تقارب أحجام الكتل الفائزة يعقد سيناريوهات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة

حديث عن ضغوط إيرانية لتكوين «الكتلة الشيعية الأكبر»

TT

تقارب أحجام الكتل الفائزة يعقد سيناريوهات تشكيل الحكومة العراقية المقبلة

بدأت السيناريوهات المختلفة حول تشكيل الحكومة العراقية المقبلة، تطرح مرة وراء الكواليس ومرة في العلن، وأحيانا على شكل بالونات اختبار، لقياس مدى ردود الفعل الداخلية والدولية حيال هذا السيناريو أو ذاك، أو هذا المرشح أو ذاك.
فمن أصل 18 محافظة عراقية جرت فيها الانتخابات البرلمانية لعام 2018، أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أمس نتائج 9 منها، فيما لا يزال تصويت الخارج والتصويت المشروط للسجناء وقوى الأمن الداخلي قيد الإعداد، ومعه عدد كبير من المحطات في محافظتي السليمانية وكركوك.
ورغم أن ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي حل ثالثاً حتى الآن بعد تحالفي «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و«الفتح» بزعامة هادي العامري الذي يضم معظم فصائل «الحشد الشعبي»، فإنه لا يزال يملك الأفضلية في مجال تداول الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء.
نوري المالكي، زعيم ائتلاف «دولة القانون» وأمين عام حزب الدعوة، الذي خرج العبادي من ائتلافه، وحزبه حل بالمرتبة الرابعة، يعده الكثيرون بمثابة الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات، لكن مقرباً منه أعلن بدء الحراك السياسي لتشكيل الكتلة الأكبر المؤهلة لتأليف الحكومة العراقية المقبلة. وقال مدير مكتب المالكي هشام الركابي: «بدأنا بفتح قنوات الحوار والاتصال مع جميع القوى السياسية التي كانت لدنيا تفاهمات معها، بشأن مشروع الأغلبية السياسية قبل الانتخابات النيابية». وأضاف الركابي: «التحالف الذي سيقود المشروع السياسي المطروح نحو إيجاد أغلبية سياسية وطنية، ستظهر ملامحه قريباً»، مؤكداً على أهمية «اعتماد مشروع الأغلبية السياسية خلال المرحلة المقبلة».

وفي الوقت الذي أبلغ فيه «الشرق الأوسط» الناطق الرسمي باسم تحالف «سائرون» قحطان الجبوري أن تحالفه «لا ينظر إلى الأشخاص بقدر ما ينظر إلى البرامج على صعيد كيفية تشكيل الحكومة المقبلة»، فإن رئيس التحالف حسن العاقولي أعلن في بيان أنه «إذا كان تحالف النصر يدعم مشروع بناء دولة المؤسسات، فإن أبوابنا مشرعة للتحالف معه». وأضاف العاقولي أن «الإخفاقات السياسية السابقة وراء انخفاض نسبة المشاركة في الاقتراع العام للانتخابات البرلمانية، بالإضافة إلى أن العراق بحاجة لمجلس نواب بشخصيات جديدة فاعلة لتصحيح المسار». وأشار إلى أن «أبواب تحالف (سائرون) مشرعة أمام الكتل التي تدعم بناء دولة المؤسسات، وتصحيح المسار، ونبذ الطائفية، وإذا كان ائتلاف النصر يدعم هذا التوجه، فإن أبوابنا مشرعة أمامه لأي تحالف مقبل».
وبينما تبدو تصريحات العاقولي وكأنها محاولة لقطع الطريق أمام المساعي التي يحاول المالكي الشروع بها، على صعيد تشكيل تحالف يقصي بالضرورة تحالفي «النصر» بزعامة العبادي و«سائرون» بزعامة الصدر، فإن الجبوري يرى أن «تحالف (سائرون) قطع العهد على نفسه أمام جمهوره بأنه سيبقى محارباً للفساد بقوة، وداعياً للإصلاح بقوة، وبالتالي فإنه لا تهمه كيفية عقد الاتفاقات، وما قد يترتب عليها من مساومات؛ بل ما يهمنا هي المشتركات مع من يؤمن بأهمية التغيير الذي يريده المواطن والذي منحنا ثقته على أساسه، بحيث أصبحنا الكتلة الأكبر».
في سياق ذلك، يرى الدكتور علي الدباغ، الناطق الرسمي السابق باسم الحكومة العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك تغيير كبير سوف يحدث في آليات تشكيل الخريطة السياسية في البلاد بعد الانتخابات، لا سيما بعد حدوث تراجع كبير لمن كان لاعباً أساسياً خلال الفترات الماضية، الذي دخلت إليه عناصر جديدة». وأضاف الدباغ أن «تراجع دور المالكي وإياد علاوي وانحسار المجلس الأعلى الإسلامي لمصلحة قوى شبابية جديدة، وتراجع دور أسامة النجيفي لصالح سياسي مثابر مثل خالد العبيدي، ومع النسبة المتدنية للمشاركين في الانتخابات، فإن هذه كلها تمثل رسائل مهمة بالغة الأهمية للطبقة السياسية التي سوقت الوهم للجمهور، وهم العدو الافتراضي، ووهم تنمية لا وجود لها»، مضيفا أن «التشكيل الجديد سيبتعد عن التوصيف الطائفي بدرجة جيدة».
وعن تأثير العاملين الإقليمي والدولي، يقول الدباغ إن «الأثر المحلي لا يزال هو الأبلغ والأقوى، وهو ناتج عن صراع وتدافع محلي عنيف أقوى من الأثر الإقليمي الذي لا يمكن نكرانه، وعناصر قوة تتدخل أحياناً، وكمثال على ذلك فإن إيران كانت تدفع بقوة لولاية ثالثة للمالكي، بينما كان أثر المرجع السيستاني أقوى، وغير كل المعادلة، وكذلك في محاولة ولاية إبراهيم الجعفري الثانية، كانت لرسالة المرجع الأعلى الأثر الكبير».
وحول ما إذا كان الشيعة رغم تشظيهم هم الكتلة الأكبر، يقول الدباغ: «لا يزال الشيعة هم الكتلة الأكبر بسبب الغالبية السكانية؛ بل إن قائمة العبادي أحدثت خرقاً مهماً في حاضرة سنية مهمة كالموصل، مما يعني بداية تراجع الشعور الطائفي».
لكن للسياسي المستقل الدكتور نديم الجابري رؤية مختلفة. ففي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يقول إن «الفائز الأكبر في هذه الانتخابات هو تيار المقاطعة، حتى بالحسابات المتدنية للانتخابات»، مشيراً إلى أن «هذا التيار بات يؤسس لشيء يمكن أن يكبر في المستقبل؛ حيث إن هذا التيار الشعبي وضع بصمة على مسار العملية السياسية». وحول النتائج التي انتهت إليها الانتخابات، يقول الجابري إن «النتائج كانت متطابقة إلى حد كبير مع التوقعات لجهة تقارب الحجوم، وعدم قدرة أي كتلة على اكتساح النتائج، وهو ما حصل بالفعل». ويربط الجابري بين هذه النتائج وبين طبيعة المشهد السياسي، قائلاً إن «المشهد السياسي لم يتغير؛ حيث إن العملية السياسية لا تزال محكومة بنفس المسارات، والذي سيحصل إنما هو إعادة توزيع المقاعد بين الكتل السياسية طبقاً لحجومها، وبالتالي فإن نسبة التغيير تتراوح بين 10 إلى 20 في المائة».
وحول سيناريوهات تشكيل الحكومة، يقول الجابري: «هناك سيناريوهان اثنان: الأول هو تشكيل كتلة شيعية نيابية هي الأكبر، وهو ما يجري عليه العمل الآن بتأثير إقليمي واضح؛ لكن ما يعقد هذا السيناريو هو المرشح لرئاسة الوزراء، مما قد يضطرهم إلى القبول بمرشح تسوية، بينما السيناريو الثاني هو تشكيل كتلة عابرة من (سائرون) و(النصر) و(الحكمة) و(الوطنية)، وتحالف القرار، والحزب الديمقراطي الكردستاني».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.