نتنياهو يخيف الإسرائيليين بـ«بعبع حماس»

TT

نتنياهو يخيف الإسرائيليين بـ«بعبع حماس»

اعتبر مراقبون في إسرائيل أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يحظى بتشجيع واضح على مواصلة سياسته العنيفة ضد الفلسطينيين، نتيجة الصمت الذي يلتزمه المجتمع الإسرائيلي، اليهودي. والواقع أن هذا الصمت لم يأت صدفة، فقد كان نتاج خطة سياسية سار عليها نتنياهو منذ انطلاق مسيرات العودة في نهاية مارس (آذار) الماضي.
فعلى الرغم من أن نتنياهو يعرف تماماً أن المسيرات كانت من تنظيم لجنة شعبية واسعة، بادرت إليها قوى غير حزبية، وانضمت إليها لاحقاً الفصائل السياسية، فإنه خرج بحملة مفادها أنها من تنظيم حركة «حماس». واختيار الحركة أيضاً لم يكن صدفة، فهي مكروهة بين الإسرائيليين الذين ينظرون إليها بوصفها «بعبعاً» يريد قتلهم، كما أنها تُعتبر في العالم، وخصوصاً في الغرب والولايات المتحدة، «تنظيماً إرهابياً». ولذلك تحولت منذ عدة سنوات إلى «كيس خبطات»، تضربها إسرائيل متى تشاء والعالم لا يتحرك لنجدتها، بل هناك من كان يتشفى بها، خصوصاً بعد انقلابها على السلطة، واستفرادها بالحكم في قطاع غزة، وتنكيلها بخصومها من «فتح».
وبالاعتماد على ذلك، نظمت إسرائيل 3 حروب على القطاع (2008، و2012، و2014)، استخدمتها لتجريب أسلحة جديدة، مثل القبة الحديد والمجنزرات الآلية المسيرة (بلا سائق) والطائرات المسيرة (بلا طيار)، التي يقوم بعضها بإطلاق الرصاص من الجو على متظاهرين وقنابل الغاز الحارق وغيرها.
ونجح نتنياهو في تخويف اليهود الإسرائيليين من «مسيرات العودة»، بإعلانه أنها «مسيرات تستهدف اجتياح الحدود نحو البلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة لقتل سكانها اليهود»، وحجب المعلومات عنهم حول حقيقة هذه المسيرات، وأنها جاءت لتذكير العالم بالقضية الفلسطينية عموماً، وقضية اللاجئين خصوصاً، وأنها مسيرات شعبية سلمية، حتى لو حصلت خلالها محاولات لتنفيذ عمليات مسلحة، وقد ساعده في ذلك كثيراً أولئك الذين حاولوا فعلاً التخريب على المسيرات بالعمليات المسلحة، التي بلغت ذروتها بإحراق معبر البضائع وأنبوب الغاز في كرم أبو سالم.
وفي الوقت الذي خرجت فيه الصحافة الإسرائيلية، أمس (الثلاثاء)، بالانتقادات لأن «الحكومة الإسرائيلية والجيش وأجهزة الأمن الأخرى لم تنجح في إقناع الإعلام الغربي والعالمي بالموقف الإسرائيلي»، كانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تشيد بقدرة نتنياهو على إقناع اليهود في إسرائيل والعالم بصدق موقف الحكومة، وبأن «مذبحة غزة» كانت دفاعاً عن النفس.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».