السودان يطلق خطة للإسكان بنظام الإيجار المنتهي بالتمليك

ملتقى دولي للتمويل والتسويق تمهيداً لانعقاد المؤتمر العقاري

قدمت الحكومة السودانية ضمانات للشركات العالمية الراغبة في الاستثمار العقاري
قدمت الحكومة السودانية ضمانات للشركات العالمية الراغبة في الاستثمار العقاري
TT

السودان يطلق خطة للإسكان بنظام الإيجار المنتهي بالتمليك

قدمت الحكومة السودانية ضمانات للشركات العالمية الراغبة في الاستثمار العقاري
قدمت الحكومة السودانية ضمانات للشركات العالمية الراغبة في الاستثمار العقاري

في ختام أعمال الملتقى الدولي التفاكري الأول حول التمويل والتسويق العقاري، الذي استضافته الخرطوم أول من أمس، بمشاركة عربية واسعة، ضمن استعدادات البلاد لتنظيم المؤتمر العربي للاستثمار والتطوير العقاري الأول، المقرر له نهاية مايو (أيار) الجاري، كشف السودان عن خطة حتى عام 2020، لتمليك كل مواطن منزلا بنظام الإيجار المنتهي بالتمليك.
ونادى الملتقى، الذي انعقد ليومين برعاية ومشاركة الصندوق القومي للإسكان والتعمير، ومركز «يونفيشن» للتدريب والاستشارات، والقائم بالأعمال الماليزي، وعدد من الخبراء والمختصين من مصر، تحت شعار «التمويل العقاري نافذة لتطوير مستويات الخدمة والاستثمار»، باستمرار بنك السودان في دعم المشروعات التي تقام تحت مظلة الصندوق لصالح الفئات المختلفة، وأن يتم السماح للبنوك بتمويل المشروعات السكنية، بالخصم من الاحتياطي القانوني، في حدود نسبة لا تتجاوز 6 في المائة.
كما نادى المشاركون بتفعيل مشروعات السكن الريفي والمنتج وللمغتربين، والإسكان التعاوني، والادخار السكني. وتحدث في الملتقى الدكتور عبد الرحمن الطيب أيوبية، والمهندس مستشار زين العابدين عمر حسين، مدير الإدارة الهندسية بالصندوق، مستعرضين تجربة السكن الشعبي وما تحقق من إنجازات بفضل جهود الدولة، وإنشاء صناديق للإسكان على المستوى القومي والولائي.
ووفقا لأيوبية، تم تشييد ما يقدر بـ120 ألف وحدة سكنية، مقابل 2500 قبل بدء قيام الصناديق في عام 2001م، مبينا اعتماد تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادي بالولايات على المحافظ البنكية، التي يتم تكوينها بالتعاون مع المصارف، وبرعاية بنك السودان. فيما اعتمد صندوق ولاية الخرطوم على نظام التمويل الذاتي عبر الدعم المتقاطع، أي إنشاء مشروعات اقتصادية واستثمارية تقوم بالمساهمة في تمويل مشروعات السكن الشعبي لمحدودي الدخل.
وأشاد المهندس زين العابدين بمجهودات ولاية الخرطوم، والشراكة مع البنوك، ومساندة بنك السودان، وأوصى في ورقته التي قدمها بضرورة استمرار بنك السودان في دعم المشروعات التي تقام تحت مظلة الصندوق لصالح الفئات المختلفة، وأن يتم السماح للبنوك بتمويل المشروعات السكنية بالخصم من الاحتياطي القانوني، وتفعيل مشروعات السكن الريفي والمنتج وللمغتربين، والإسكان التعاوني، والادخار السكني.
من جهته، استعرض الدكتور استاق نزيل بن عبد القادر، القائم بالأعمال في السفارة الماليزية بالخرطوم، التجربة الماليزية في مجال الإسكان والتمويل العقاري.
واستمع الملتقى إلى ورقة عن التجربة المصرية في التمويل والتسويق العقاري، قدمها مدير الاستثمار والتسويق بشركة «إنماء» العقارية، الذي أشار إلى أهمية الاهتمام بتطوير المدن الجديدة، عبر إنشائها عن طريق التمويل العالمي المعروف بنظام «بوت»، الذي يقوم على التشييد والتشغيل وإرجاع المال، حتى لا يتم إرهاق البنوك وموازنات الدولة.
وقال إن نظام «بوت» يمكن من خلاله إنشاء مدن تتوفر بها كل الخدمات والطاقة والمياه النظيفة، داعيا في ورقته إلى تقليل مساحات الشقق، والسماح بتسجيلها حتى مساحة 50 مترا مربعا، تقليلا للتكلفة وتشجيعا للمستثمرين.
وقدم الصندوق القومي للإسكان بولاية الخرطوم ورقة عن تجربته في موضوع التمويل، مشيرا إلى التغيير الذي حدث في سياسات الإسكان منذ مجيء صناديق الإسكان في عام 2001. واعتماد سياسة تمليك السكن بدلا عن تخصيص الأراضي، وأن الهدف الاستراتيجي هو توفير مأوى لمن لا مأوى له. ويعتمد الصندوق في التمويل على إنشاء المحافظ المصرفية، فضلا عن اتباع صندوق الخرطوم لنظام الدعم المتقاطع.
وقدمت خلال الملتقى التفاكري دراسات حول التمويل العقاري في السودان، وعروض وتجارب خارجية بمشاركة خبراء من الخارج وعدد من الجهات ذات الصلة. وعدد من أوراق العمل، تناولت التمويل العقاري، وإجراءات ولوائح ومنشورات التمويل المصرفي في البلاد، والجوانب الفنية والهندسية ذات الصلة بقطاع الإسكان والمقاولات.
ويأتي الملتقى عقب ورشة عمل نظمها سوق الخرطوم للأوراق المالية، بالتعاون مع الصندوق القومي للإسكان، بعنوان «آفاق التمويل العقاري». وأوصت الورشة بقيام سوق العقارات بالسودان «البورصة العقارية»، واتخاذ الإجراءات الضرورية لبداية إنفاذ السوق العقارية، والسعي لإيجاد قطاع متخصص داخل سوق الخرطوم للأوراق المالية، يعكس نشاط العقار من خلال إنشاء شركات مساهمة عامة متخصصة بالعقار، يمنح ترخيصها لهذه الشركات الشيء الذي يسهل عكس النشاط ومراقبته، والترويج، ومنع المضاربات.
وقال الدكتور غلام الدين عثمان، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان بالسودان، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الملتقى الدولي للتمويل والتسويق العقاري، يأتي دعما للقطاع الخاص السوداني، وإنفاذا لتوجهات الدولة للنهوض بقطاع الإسكان والعقارات في البلاد، وكذلك أيضا للاستعداد لانعقاد المؤتمر العربي للاستثمار والتطوير.
وبين غلام الدين أن الملتقى يأتي كذلك، ضمن استعدادات السودان لانعقاد الملتقى العربي الاستثماري الذي ينظمه الاتحاد في الخرطوم في نهاية مايو الجاري، بمشاركة عدد كبير من شركات العقارات والمزادات والمساهمات العقارية في السعودية ودول الخليج.
إلى ذلك، تتوقع شركات عقارية في السودان أن يشهد العام المقبل، تدفقات استثمارية من قبل شركات العقارات والمقاولات العالمية، وذلك بعد إعلان وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في السودان عن تسهيلات وضمانات لاستقطاب مؤسسات التمويل الخارجي، لتنفيذ مشروعات الإسكان الريفي، وسكن الفقراء في البلاد.
وفي إطار انفتاح السوق السودانية على سوق العقارات العالمية، أطلقت صناديق الإسكان في ولايات السودان المختلفة، مشروعات وفرصا استثمارية للشركات العالمية في السكن الرأسي والشقق والفلل، لإسكان محدودي الدخل في العاصمة الخرطوم، وذلك ضمن خطة للتوسع في مشروعات الإسكان لمختلف فئات المجتمع في السودان.
وبدأ الصندوق القومي للإسكان بمشروعات السكن الرأسي متعدد الطوابق بعدد من المخططات في العاصمة، مثل مخطط «العودة» السكني بسوبا، شمال العاصمة الخرطوم، ومنطقة «الشهيد عبد الوهاب عثمان» بأم درمان الحارة.
ووجهت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي في مارس (آذار) من العام الماضي، الجهات المعنية بتسهيل الإجراءات لاستقطاب التمويل الخارجي والداخلي، كما وجهت بنك السودان المركزي بضخ مزيد من التمويل العقاري للبنوك التجارية، خاصة البنك العقاري التجاري السوداني، الذي تقررت زيادة رأسماله ليكون الذراع التمويلية للصندوق القومي للإسكان، الذي يقود ويدير قطاع الإسكان والسكن في البلاد.
وتعهدت الحكومة السودانية بعد السماح للقطاع الخاص باستقطاب الاستثمار العقاري الأجنبي، بالسعي لتوفير تمويل خارجي وضمانات للاستثمارات الخارجية والداخلية، لتنفيذ خطة الدولة للتوسع في الإسكان الريفي وسكن الفقراء بالمركز والولايات، مؤكدة الدعم الحكومي للصندوق، ودفع العمل فيه لتوفير الإسكان، بوصفه أهم مطلوبات الأسر.
ووفقا للدكتور غلام الدين عثمان، الأمين العام للصندوق القومي للإسكان والتعمير، فإن الصندوق نفذ أكثر من 100 ألف وحدة سكنية على مستوى المركز والولايات، عبر محافظ بشراكة مع البنوك المختلفة بالولايات، مؤكداً سعي الصندوق لمواصلة انتشاره بالولايات رغم المعوقات التي تعترضه، ومن بينها عدم توفر الضمانات الكافية للتمويل الخارجي، التي تعهدت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بتقديمها للشركات الراغبة في الاستثمار العقاري في السودان.
وتتزامن تعهدات وزير المالية السوداني بتقديم حكومته الضمانات اللازمة للشركات العالمية الراغبة في الاستثمار العقاري في السودان، مع خطة الصندوق لتنفيذ مشروعات للسكن الريفي المنتج، وتطبيق نماذج للسكن التعاوني والادخار السكني، وذلك بالاستفادة من تجارب الدول الشقيقة والصديقة، وبخاصة التي تستخدم تقنيات بدائل مواد البناء.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».