الرئاسة الفلسطينية: «صفقة القرن» ومحاولات خلق قيادات بديلة ستفشل

استبقت طرح الإدارة الأميركية وحذرت من الاستخفاف بقدرات الفلسطينيين

TT

الرئاسة الفلسطينية: «صفقة القرن» ومحاولات خلق قيادات بديلة ستفشل

استبقت السلطة الفلسطينية احتمال طرح الإدارة الأميركية خطتها الخاصة بالسلام، المعروفة بـ«صفقة القرن»، وأعلنت أن مصيرها هو الفشل، محذرة من محاولات خلق قيادات بديلة تقبل بالصفقة، مؤكدة أنها ستفشل بدورها.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة إن «تكرار الحديث عن قرب قيام الولايات المتحدة الأميركية بطرح ما تسمى (صفقة القرن) لحل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، سيكون مصيرها الفشل، ما دامت لا تحظى بالقبول الفلسطيني، ولا تتوافق مع قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية».
وجاء تصريح أبو ردينة مع نشر مزيد من التقارير حول نية الإدارة الأميركية طرح خطتها الشهر المقبل.
وهذه ليست أول مرة تنشر فيها وسائل إعلام ووكالات حول نية الولايات المتحدة طرح خطتها في وقت قريب، من دون أن يحدث ذلك.
وتتوقع الأوساط الفلسطينية أن يجد الأميركيون صعوبة في طرح صفقتهم في غياب موافقة السلطة الفلسطينية.
وقال أبو ردينة: «نحن في خضم مرحلة مواجهة سياسية ساخنة دفاعا عن ثوابتنا الوطنية، وفي مقدمتها القدس بمقدساتها، والتجارب أثبتت أن الخيارات الفلسطينية أصبحت فاعلة، ونجحت في محاصرة العقلية الاستعمارية، وبالتالي أصبح الشعب الفلسطيني وقرارات قيادته الوطنية الدرع الحافظ للأرض والهوية والمقدسات والتاريخ الفلسطيني المتجذر في أعماق الأرض».
وحذر الناطق الرسمي باسم الرئاسة من الاستخفاف بقدرات الشعب الفلسطيني والأمة العربية والاستمرار في اللعب بالنار، «لأن الطريق إلى السلام الدائم واضح، وهو تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، واحترام الموقف الفلسطيني الذي له كلمة الفصل سواء بـ(نعم) أو (لا) مهما كان حجم التحديات أو المؤامرات».
وأردف أن «صنع السلام لا يحتاج إلى صفقات، أو طرح أفكار، بل يحتاج إلى إرادة حقيقية مؤمنة بالسلام طريقاً لإنهاء الصراع، والحل لكل الأزمات التي تعاني منها منطقتنا والعالم، يتمثل بإقامة السلام العادل والشامل القائم على قرارات الشرعية الدولية، لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية التي هي البداية والنهاية لأي مشروع سلام».
وكانت تقارير مختلفة تحدثت خلال الأيام القليلة الماضية عن جهوزية خطة السلام الأميركية.
وقال مسؤول في البيت الأبيض: «نحن في وسط مناقشات بشأن موعد نشر الخطة، سيتم تحديد هذا وفقا للظروف على الأرض». ويخشى المسؤولون الأميركيون ألا تنجح الخطة إذا بقيت القيادة الفلسطينية مصممة على مقاطعة واشنطن وعدم التعاطي معها.
وكانت الإدارة الأميركية أثارت غضب الفلسطينيين بشدة، بعد نقلها سفارتها لدى إسرائيل إلى مدينة القدس، بموجب إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه لن يقبل بالولايات المتحدة وسيطا لعملية السلام، المتوقفة أصلا، مع إسرائيل منذ 2014، مضيفا أنه حتى لن يسمع منهم. وهاجم عباس مرارا «صفقة القرن» وسماها «صفعة القرن» وقال إنها ستفشل سلفا.
ويخشى الفلسطينيون من أن تحاول الولايات المتحدة خلق بديل لعباس، وتعززت هذه المخاوف، مؤخرا، بعد شن الإدارة الأميركية والإسرائيلية حملة مكثفة ضد عباس متهمين إياه بمعاداة السامية.
ويبحث المستوى الأمني الفلسطيني جدياً سيناريوهات مختلفة قد تلجأ فيها الولايات المتحدة وإسرائيل إلى التخلص من عباس سياسياً، وإيجاد بديل له.
وقال أبو ردينة بوضوح في مؤشر على هذا الاتجاه إن «أية محاولات رامية للالتفاف على الموقف الفلسطيني الواضح والثابت، وعلى أسس الشرعية الدولية، سواء من خلال أطراف فلسطينية، أو نماذج مشبوهة فشلت في الساحة، تحت شعار (قيادات محلية) اندثرت أمام صلابة الموقف الفلسطيني وقدرته على المواجهة، أو من خلال أطراف إقليمية، لن تؤدي سوى إلى مزيد من التدهور والتوتر على صعيد المنطقة والعالم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.