عوضت أسهم عمالقة شركات الإنترنت وتقنية المعلومات الخسائر التي منيت بها في الفصل الأول من العام الحالي 2018، لا بل إن أسعار أسهم شركات «آبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون» بلغت مستويات قياسية جديدة لم تبلغها من قبل.
وتجددت ثقة كبار المستثمرين في هذا القطاع، وخير دليل على ذلك ما قاله الملياردير وارين بافيت عندما تحدث عن «آبل»، وكيف أنها تضاعف أرباحها وتحقق أرقاماً بنسبة زيادة 100 في المائة مقارنة بالشركة الثانية الأكثر ربحية بعدها في الولايات المتحدة الأميركية. وأضاف بافيت مازحاً في حوار مع محطة «سي إن بي سي» الأسبوع الماضي: «كم كنت أتمنى أن أملك هذه الشركة بنسبة 100 في المائة!».
وأكدت مصادر متابعة أن أسهم شركات تقنية المعلومات، الأميركية منها والصينية، محت كل الخسائر التي منيت بها في مارس (آذار) الماضي، كما لو أن شيئاً لم يحصل، بعد خسائر هائلة كانت منيت بها في «وول ستريت». وعاد القطاع ليبلغ قمة جديدة، إذ إن المؤشر الخاص الذي يقيس أداء أسهم أكبر 10 شركات أميركية وصينية في هذا القطاع ارتفع نحو 16 في المائة منذ 2 أبريل (نيسان) الماضي، ويعود تقريباً إلى المستوى الذي كان بلغه في 12 مارس الماضي، علماً أن أسهم «آبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون» تجاوزت مستويات القمم التي كانت وصلت إليها.
وبلغت القيمة السوقية لشركة «آبل» نهاية الأسبوع الماضي 934 مليار دولار، وبذلك تقترب بشكل حثيث من بلوغ تريليون دولار، أي الرقم الرمزي الذي لم تبلغه قيمة أي شركة مدرجة في التاريخ.
كما أن قفزة الأسعار شملت أسهم «فيسبوك» و«غوغل»، على الرغم من بعض الأجواء السلبية التي أحاطت بالشركتين خلال الفترة القليلة الماضية، مع علو أصوات منظمين ومشرعين حول العالم لضبط كيفية جمعهما واستغلالهما معلومات وبيانات المستخدمين.
وبنتيجة عودة الأسعار إلى الصعود، زادت القيمة السوقية لأسهم المجموعة المعروفة اختصاراً باسم «غافام» («غوغل» و«آبل» و«فيسبوك» و«أمازون» و«مايكروسوفت») نحو 425 مليار دولار منذ 2 أبريل الماضي، لتبلغ 3.76 تريليون دولار. وفي التفاصيل، نجد أن قيمة «أمازون» وحدها زادت 116 ملياراً، حيث لم يعبأ المستثمرون في أسهمها كثيراً بموقف الرئيس دونالد ترمب السلبي من الشركة وممارساتها التجارية.
يذكر أيضاً أن أسعار أسهم شركات الإنترنت وتقنية المعلومات الصينية استفادت من القفزة التي تحققت، وعادت أسهم شركات مثل «بايدو» و«علي بابا» لتقترب من المستويات القياسية التي كانت بلغتها، في المقابل لم تتحرك أسعار أسهم شركة «تيسنت» الصينية منذ التصحيح الذي أصاب الأسعار بداية أبريل الماضي، والسبب أن النتائج الفصلية أتت مخيبة للآمال، بحسب المحللين الماليين.
ويوضح المحللون أن الأسعار عموماً تحسنت تأثراً بعدة معطيات، منها التهدئة التي عادت لتسود في الحوار التجاري بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، بعد تصريحات وتصريحات مضادة أنذرت بقرب وقوع حرب تجارية بين البلدين العملاقين اقتصادياً، وبعدما ركز الرئيس ترمب اهتمامه في قضايا الشرق الأوسط أكثر من القضايا التجارية.
والسبب الثاني والأهم هو إعلان النتائج الفصلية التي أتت في معظمها بنسب نمو شجعت المستثمرين أكثر على اقتناء أسهم شركات الإنترنت وتقنية المعلومات. فإذا كان نمو أرباح شركات مؤشر «إس أند بي 500» بلغ 25 في المائة بنتيجة الاستفادة من التعديل الضريبي الأخير الذي أجرته إدارة الرئيس ترمب، فإن أرباح شركات الإنترنت نمت بنسبة أفضل كثيراً وبلغت نحو 40 في المائة، وفقاً لمؤسسة «أوريل بي جي سي» الاستشارية المالية.
وتقول المؤسسة في تقرير لها إن «النتائج الفصلية لهذه الشركات أرسلت رسائل إيجابية للمستثمرين والأسواق، وسمحت بتجاوز نسبي للأجواء السلبية التي بدأت تحيط بشركات تقنية المعلومات، لجهة التهرب الضريبي وسوء استخدام معلومات المستخدمين وخرق خصوصيتهم والمساهمة في نشر الأخبار الكاذبة، وغيرها من القضايا التي سيتجدد الحديث عنها لا محالة في الفترة المقبلة، وهنا ستجد أسهم هذه الشركات نفسها مجدداً أمام تحديات من غير المعروف بعد كيف ستواجهها».
لكن المحللين لم يلاحظوا فتوراً في الإعجاب الذي تثيره هذه الثورة الرقمية، لا بل يزداد إقبال مستخدمي خدمات شركات مثل «آبل» و«غوغل» و«أمازون» و«نتفليكس» على دفع اشتراكات إضافية لقاء خدمات جديدة تزداد كماً ونوعاً كل يوم، ووتيرة الشراء أو الاشتراك صلبة في صعودها، ما يوفر للشركات دخلاً متزايداً يمكن التنبؤ به فصلاً بعد آخر.
وقال أحد المحللين: «من الصعب تصور وجود أسباب مقنعة، بفعلها وفي المدى القصير، لنماذج أعمال مدمجة مثل (فيسبوك) و(علي بابا) تفقد زخمها وموقعها المسيطر عالمياً، كما لا يمكن تصور سيناريوهات تفقد بموجبها تلك الشركات زخم النمو في مستخدمي خدماتها».
ويقول محلل من «أوريل بي جي سي» إن «صورة شركات التكنولوجيا خرجت مع نهاية الربع الأول معززة أكثر، لا سيما مع إعلان نتائجها الإيجابية الفصلية».
وهناك سبب آخر لارتفاع أسهم القطاع هو إعلانات برامج إعادة شراء الأسهم التي شجعها الخفض الضريبي الذي أجرته إدارة الرئيس ترمب، وأبرز تلك البرامج ما أعلنته شركة «آبل» وبقيمة 100 مليار دولار لهذه السنة صرفت منها 25 ملياراً حتى الآن.
وفي شرح أسباب الصعود أيضاً، يضيف محللون أن «التصحيح الذي حصل دفع مستثمرين إلى اقتناص فرص في أسهم بأسعار مغرية بعدما انخفضت كثيراً، علماً أن أسهم القطاع تشكل وزناً ثقيلاً في مؤشر (إس أند بي 500)، وبنسبة 27 في المائة من الإجمالي. كما أن إعلان شركة (بيركشاير هاثاواي) زيادة مساهمتها في رأسمال (آبل) جعل أسهم الشركة جاذبة أكثر في عيون المستثمرين، وارتفع السهم 4 في المائة فور نشر ذلك الإعلان».
وتتعين الإشارة في هذا الصدد إلى أن «بيركشاير هاثاواي» التي على رأسها المستثمر الملياردير وارين بافيت، تملك ما قيمته 40 مليار دولار في «آبل». وفي الجمعية العمومية للشركة قال بافيت، إنه كان يتمنى أيضاً شراء أسهم «فيسبوك» و«غوغل».
وعلق محللون بالإشارة إلى أن «بافيت معروف باستثماره في أسهم شركات السلع والخدمات الملموسة، لا سيما الاستهلاكية منها، وذلك مستمر منذ عقود بلا أي تغيير في استراتيجيته التي درت عشرات المليارات من الأرباح، فإذا به اليوم مفتون بالشركات غير الملموسة أو الافتراضية والرقمية... فهل هناك أكبر من هذا التحول النوعي والجذري؟!».
أسهم الإنترنت وتقنية المعلومات تعوض كل خسائرها
بعضها تخطى سعره الأسبوع الماضي قمماً تاريخية سابقة
أسهم الإنترنت وتقنية المعلومات تعوض كل خسائرها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة