قوات النظام إلى الجنوب السوري... وإعادة تموضع للميليشيات الإيرانية

موسكو تطلق تحذيرات متتالية لـ«النصرة» في درعا

ميليشيات «زينبيون» الباكستانية الموالية لإيران قرب دمشق عام 2015 (رويترز)
ميليشيات «زينبيون» الباكستانية الموالية لإيران قرب دمشق عام 2015 (رويترز)
TT

قوات النظام إلى الجنوب السوري... وإعادة تموضع للميليشيات الإيرانية

ميليشيات «زينبيون» الباكستانية الموالية لإيران قرب دمشق عام 2015 (رويترز)
ميليشيات «زينبيون» الباكستانية الموالية لإيران قرب دمشق عام 2015 (رويترز)

تتجه الأنظار إلى الجنوب السوري بعد استعادة قوات النظام وحلفائها كامل محافظة دمشق وريفها، باستثناء منطقة التنف الواقعة تحت سيطرة قوات التحالف الدولي، عند الحدود السورية – العراقية. فبعد التداول بمعلومات عن انسحاب قوات مرتبطة بإيران من بعض مناطق محافظة درعا جنوبي سوريا، باتجاه القطع العسكرية التابعة للنظام بأقصى شمال المحافظة وإلى العاصمة دمشق، تبين أنها مجرد عملية «إعادة تموضع»، وأفيد يوم أمس عن حركة لافتة لقوات النظام في ريف درعا بالتزامن مع تصاعد التهديدات الروسية لعناصر «جبهة النصرة» في المنطقة.
ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان «حركة مكثفة» للآليات العسكرية التابعة لقوات النظام والمسلحين الموالين لها يوم أمس الأربعاء في القطاع الشمالي من ريف درعا، ونقل عن مصادر متقاطعة أن «التحرك ناجم عن عودة قوات النظام والمسلحين الموالين لها، من جبهات القتال في جنوب العاصمة دمشق». وتزامن ذلك مع ما نقلته وسائل إعلام مقربة من النظام السوري عن فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري عن أن «الجيش قد يتجه صوب الشمال أو الجنوب بعد أن سحق المتشددين في مجموعة من الجيوب حول العاصمة دمشق»، لافتا إلى أنه «بعد القضاء على الخطر الإرهابي المباشر على دمشق فالباب مفتوح للتوجه صوب الشمال أو الجنوب».
وتقاطعت كل التصريحات والمعلومات السابقة مع ما نقلته «القناة الرسمية لقاعدة حميميم العسكرية» عن الناطق باسمها أليكسندر إيفانوف، وقوله إن «انتهاء اتفاقية خفض التصعيد في مدينة درعا جنوبي البلاد سيكون حتميا في ظل استمرار وجود متطرفين ينتمون لتنظيمي داعش وجبهة النصرة الإرهابيين». ويأتي موقف إيفانوف هذا بعد توجيه القاعدة نفسها تحذيرا أول من أمس الثلاثاء، لـ«النصرة»، يقول: «على تنظيم جبهة النصرة الإرهابية في مقاطعة درعا الخروج من المنطقة أو التحضر للمواجهة العسكرية المحتومة».
ولكن ورغم كل المؤشرات التي قد توحي بتطورات عسكرية مقبلة في الجنوب السوري، يستبعد الناطق باسم وفد المعارضة في «آستانة» أيمن العاسمي ومدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر، تماما أن يكون هناك توجه لتغيير قواعد الاشتباك في الجنوب السوري، ويعتبران أن أي تعديل قد يطرأ في هذا المجال يهدد بحرب شاملة في المنطقة.
