداً أنه بوجود قدر أكبر من الشفافية سيتم الكشف عن المخاطر في مرحلة مبكرة، كما أن التدابير الجديدة سوف تسهم في إغلاق بعض الثغرات فيما يتعلق بمراقبة فقدان الإيرادات. وحسب المجلس الوزاري الأوروبي في بروكسل حصلت الدول الأعضاء على مهلة حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي لتحويل القواعد الجديدة لمكافحة الاحتيال الضريبي إلى قوانين ولوائح وطنية.
جدير بالذكر أن الفترة الماضية شهدت تحرك أوروبياً في إطار مواجهة ما يُعرف بالملاذات الضريبية، ويرى الاتحاد الأوروبي أن وضع لائحة سوداء بالدول التي تشكل ملاذات مالية أمر أثبت فائدته، إذ باتت جميع الدول تسعى لإصلاح سياساتها المالية. وقال وزير المالية البلغاري، فلاديسلاف غورانوف، في هذا السياق: «نسعى لتأمين إدارة اقتصادية جيدة على مستوى العالم».
وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر نهاية العام الماضي وضع لائحة سوداء بالملاذات المالية في سعيه لمحاربة التهرب الضريبي على مستوى العالم، الذي يحرم خزائن القارة من المليارات.
وتعرَّضت المؤسسات الأوروبية في ذلك الحين لكثير من الانتقادات بسبب عدم إدراج أي دولة عضو في الاتحاد على القائمة السوداء، مثل لوكسمبورغ، التي يعرف الجميع أنها تُشكل ملاذاً ضريبياً لكثير من الشركات المتعددة الجنسيات.
من جهة أخرى، أجريت جلسة حوار اقتصادي ومالي بين رئاسة الاتحاد الأوروبي وكل من تركيا ودول في غرب البلقان، حيث جرى تقييم تعزيز الأطر المالية، للمساهمة في التقارب الاقتصادي، وذلك في إطار الحوار السنوي حول السياسة الاقتصادية. وجرى استعراض وتوضيح برامج الإصلاح الاقتصادي والمالي لعام 2018 في تركيا وغرب البلقان، وكذلك الإصلاحات الهيكلية التي تؤثر على مجالات أخرى، مثل سوق العمل والتعليم والطاقة والابتكار، وذلك بهدف تعزيز القدرة التنافسية والنمو على المدى الطويل. كما جرى إحاطة المشاركين علماً بقرارات المجلس الوزاري الأوروبي في 23 مارس (آذار)، التي أكدت على أن المجلس الأوروبي ينوي التوسع في الحوار حول الإدارة الاقتصادية مع تركيا وغرب البلقان، بهدف إعداد البلدين لمشاركتهم المستقبلية في الاقتصاد الأوروبي وتنسيق السياسات.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.