محمية يونغيلا في الإكوادور... الوجه المقابل لتجربة جزر غالاباغوس

منتجع تلفه الغابات الضبابية بالغموض... وسكانه بالحب

محمية يونغيلا في الإكوادور... الوجه المقابل لتجربة جزر غالاباغوس
TT

محمية يونغيلا في الإكوادور... الوجه المقابل لتجربة جزر غالاباغوس

محمية يونغيلا في الإكوادور... الوجه المقابل لتجربة جزر غالاباغوس

عندما تُذكر الإكوادور فإن أول ما يتبادر إلى أذهان السياح زيارة جزر غالاباغوس الساحرة. قليلون فقط يعلمون أن بعض أكثر النظم البيئية ثراءً على مستوى العالم توجد على بعد ساعة واحدة من كويتو. فعبر الطريق الملتوية الرابطة بين كويتو ومحمية يونغيلا، توجد منطقة صغيرة في شمال غربي إقليم بيتشينتشا جرى إعلانها محمية. سحابة من الضباب تغطي المشهد برمته بما يحويه من خضرة غناء، بل وتكاد تحجب النظر قبل الوصول إليها، وهو ما يُعتبر عاديا داخل غابات إنديان الضبابية، حيث يعيش 190 شخصاً فقط داخل يونغيلا. وتقع هذه الأخيرة على ارتفاع 8695 قدماً فوق سطح البحر، حيث تتداخل قمم الجبال المغطاة بالثلوج مع درجات الحرارة الأكثر دفئاً بالمناطق الاستوائية الساحلية، الأمر الذي يؤدي إلى عملية مستمرة من تكاثف الضباب وتجمعها، بينما تساعد الأمطار الغزيرة في إبقاء الأرض مبتلة وناعمة وخصبة.
ويُجمع السياح الذين أسعفهم الحظ بزيارتها يونغيلا أنها أكثر من مجرد مشهد سماوي خلاب، وإنما نموذج منظم بحرص لموقع سياحي يعتمد في عمله على جهود سكان المنطقة، الذين يُكرسون جل جهودهم وطاقاتهم لخدمة مشروعات مستدامة تدر ربحاً على الجميع. من هذه المشروعات «تالهوالولو لودج» وهو منزل خشبي يستقبل الـ3800 زائر للمنطقة سنوياً. في البداية، جرت الاستعانة بهذا البناء المؤلف من طابقين كنزل لاستضافة زائري يونغيلا الأوائل. إلا أنه مع تزايد حركة السياحة، بدأت الأسر تفتح منازلها وضخ المجتمع المحلي ككل استثمارات في تجديد المنازل كي تجري استضافة الزائرين بها.
وكانت تلك هي نفس الحال عندما قرر سكان المنطقة بناء مطعم في الغابة. فبعد أن اعتاد المطعم توفير الطعام لنحو 30 نزيل في تالهوالولو لودج، بدأ بعض النزلاء في الضغط من أجل توفير مساحة أوسع في موقع أفضل. بعد عدة مناقشات تم التوصل إلى أن السائح إلى المنطقة يرغب في التمتع برؤية المناظر الطبيعية فيها، وبالتالي لم لا يقام مطعم بالمعنى الحقيقي في مكان يمكنهم منه رؤية كل شيء. وهذا ما تمخض عن بناء المطعم الذي جرى الانتهاء من بنائه قريباً وتم تشييده من الخشب. يحتل مساحة مفتوحة في الهواء تطل على مشهد بانورامي ساحر، خاصة وقت مغيب الشمس وراء الجبال البعيدة.
عام 1995، وإزاء الأضرار البيئية التي يلحقها قاطعو الأخشاب وعمال مناجم الفحم في يونغيلا بالأراضي المجاورة، تلقى السكان اتصالات من ماكيبوكونا، وهي مؤسسة تضطلع بدور رائد في حماية الغابات الضبابية التي بدأت تنحسر في مواجهة التغييرات المناخية. الهدف كان نقل معرفتهم المتعلقة بتخصيب التربة والزراعة العضوية وحماية الحياة البرية.
كما تولت ماكيبوكونا إدارة نزل بيئي بصورة ناجحة، ورأت بعض قيادات يونغيلا أنهم قد يتمكنون من إصلاح الضرر البيئي الذي سببته وظائفهم من خلال إطلاق مبادرات سياحية من جانبهم.
على الجدار، كانت توجد خريطة توضح 20 منزلاً لأسر في المنطقة تجري الاستعانة بها كنزل يمكن للسائحين الإقامة بها أثناء مشاركتهم في رحلات تسلق للشلالات المجاورة والتعرف على أكثر عن 120 نوعاً من الطيور و150 نوعاً من النباتات المنتمية للفصيلة السحلبية، فضلاً عن الدببة والبوم، والمشاركة في النشاطات اليومية للمجتمع المحلي - وهي نشاطات تتضمن إعداد أنواع متنوعة من الجبن والمربى والفنون والصناعات اليدوية وزراعة الحدائق.
حتى وقت قريب، كانت غالبية الشباب تسعى للانتقال إلى العاصمة كويتو التي تعج بالحركة وتُوفر فرصا أكبر للعمل على مستوى البلاد، إلا أنه مع اتساع رقعة المشروعات داخل يونغيلا، أصبح هناك مزيد من الأدوار والفرص بحيث لم تعد هناك حاجة لهجرة الشباب إلى المدن المجاورة.
- محطات سياحية
- المحطة الأولى: زيارة مصنع الجبن الطازح داخل يونغيلا، إذ تملك قرابة 15 أسرة بالمنطقة مزارع صغيرة للماشية. وفي كل صباح، تنقل ما يزيد على 200 لتر من الحليب إلى معمل ضخم تعمل به سيدتان تصنعان 80 قطعة من الجبن يومياً. في نهاية الشهر، يسدد فريق المحاسبين في يونغيلا ثمن الألبان لتلك الأسر.
2 - مغامرة في الهواء الطلق في توكانوبي. موقع يقع على بعد 45 دقيقة ويشهد حركة كبيرة لما تتمتع به من جبال بركانية ومشاهد طبيعية خلابة جعلت الإكوادور مقصداً لشركات السياحة التي حولت أنظارها باتجاه الغابات الضبابية مؤخرا. فالمنطقة تضج حاليا بالتجهيزات التي تتيح ممارسة عدد كبير من النشاطات الجوية، حيث تتوفر ست عربات «تيليفريك» تبدو شاهقة الارتفاع في عنان السماء يُعاين فيها السائح الغابات الضبابية من ارتفاع 100 متر.