ويؤكد العاسمي أنه وفي الاجتماع الأخير الذي عُقد في آستانة، كان الروس واضحين تماما لجهة تأكيدهم أن الأمور تتجه إلى التهدئة سواء في الجنوب أو في الشمال السوري، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اهتمام موسكو الأساسي يتركز في المرحلة الحالية على فتح المعبر مع الأردن، بعدما تبين لها أن لا قيمة للمناطق التي تحتلها القوات الروسية في حال لم تبسط سيطرتها على أحد المعابر البرية». من جهته، يشدد نادر على أنه «لا إمكانية على الإطلاق في الوقت الحاضر بتخطي القوات السورية أو الإيرانية حدود درعا، لأن ذلك سيزعزع قواعد الاشتباك القائمة ويمهد لحرب مباشرة مع إسرائيل، وبالتالي لانفجار واسع في المنطقة»، ويعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن النظام وحلفاءه بسطوا تقريبا كامل سيطرتهم على «سوريا المفيدة»، «وهم سينتقلون على الأرجح بعد انتهاء معركة دمشق وريفها لثبيت مواقعهم في الوسط والبادية، انطلاقا من البوكمال لتي تعتبرها إيران ذات أهمية قصوى لأنها تشكل الجسر البري الذي تتمسك به كما خط أنابيب النفط في المستقبل». وينفي العاسمي كل ما تردد مؤخرا عن انسحاب القوات الإيرانية من درعا، مشددا على أن ما يحصل هو «إعادة تموضع» لهذه القوات تندرج بإطار «المناورة والتمويه» لتجنب المزيد من الضربات الإسرائيلية، مذكرا بأن الاتفاق مع طهران كان يقضي بوجود قواتها على بُعد 40 كلم من الحدود الأردنية والإسرائيلية، لكنها اليوم لا تبعد إلا 7 كلم عن حدود الأردن، باعتبار أن عناصر «لواء فاطميون» يتمركزون في نادي الضباط داخل مدينة درعا.
وكانت وكالة «الأناضول» التركية، قد نقلت عن مصادر مطلعة، أن قوات مرتبطة بإيران انسحبت من بعض مناطق محافظة درعا جنوبي سوريا، باتجاه القطع العسكرية التابعة للنظام بأقصى شمال المحافظة وإلى العاصمة دمشق، لافتة إلى أن جزءا من عناصر «حزب الله» انسحبوا من أحياء مدينة درعا وبلدتي عتمان وخربة غزالة المجاورتين للأوتوستراد الدولي الرابط بين العاصمتين السورية دمشق والأردنية عمان.
وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة التي تسجل في الجنوب السوري ودرعا، هي لقوات النظام، نافيا أن تكون هناك انسحابات تنفذها الميليشيات الإيرانية.
ونشر المرصد السوري لحقوق الإنسان لحقوق الإنسان، يوم أمس، نقلا عن مصادر وصفها بـ«الموثوقة»، أن أعداد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها من جنسيات لبنانية وعراقية وأفغانية وإيرانية وآسيوية، يقدر بأكثر من 32 ألف مقاتل غير سوري، لافتا إلى أن ما لا يقل عن 7806 من العناصر غير السوريين ومعظمهم من الطائفة الشيعية من المنضوين تحت راية الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة لها من أفغان وعراقيين وآسيويين، قتلوا منذ العام 2011، بالإضافة إلى 1649 على الأقل من عناصر «حزب الله».
كذلك وثّق المرصد مقتل أكثر من 68 من القوات الإيرانية والقوى الموالية والتابعة لها في الشهرين الماضيين جراء ضربات صاروخية وجوية إسرائيلية استهدفت مواقعهم ومستودعات ومنصات صواريخ تابعة لهم، في عدة مناطق بشمال سوريا ووسطها وفي الجنوب السوري والبادية.
يذكر أن المرصد وثق أيضا أن القوات آنفة الذكر لا تزال تتمركز في مواقعها العسكرية المنتشرة في معظم المناطق السورية، وتتوزع هذه المواقع ما بين منطقة الكسوة وريف دمشق الجنوبي الغربي، والريف الجنوبي لحلب، ومحيط بلدتي نبل والزهراء بريف حلب الشمالي، وفي الريف الشرقي لإدلب والريفين الشمالي والجنوبي لحماة وسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، والقلمون وسهل الزبداني وريف حمص الجنوبي الغربي والبوكمال وباديتي حمص ودير الزور.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.