أعربت موسكو عن قلقها بسبب ما وُصِف بـ«تضخم الحملة المعادية لإيران». وتزامن التحذير من التداعيات المحتملة بسبب القرار الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، مع تواصل مساعي موسكو لحشد موقف موحد مع أوروبا في مواجهة سياسات واشنطن.
ويُنتظر أن يكون الملف النووي الإيراني بين أبرز محاور البحث خلال لقاء يجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يزور روسيا للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي الروسي في سان بطرسبورغ الذي يفتتح أعماله اليوم.
وأفاد مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف بأن بوتين سيبحث مع ماكرون إضافة إلى «النووي الإيراني» ملفات سوريا والأزمة الأوكرانية وليبيا والتسوية في الشرق الأوسط.
وكان لافتاً أن هذه الزيارة تأتي بعد أيام قليلة على زيارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى سوتشي التي تركز خلالها البحث أيضاً على تداعيات الانسحاب الأميركي من الاتفاق مع إيران، والجهود التي تقوم بها موسكو وبروكسل لتنسيق خطوات مشتركة لمواجهة تداعيات الانسحاب، خصوصاً على عمل الشركات الأوروبية والروسية في إيران.
وأوضح أوشاكوف أن موسكو تولي أهمية خاصة لـ«مناقشة آفاق الحفاظ على خطة العمل المشتركة الشاملة لتسوية القضية النووية الإيرانية في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة منها من طرف واحد».
وتزامنت ثالث زيارة رسمية لإيمانويل ماكرون إلى روسيا بعد انتخابه مع تصاعد التحذيرات الروسية من تبعات القرار الأميركي، وأعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم بين طهران ومجموعة «5+1» يشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وزادت أن موسكو «لا يمكن ألا تشعر بالقلق وهي تراقب تصاعد الحملة المعادية لإيران التي «تزداد تضخماً ككرة الثلج» في واشنطن.
ونددت زاخاروفا بـ«اختيار واشنطن سياسة الإنذارات والتهديدات تجاه إيران، بما لا يتوافق مع روح خطة العمل الشاملة المشتركة الخاصة ببرنامج إيران النووي، ويخرج عن نطاق العلاقات الدولية الطبيعية»، في إشارة إلى الشروط التي أعلنها أخيراً وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو، واعتبرت أن الاستراتيجية الشاملة الجديدة للولايات المتحدة بشأن إيران «قد لا تلبي توقعات القيادة الأميركية».
وعكست إشارة الدبلوماسية الروسية جانباً من مخاوف موسكو بشأن تداعيات تصعيد الضغوط الغربية على إيران، خصوصاً أن عدداً من الخبراء المختصين بالشأن الإيراني حذروا من أن سياسة واشنطن قد تسفر عن إضعاف جناح المعتدلين في إيران وتسليم السلطة إلى الفريق الأكثر تشدداً، ما يزيد من تعقيد الموقف مع إيران وفي منطقة الشرق الأوسط عموماً.
ونقلت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» المستقلة عن الباحث في معهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فلاديمير ساجين أن الرفض الأوروبي لتقويض الاتفاق تقف خلفه دوافع اقتصادية وليست سياسية، خصوصاً أن لأوروبا مصلحة بتطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران.
وأضاف الخبير المتخصص بالشأن الإيراني أن «انهيار الاتفاق هو انهيار لسياسة الرئيس حسن روحاني، الذي عزز مكانته السياسية داخل البلاد وخارجها استنادا إلى هذا الاتفاق. وإذا تم تقويضه لا يمكن استبعاد أن تحدث تغييرات كبيرة داخل الجمهورية الإسلامية، ولكن ليس في الاتجاه الذي يريده ترمب، لأن أي حكومة جديدة في طهران ستكون معادية للغرب ولأميركا، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم الوضع في الشرق الأوسط».
على صعيد آخر، بدا من الرسائل التي وجهت خلال القمة الروسية الألمانية، والتحضيرات القائمة للمباحثات مع الرئيس الفرنسي اليوم، أن موسكو تسعى إلى الإفادة من اتساع هوة الخلاف الأوروبي الأميركي لتحقيق تقارب مع بلدان الاتحاد الأوروبي في ملفي إيران وسوريا.
وقالت أوساط دبلوماسية روسية إن الطرح الروسي بضرورة خروج القوات الإيرانية والقوات الحليفة لإيران من سوريا مع إطلاق العملية السياسية، هدف إلى تقليص مساحة الخلاف الروسي الأوروبي حول الرؤية المستقبلية للوضع في سوريا في مقابل حشد جهد مشترك أوسع في حماية الاتفاق النووي.
ورغم أن الفكرة الروسية قوبلت باستياء من جانب النظام السوري والحكومة الإيرانية ما عكس اتساع هوة الخلافات مع موسكو في هذا الشأن وخروجها للمرة الأولى إلى العلن، لكن المصادر الروسية تشير إلى أن موسكو تفضل «التوصل إلى تسويات تقضي بتقليص دور الإقليمي، خصوصاً في سوريا والمحافظة في الوقت ذاته على وحدة الموقف الروسي الأوروبي، فيما يتعلق بحماية المصالح الاقتصادية والتجارية مع طهران في إطار تنفيذ خطة العمل الشاملة وعدم السماح بتقويضها. ولم تستبعد أن يكون هذا الموقف بين أبرز محاور البحث مع الرئيس الفرنسي اليوم.
موسكو ترفض «الحملة المعادية» لإيران... وتحذر من تعزيز مواقع «المتشددين»
موسكو ترفض «الحملة المعادية» لإيران... وتحذر من تعزيز مواقع «المتشددين»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة