فلسطينيو 48 يطلبون تدخلاً أوروبياً لوقف قمع الشرطة الإسرائيلية

الاعتداء على أيمن عودة وكسر رجل أحد قادة المجتمع المدني في مظاهرة حيفا

TT

فلسطينيو 48 يطلبون تدخلاً أوروبياً لوقف قمع الشرطة الإسرائيلية

توجه النائب د. يوسف جبارين، رئيس لجنة العلاقات الدولية في «القائمة المشتركة»، إلى سفير الاتحاد الأوروبي لدى إسرائيل، إيمانويل جوفريه، وأطلعه على تفاصيل القمع الذي تمارسه الشرطة الإسرائيلية ضد المتظاهرين العرب، كما ظهر جلياً في مظاهرة القدس ثم في مظاهرة حيفا، تضامناً مع مسيرات العودة واعتقال العشرات من الشباب والطلاب العرب.
وأوضح جبارين للسفير مدى القلق الذي يساور المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، من تكرار هذه الاعتداءات ضد مواطنين يتظاهرون سلمياً، فقط لكونهم عرباً. وقال إن الشرطة الإسرائيلية تنفذ تعليمات عليا من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن الداخلي غلعاد آردان، وتهدف إلى قمع الأصوات المعارضة وإلى ترهيب المتظاهرين لمنعهم من الاستمرار في نشاطاتهم الشرعية.
وكان بضع مئات من فلسطينيي 48 قد تظاهروا، مساء الجمعة الماضية، في حيفا، احتجاجاً على سياسة إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين الفلسطينيين قرب الحدود مع قطاع غزة. فاعتدت الشرطة، بقواتها الخاصة المشهورة بقمعها، على عدد كبير منهم. واعتقلت 21 شخصاً، بينهم قاصران، بعد إشباع الجميع بالضرب. وكان من نتيجة ذلك، كسر ركبة أحد قادة المجتمع المدني، مدير مركز «مساواة»، جعفر فرح. وعندما توجه النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة» في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) إلى المستشفى للاطمئنان عليه، تصدى له رجال الشرطة ومنعوه بالقوة من الدخول.
ومن الاعتداءات السابقة على مظاهرات في القدس وأم الفحم والنقب، بدا أن الشرطة تتبع سياسة جديدة، وصفتها صحيفة «هآرتس» العبرية، بـ«سياسة تمييز ضد العرب». وقالت: «أنت عندما تتظاهر، يتعاملون معك أولاً باعتبارك عربياً مسلوب الحقوق في الحرية والديمقراطية». وقال النائب عيساوي فريج، من حزب «ميرتس» اليساري: «في حملة الاعتقالات هذه، تثبت الديمقراطية الإسرائيلية أنها محدودة الضمان، وللعربي محدودة المساحة. فالتظاهر قانوني وحق مدني في ظل الأنظمة الديمقراطية، ولكن إذا تظاهر العربي فيواجَه بالضرب والاعتقال». وأضاف فريج: «جعفر فرح شخص مهني جداً ونشاطه المؤسساتي من أروع النشاطات داخل المجتمع العربي، هو إنسان ديمقراطي وذو انتماء إنساني من الدرجة الأولى. اعتقاله والتعدي عليه، علماً بأنه يعالَج في المستشفى الآن، هو دليل قاطع على أن الشرطة وصلت لفض المظاهرة بعنف وإخماد صوت القيادة».
وعندما استمع السفير الأوروبي إلى تفاصيل الأحداث الأخيرة واستفسر عن بعض جوانبها، أعرب عن قلقه مما آلت إليه الأوضاع، قائلاً إنه سيبادر إلى طرحها أمام المسؤولين الإسرائيليين. كما أعرب السفير عن قلقه من اعتقال مدير مركز «مساواة» جعفر فرح والاعتداء عليه، قائلاً إنه يقدر كثيراً دور فرح ومركز «مساواة» في العمل على تطوير المجتمع العربي. وفي السياق ذاته، فقد أصدر الحزب الاشتراكي الديمقراطي من البرلمان الأوروبي، بياناً، أمس، استنكر فيه الاعتداء على المتظاهرين السلميين، وطالب بإطلاق سراح مدير «مساواة» جعفر فرح، وباقي المعتقلين. وقالت نائبة رئيس الحزب، إيلينا فالنسيانو: «إننا نشجب الاعتداء على المتظاهرين خصوصاً جعفر فرح، وهو شريك لنا في العديد من المشاريع، وقد تم الاعتداء عليه بعد أن كان رهن الاعتقال. نطالب بإطلاق سراحه وسراح المعتقلين كافة الذين مارسوا حقهم بحرية التعبير». كما طالبت فالنسيانو بتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث الأخيرة، مؤكدة أن حجة «النظام العام» لا يمكن أن تبرر الاستعمال المفرط للقوة من قبل الشرطة، وأن حزبها سيواصل متابعة هذه القضية.
من جهتها عقدت إدارة «عدالة»، المركز القانوني لحقوق الأقليّة العربيّة في إسرائيل، صباح أمس (الأحد)، اجتماعاً لطاقم المحامين الذين يترافعون عن معتقلي مظاهرة نُصرة غزة، التي أقيمت في حيفا. فأكدت أن الاعتداءات البوليسية تهدف إلى إسكات صوت العرب وترهيبهم حتى لا يعودوا لمناصرة غزة.
وتدخل وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في موضوع مظاهرة حيفا، ومحاولة أيمن عودة الاطمئنان على صحة المعتقل جعفر فرح، فكتب تغريدة تحريضية في «تويتر» قال فيها: «في كل يوم أرى أيمن عودة ورفاقه يتجولون ويتفوهون بحرية ويشتمون رجال الشرطة، هو عار علينا وعلى سلطات القانون الإسرائيلية برمّتها. فهؤلاء مخرّبون ومكانهم السجن لا الكنيست. لقد حان الوقت الذي نجعلهم يدفعون فيه ثمناً لتصرفاتهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.