- أين تقيم؟
محمية يونغيلا
يونغيلا، الإكوادور
011 - 593 - 98 - 021 - 5476
تقع في الغابات الضبابية داخل إقليم بيتشينتشا، على بعد ساعة من كويتو. ومن الضروري الحجز مسبقاً، ويمكن ذلك عبر الاتصال هاتفياً أو البريد الإلكتروني التالي.
تبلغ تكلفة تأجير غرفة داخل منزل يخص إحدى الأسر 45 دولاراً في الليلة، وتشمل التكلفة ثلاث وجبات يومياً. أما تكلفة تأجير الخيمة فتبلغ نحو 10 دولارات في الليلة، بينما تبلغ تكلفة الوجبة الواحدة نحو 7 دولارات.

- المزارات المتاحة
متحف إنتينان
أوتوبيستا مانويل كوردوفا غلاراتسا، سان أنتونيو دي بيتشينتشا
museointinan.com.ec
بنى أبناء الإكوادور نصب ميتاد ديل موندو عام 1979 احتفاءً بخط العرض صفر الذي يشكل المركز الاستوائي للكرة الأرضية.
ويقع النصب على بعد بضعة مئات من الأمتار عن هذا الخط.
كما يقع المتحف على الطريق إلى يونغيلا، ويفتح أبوابه من 9.30 صباحاً حتى 5.30 مساءً، من الاثنين حتى الجمعة. وتبلغ تكلفة تذكرة الدخول نحو 4 دولارات للبالغين، ودولارين للأطفال.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».