جوزيبي كونتي: «السائر على حبل مشدود». هكذا وصفته إحدى الصحف الرئيسية، بعدما أسند إليه الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا مهمة تشكيل حكومة ائتلافية تنقذ حالة الشلل السياسي التي تعصف في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو منذ الانتخابات التشريعية التي نظمت في مارس (آذار) الماضي ولم تأت نتيجتها حاسمة. محاولة كونتي الحفاظ على توازن مقبول في تشكيلة حكومته لن تكون سهلة، إلا أن هذه الخطوة، التي قد تجنب البلاد العودة إلى صناديق الاقتراع، أعطت الإيطاليين متنفسا وعبروا عن ارتياحهم لها. وبدا أن معظم الإيطاليين يرغبون في منح الحكومة الجديدة فرصة لكن العناوين الرئيسية للصحف أجمعت في شكوكها حول هذا التحالف الدقيق. وقال محللون سياسيون لوكالة رويترز إن كونتي يواجه مهمة شاقة لا سيما أن حكومته تفتقر إلى الخبرة وقد تواجه الكثير من ضغوط السوق.
وقال كونتي، وهو أستاذ قانون من فلورنسا وغير معروف على الساحة السياسية، إنه سيحتاج إلى بضعة أيام لإعداد التشكيل الوزاري لحكومته التي ستدعمها حركة (5-نجوم) الشعبوية وحزب «رابطة الشمال» اليميني. وقال كونتي المنتمي لحركة خمس نجوم، إنه سيعرض تشكيلته الحكومية في غضون «الأيام القليلة القادمة». وذكرت وسائل إعلام إيطالية إن زعيم حزب الرابطة ماتيو سالفيني سيتولى حقيبة وزارة الداخلية، فيما ستسند إلى زعيم حركة خمس نجوم لويجي دي مايو (أيار) وزارة التنمية الاقتصادية. وتحتاج التشكيلة الحكومية لموافقة ماتاريلا قبل طرحها في البرلمان.
الرئيس الإيطالي ماتاريلا منح الأربعاء كونتي تفويضا لتولي أول حكومة في إيطاليا تتألف من أحزاب مناهضة للمؤسسات ومن اليمين المتطرف تعهدت بتغيير الاتحاد الأوروبي. وقال كونتي للصحافيين مساء الأربعاء بعد اجتماع استمر ساعتين تقريبا مع الرئيس ماتاريلا «كلفني رئيس الجمهورية مهمة تشكيل حكومة». موقف أحزاب التشكيلة الائتلافية المشكك بالمعاهدات الأوروبية والمعادي للهجرة أثار قلق مسؤولين أوروبيين كبار.
وقال المفوض الأوروبي للشؤون الخارجية بيار موسكوفيسي الخميس أن دعوة كونتي للتحاور «مؤشر جيد». وأوضح في حديث لإذاعة فرانس انفو «حقيقة أن يقول رئيس الحكومة أريد التحاور مع المؤسسات ينبغي أن تعتبر مؤشرا جيدا إلى حد ما».
وكانت حركة (5 - نجوم) وحزب الرابطة أبلغتا ماتاريلا يوم الاثنين (21 مايو/ أيار) برغبتهما في أن يصبح كونتي رئيسا للوزراء. ولم يقبل الرئيس بهذه التوصية على الفور وقرر أن يأخذ الوقت المناسب وسط مخاوف بشأن افتقار كونتي للخبرة وأقاويل بأنه ضخّم من مؤهلاته الأكاديمية في مسعى لتعزيز وضعه على الساحة الدولية.
وسعى كونتي البالغ 53 عاما إلى تبني لهجة تصالحية تجاه أوروبا في حديثه للصحافيين في قصر كويرينالي الرئاسي. وقال المحامي الذي يصف نفسه بـ«محامي الشعب» بأنني «أدرك ضرورة تأكيد موقع إيطاليا في أوروبا والعالم». وتابع: «أنوي تشكيل حكومة تكون إلى جانب المواطنين وتضمن مصالحهم. أستعد الآن للدفاع عن مصالح جميع الإيطاليين أمام كل الهيئات الأوروبية والدولية عبر التحاور مع المؤسسات الأوروبية وممثلي الدول الأخرى. أريد أن أكون المحامي الذي يدافع عن الشعب الإيطالي». وكانت تقارير قد ذكرت بأن ماتاريلا قلق إزاء خطط للحزبين اختيار باولو سافونا، المشكك بالاتحاد الأوروبي وزيرا للاقتصاد. ويقول دي مايو وسالفيني إن تلك الإجراءات ستحفز النمو الاقتصادي.
وكان مسؤولون في الاتحاد الأوروبي قد أعربوا عن القلق من أن تتسبب إيطاليا بأزمة جديدة في منطقة اليورو برفضها الالتزام بأهداف الدين والأنفاق العام التي حددتها بروكسل. وقال موسكوفيسي الأربعاء أنه على إيطاليا أن تقدم حلولا «ذات مصداقية» بشأن دينها العام، الثاني في منطقة اليورو بعد اليونان. ويتضمن برنامج الحكومة أيضا خططا لتسريع عمليات طرد مهاجرين غير شرعيين والتصدي للتهريب.
ووصل نحو 700 ألف شخص إلى إيطاليا منذ تفجر أزمة الهجرة في 2013. وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر للصحافيين في بروكسل «نحكم على الحكومات كحكومات، ليس على أساس ما تعلنه بل ما ستفعله. لكننا نبقى متيقظين لضمان حقوق الأفارقة الموجودين في إيطاليا.
فور إعلان الحزبين عن اختيار كونتي لمنصب رئاسة الحكومة الاثنين، واجه كونتي فضيحة بسبب نشر سيرة ذاتية أشار فيها إلى متابعته دراسات في بعض أعرق الجامعات في العالم. ويقول كونتي في سيرة ذاتية نشرت على موقع لنقابة محامين إنه «أجرى أبحاثا قانونية» في جامعة ييل ونيويورك ودوكين والسوربون وكامبريدج.
لكن جامعة نيويورك قالت لوكالة الصحافة الفرنسية إن سجلاتها «لا تشير إلى وجود جوزيبي كونتي في الجامعة كطالب أو في هيئة التدريس». وقالت الجامعة إنها حصلت على الإذن لتفتيش السجلات القانونية للمؤسسة بين 2008 و2014.
ومن جهتها قالت جامعة دوكين في بيتسبرغ لوكالة الصحافة الفرنسية إنها استقبلت كونتي في إطار برنامج تبادل مع جامعته في روما، فيا نازاريت، وأنه أجرى أبحاثا قانونية «لكنه لم يسجل كطالب». ولم يعلق كونتي علنا على الموضوع، لكنه تلقى دعما قويا من سالفيني ودي مايو بشكل خاص. وقال دي مايو «نتمنى التوفيق لجوزيبي كونتي» مضيفا: «لم يكن التغيير أقرب مما هو عليه الآن».
إيطاليا تتنفس الصعداء مع قرب انتهاء حالة الجمود السياسي
رئيس الوزراء المكلف كمن «يسير على حبل مشدود» في التشكيلة الائتلافية
إيطاليا تتنفس الصعداء مع قرب انتهاء حالة الجمود السياسي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة