أنقرة مستعدة لدعم مسار آستانة بدل «جنيف»

TT

أنقرة مستعدة لدعم مسار آستانة بدل «جنيف»

لمحت أنقرة إلى أن مسار مباحثات آستانة ربما يتحول إلى بديل عن مسار جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة والذي لم يحرز تقدما يذكر على صعيد حل الأزمة السورية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه في حال عدم تحقيق تقدم في مسار جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة لحل الأزمة السورية فإنه يمكن التوجه إلى مسار آخر. وأضاف أن أكبر مشكلة في هذا السياق هي عدم إعادة إحياء مسيرة مفاوضات جنيف التي لم تتكلل بأي خطوة ملموسة بسبب عدم رغبة النظام السوري في بحث أي موضوع مع المعارضة أو مع الآخرين.
ورأى الوزير التركي، في مقابلة تلفزيونية أمس (الخميس)، أن الدول الغربية أيضا لا تبدو متحمسة لأحياء مسار جنيف، قائلا: «أخشى أنه في حال لم يتطور هذا الأمر في جنيف، ولم تتخذ خطوات، فيمكن التوجه نحو منصة أخرى، قد تكون آستانة على سبيل المثال».
ولفت جاويش أوغلو إلى أن تركيا تلعب دورا هاما في الحد من الاشتباكات في سوريا، وهنأ رئاسة الأركان التركية على إتمامها إنشاء نقاط المراقبة الـ12 في إدلب بموجب اتفاق مناطق «خفض التصعيد» الذي تم التوصل إليه في مباحثات آستانة برعاية كل من روسيا وتركيا وإيران في الجولة السادسة للمباحثات التي عقدت في العاصمة الكازاخية في سبتمبر (أيلول) الماضي..
وأشار وزير الخارجية التركي إلى أنه ليس من السهل إنشاء تلك النقاط، وذكر أن الهدف منها الحيلولة دون حدوث خروقات لوقف إطلاق النار في سوريا.
وأعلن الجيش التركي أول من أمس انتهاءه من إقامة جميع نقاط المراقبة المقررة في داخل إدلب وعددها 12 نقطة بحسب ما تم الاتفاق عليه بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب والذي تضمن أن تنشئ تركيا نقاط مراقبة في داخليها وأن تنشئ روسيا وإيران نقاطا خارجها.
وتطرق جاويش أوغلو إلى لقائه المرتقب مع نظيره الأميركي مايك بومبيو في واشنطن في 4 يونيو (حزيران)، لافتا إلى وجود مذكرة تفاهم أولية بين البلدين لحل القضايا الخلافية، لم يتسن التصديق عليها نظرا لتغير وزير الخارجية الأميركي، وأعرب عن أمله في أن يتم التصديق على بنود التفاهم الأولي، خلال اللقاء، لتنفيذها بأقرب وقت.
وأشار في هذا الإطار إلى ضرورة انسحاب عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من مدينة منبج بريف حلب، مستدركا: «لا يكفي انسحاب الوحدات الكردية منبج، بل من المهم أيضا إعادة الاستقرار إلى جميع المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، بحيث تتم إدارتها من قبل إدارة تندمج مع الحكومة المركزية مستقبلا عند إيجاد حل سياسي».
كان جاويش أوغلو أعلن الشهر الماضي عقب لقائه بومبيو في بروكسل على هامش اجتماع وزراء خارجية دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) أنهما أقرا خريطة الطريق بشأن منبج وأنها ستصبح نموذجا للتعاون بين أنقرة وواشنطن في المناطق الخاضعة لسيطرة الاتحاد الديمقراطي الكردي لا سيما في شرق الفرات.
وجدد جاويش أوغلو التأكيد على أن دعم الولايات المتحدة للوحدات الكردية ومساعدتها على إنشاء ممر إرهابي ملاصق للحدود التركية، يعد العامل الأهم في تخريب العلاقات بين واشنطن وأنقرة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.