الجزائر تستنكر «الإساءة إليها» في أزمة ترحيل المهاجرين

مفوضية حقوق الإنسان قالت إن ظروف احتجازهم «مهينة وغير إنسانية»

TT

الجزائر تستنكر «الإساءة إليها» في أزمة ترحيل المهاجرين

تلقت الجزائر باستياء بالغ ملاحظات توصلت بها من مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ومن تنظيمات حقوقية غير حكومية، بخصوص ظروف الترحيل الجماعي للمهاجرين السريين. وقالت وزارة خارجيتها، إنها «تتعرض منذ أسابيع لحملة غير بريئة، تهدف إلى تشويه صورتها والإساءة إلى علاقاتها مع جيرانها».
وأصدرت الخارجية أمس بياناً شديد اللهجة، تحدث عن «حملة تقودها بعض المنظمات غير الحكومية التي تتهمنا زوراً بالإخلال بتعهداتنا الدولية في مجال التضامن، وحسن الضيافة حيال المهاجرين، الذين ينحدرون من جنوب الصحراء». ولم يأت البيان على ذكر موقف مفوضية حقوق الإنسان الأممية، التي غالباً ما تكون ملاحظاتها مبنية على تقارير ذات مصداقية.
ومما جاء في البيان، أن «الحملة تحاول ضرب علاقات الجزائر مع جيرانها (مالي والنيجر أساساً)، القائمة على الأخوة والاحترام المتبادل والتضامن والمصير المشترك». موضحاً أن الجزائر «طرف في الآليات الرئيسية الدولية والإقليمية الخاصة بحقوق الإنسان، وهي لم تكتف بالالتزام بتعهداتها الدولية في المجال، والمنصوص عليها في دستورها، وإنما وفّرت أيضاً قوانين تحمي مواطنيها، والرعايا الأجانب فوق أرضها من كل أشكال التمييز، وهي تحمي أيضاً أملاكهم».
وأضاف البيان: إن الجزائر «كان دائماً أرض لجوء، وحضناً لكل الذين يشعرون بأنهم مهددون في سلامتهم الجسدية ببلدانهم، وستبقى وفية لتقاليد الحفاوة والكرم، التي تضرب بجذورها في التاريخ، والتي يتمسك بها شعبها الذي عاش خلال فترة الاستعمار التهجير والحرمان من التمتع بأملاكه، وتم استهدافه في ثقافته».
وفيما يشبه تبرير حملات ترحيل المهاجرين، ذكرت الخارجية، أن الجزائر «واجهت في السنوات الأخيرة، على غرار كل بلدان العالم، ظاهرة الهجرة غير الشرعية بشكل غير مسبوق. وقد تعاملت معها في إطار القانون والتزاماتها الدولية، فاتخذت تدابير بهدف ضمان أمن ورفاهية المواطنين الجزائريين، والرعايا الأجانب الموجودين فوق أرضها، على حد سواء». وتابعت موضحة أن الإجراءات المتخذة «تمثلت في نقل أعداد من المهاجرين السريين إلى الحدود (الجنوبية)، وتم ذلك في إطار احترام كرامتهم وحقوقهم وبالتنسيق مع الدول التي ينحدرون منها».
وبحسب بيان الخارجية، فإن «الحل الأمثل للهجرة غير القانونية هو معالجة المشكلات، التي تتسبب في مغادرة مئات الرجال والنساء والأطفال بلدانهم، ومحاربة شبكات تهجير الأشخاص، التي تستغل معاناتهم وتتاجر بهم. وعلى هذا أساس، ينتظر انخراط المنظمات غير الحكومية في هذا المسعى».
يشار إلى أن الجمعيات الحقوقية المستقلة، التي تقصدها الحكومة ضمنياً بانتقاداتها: «العفو الدولية» ومكتبها في الجزائر، و«الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، التي كانت علاقتها بالسلطات دائماً متوترة.
ومن الصعب تفادي إحداث ربط بين حدة لهجة الخارجية الجزائرية، وملاحظات أوردتها مفوضية حقوق الإنسان الأممية السامية حول قضية الهجرة بالجزائر، بالنظر إلى تقارب تاريخَي صدورهما.
وكانت رافينا شامدساني، المتحدثة باسم مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، قد دعت الثلاثاء الماضي حكومة الجزائر إلى «الامتناع عن طرد المهاجرين طرداً جماعياً، ولا سيما الوافدين من بلدان جنوب الصحراء الكبرى. وفي حين أنه من الصعب جداً الحصول على أرقام دقيقة، فمن المرجح أن يكون عدد الأشخاص المطرودين قد تخطّى الآلاف».
وقالت شامدساني، إن فريقاً من خبراء الأمم المتحدة المعنيين بحقوق الإنسان زاروا خلال هذا الشهر مناطق نيامي وأغاديس وأرليت، التي تقع في النيجر، وأجروا مقابلات مع 25 مهاجراً طردوا من الجزائر في الأشهر الأخيرة، وقد تحدّثوا، حسبها، إلى أشخاص آخرين يعيشون الوضع ذاته «فأخبروهم أن السلطات الجزائرية غالباً ما تقوم بدوريات أمنية في مختلف أنحاء البلاد، تستهدف المهاجرين من بلدان جنوب الصحراء الأفريقية الكبرى. وأفيد بأن مداهمات الشرطة طالت مواقع البناء في الجزائر العاصمة، بالإضافة إلى الأحياء المعروف أنها تأوي مهاجرين. كما أشار عدد آخر من الأشخاص إلى أنهم احتجِزوا بعد اعتقالهم في الشارع». ونقلت المسؤولة نفسها عن «تقارير» أن «شروط الاحتجاز لاإنسانيّة ومهينة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».