الخلافات الفلسطينية - الأميركية تخرج إلى العلن.. واتهامات لكيري بمحاباة الإسرائيليين

إثر دعوته إرجاء الإفراج عن دفعة ثالثة من الأسرى للضغط على عباس

الخلافات الفلسطينية - الأميركية تخرج إلى العلن.. واتهامات لكيري بمحاباة الإسرائيليين
TT

الخلافات الفلسطينية - الأميركية تخرج إلى العلن.. واتهامات لكيري بمحاباة الإسرائيليين

الخلافات الفلسطينية - الأميركية تخرج إلى العلن.. واتهامات لكيري بمحاباة الإسرائيليين

خرجت الخلافات الفلسطينية الأميركية إلى العلن، بعدما رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) اقتراحات وزير الخارجية الأميركية جون كيري بشأن الترتيبات الأمنية في منطقة الأغوار الحدودية مع الأردن ضمن مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي ترعاها الولايات المتحدة. وهاجم مسؤولون فلسطينيون كيري ومقترحاته، ومما زاد الطين بلة تسريبات كشفت أن وزير الخارجية الأميركي طلب من الإسرائيليين إرجاء الإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى الفلسطينيين الذين كان من المقرر أن يفرج عنهم نهاية الشهر الحالي في إطار مفاوضات السلام.
وأقر ياسر عبد ربه، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، بوجود «أزمة مع الولايات المتحدة». وقال للإذاعة الفلسطينية الرسمية: «هذه الأزمة منشؤها أن وزير الخارجية الأميركي يريد إرضاء إسرائيل من خلال تلبية مطالبها التوسعية في الأغوار بحجة الأمن، وكذلك المطامع التوسعية التي تتجلى عبر النشاطات الاستيطانية في القدس وفي أرجاء الضفة الغربية». وتابع: «كل ذلك يريده ثمنا لإسكات الإسرائيليين عن الصفقة (النووية) مع إيران ولتحقيق نجاح وهمي بشأن المسار الفلسطيني الإسرائيلي على حسابنا بالكامل».
وعقب عبد ربه على اقتراحات كيري الأمنية قائلا: «الحديث يدور عما يسمى اتفاق إطار، وهذا يعني في حقيقة الأمر اتفاقا غامضا للغاية واتفاقا عاما للغاية يتناول الحقوق الفلسطينية بشكل عمومي ومفتوح وغير محدد بعناوين ذات طابع إنشائي أكثر منه سياسيا».
وتساءل عبد ربه: «من قال إننا نريد اتفاق إطار يحدد مبادئ للحل والتسوية مرة أخرى خارج إطار الشرعية الدولية وخارج إطار القوانين والقرارات الدولية؟ هذا كله سيقود جهود وزير الخارجية الأميركي إلى طريق مسدود وإلى فشل كامل».
واتهم عبد ربه كيري بالتعامل «مع قضايانا ومواضيعنا بطريقة فيها درجة عالية من الاستهانة، بينما يريد أن يكسب الموقف الإسرائيلي». وقال إن الحديث عن حلول انتقالية «يناقض كليا ما كان قد وعد به وزير الخارجية الأميركي في بداية العملية السياسة، وخصوصا في ما يتصل بالابتعاد عن أي حلول انتقالية أو جزئية والتركيز على حل نهائي وشامل متوازن». وتابع: «هذا هو جوهر الخلاف والتناقض الدائر الآن».
ودعا عبد ربه الولايات المتحدة إلى إرضاء إسرائيل على حساب مصالحها وليس مصالح الشعب الفلسطيني.
وكان كيري اقترح بقاء القوات الإسرائيلية في الأغوار لعدة سنوات مع إدارة فلسطينية إسرائيلية مشتركة للمعابر. وقوبلت اقتراحات كيري برفض من الطرفين، إذ يريد الإسرائيليون الاستمرار في السيطرة الكاملة على الأغوار لعشرات السنين، بينما يرفض الفلسطينيون بقاء أي جندي إسرائيلي في المنطقة. وتشكل الأغوار نحو 26% من مساحة الضفة الغربية وبوابتها إلى العالم الخارجي.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عباس أبلغ كيري بأنه يقبل بوجود قوات دولية في المنطقة بالطريقة التي من شأنها طمأنة إسرائيل على أمنها، ولكن لا يقبل وجود جندي إسرائيلي واحد. وبحسب المصادر رفض عباس الحديث عن حلول انتقالية ونهائية، وإنما حل واحد ولمرة واحدة للأبد.
وفي غضون ذلك، كشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، أمس، أن كيري قرر الضغط على عباس من خلال تأخير الإفراج عن الدفعة الثالثة من الأسرى القدامى نهاية هذا الشهر. وأضافت: «جاءت هذه الخطوة بعد أن خاب أمل كيري من الموقف الفلسطيني في زيارته الأخيرة».
وبحسب معاريف، فقد أبلغ مكتب الوزير كيري طاقم التفاوض الفلسطيني بهذا القرار. وأضافت: «الوزير كيري مصمم على بلورة بيان إسرائيلي - فلسطيني مشترك يشير إلى تحقيق تقدم في المفاوضات، ويصدر الشهر المقبل». لكن الخطوة الأميركية أغضبت الفلسطينيين، بشكل كبير.
وخرج الناطق بلسان رئاسة السلطة الفلسطينية نبيل أبو ردينة مهددا بأنه لن يكون هناك أي اتفاق دون الأسرى والقدس وكل قضايا الحل النهائي. وقال أبو ردينة: «إن السلطة الفلسطينية لن تقبل بمثل هذا التأجيل أبدا».
ومن غير المعروف كيف سترد السلطة في حال أجل إطلاق سراح الأسرى، إذ هدد عباس غير مرة بأنه سيلغي اتفاق تجميد التحرك نحو المؤسسات الدولية إذا أوقفت إسرائيل الإفراج عن الأسرى.
وكان الرئيس الفلسطيني تعهد بعدم التوجه إلى المنظمات الدولية خلال الأشهر التسعة هذه من المفاوضات، التي يجب أن تعلن نتيجتها في أبريل (نيسان) المقبل، مقابل إطلاق سراح 104 أسرى فلسطينيين معتقلين في إسرائيل قبل توقيع اتفاقيات أوسلو للحكم الذاتي عام 1993 على أربع دفعات.
من جهته، أكد وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع لوكالة أنباء «معا» الفلسطينية أنه وحتى هذه اللحظات لم يصل إلى السلطة الفلسطينية أي قرار رسمي بخصوص ما نشرته الصحف العبرية. وقال إن أي محاولة لإلغاء أو تأجيل الإفراج عن الأسرى إنما يأتي في إطار «لعبة وخدعة إسرائيلية لمحاولة التنصل من مسؤوليتها تجاه الالتزام باتفاق إطلاق سراح الأسرى».
وفي غضون ذلك، قال دان شابيرو السفير الأميركي لدى إسرائيل إنه لا توجد أي مقايضات بين المحادثات الإيرانية والفلسطينية. وأكد لراديو الجيش الإسرائيلي ردا على تصريحات عبد ربه: «هاتان القضيتان تتعلقان بأمن إسرائيل وأمننا ومصالح الشرق الأوسط بأسره لتنعم المنطقة بمزيد من الهدوء والاستقرار. ولكننا لا نرى أي صلة (بين القضيتين) بحيث نسعى لدعم قضية على حساب الأخرى».
ووسط تشاؤم فلسطيني من احتمالات التوصل إلى اتفاق، يتساءل كثير من الإسرائيليين عما إذا كان عباس سيتمكن من إقناع حكومة حماس التي تدير قطاع غزة باتفاق في نهاية المطاف. وقال شابيرو إنه يجب أن تتغير حكومة غزة حتى تتسنى إقامة دولة فلسطينية. وأضاف: «نتحدث عن دولتين لشعبين. ستشمل الدولة الفلسطينية أيضا غزة. لكن يجب أن يحدث تغيير للنظام هناك. هذا واضح».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».