حزب بارزاني يتصدر الانتخابات كردياً... ويفاجئ المراقبين في نينوى

يليه {الاتحاد الوطني} وسط اتهامات معارضيه له بـ«تزوير النتائج» في السليمانية

أنصار {الاتحاد الوطني الكردستاني} يحتفلون في كركوك بعد غلق مراكز الاقتراع أول من أمس (رويترز)
أنصار {الاتحاد الوطني الكردستاني} يحتفلون في كركوك بعد غلق مراكز الاقتراع أول من أمس (رويترز)
TT

حزب بارزاني يتصدر الانتخابات كردياً... ويفاجئ المراقبين في نينوى

أنصار {الاتحاد الوطني الكردستاني} يحتفلون في كركوك بعد غلق مراكز الاقتراع أول من أمس (رويترز)
أنصار {الاتحاد الوطني الكردستاني} يحتفلون في كركوك بعد غلق مراكز الاقتراع أول من أمس (رويترز)

فور إغلاق مراكز الاقتراع وظهور النتائج الأولية غير الرسمية للانتخابات التشريعية العراقية التي جرت أول من أمس التي أظهرت فوز الحزبين الرئيسيين الحاكمين في إقليم كردستان العراق، (الديمقراطي والاتحاد الوطني)، تفاقمت الأوضاع السياسية المتوترة أصلاً، في الكثير من مدن إقليم كردستان، لا سيما في مركز محافظة السليمانية، التي تعتبر معقلاً لقوى المعارضة، التي تتصدرها حركة التغيير.
وطوقت قوة عسكرية من جهاز مكافحة الإرهاب التابع لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني، مدججة بشتى صنوف الأسلحة المتوسطة والخفيفة، المقر الرئيسي لحركة التغيير في السليمانية منذ ساعات المساء الأولى وحتى منتصف الليلة قبل الماضية، وشرعت بإطلاق نار عشوائي ومكثف على المقر الذي يضم أيضا، أجهزة الإعلام التابعة للحركة، ما أسفر عن إلحاق أضرار مادية بتلك المقار. وجاء ذلك إثر البيانات والنداءات المتتالية التي أطلقتها حركة التغيير متهمة فيها الاتحاد الوطني بممارسة القرصنة الإلكترونية على الأجهزة الحديثة التي استخدمت في عملية الاقتراع، لصالح الاتحاد الذي حصد خمسة مقاعد في كل من محافظتي السليمانية وكركوك، إضافة إلى ثلاثة مقاعد في أربيل، ومقعد واحد في كل من نينوى وديالى.
لكن التوترات زالت بعد تلبية آلاف من الشباب لنداءات حركة التغيير، بتشكيل طوق بشري في محيط المقار القيادية، ما أرغم القوة المذكورة على الانسحاب إلى ثكناتها.
أما الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني، فقد تصدر المشهد الانتخابي كرديا وكذلك في محافظة نينوى، حسب النتائج الأولية، وحصد أغلبية المقاعد في العاصمة أربيل بواقع 8 مقاعد من أصل 16. وفي دهوك بواقع 9 مقاعد من أصل 11. بيد أن المفاجأة الكبرى تمثلت بحصول الديمقراطي على 7 مقاعد من أصل 31 مقعداً في محافظة نينوى، التي تسيطر عليها السلطات الاتحادية بعد تحريرها من قبضة «داعش» في أغسطس (آب) الماضي، الأمر الذي يثير الكثير من علامات الاستفهام والتعجب، خصوصا أن الكثير من مؤيدي الحزب الديمقراطي في مناطق سهل نينوى مثل (ربيعة، زمار، تلسقف، بعشيقة، بحزاني، سنوني، سنجار، وغيرها) كانوا قد نزحوا عنها إثر ما سمي حينها بعملية إعادة انتشار القوات العراقية وفصائل الحشد الشعبي، في المناطق المسماة دستورياً بالمتنازع عليها، في 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ومع ذلك اتهم الديمقراطي بدوره، جهات سياسية لم يسمها بممارسة التزوير في السليمانية وحلبجة ومناطق كرميان، وسرقة أصوات ناخبيه لكنه لم يدع إلى إلغاء نتائج التصويت، أو حتى إعادة فرز الأصوات يدوياً، ما يعني بطبيعة الحال أنه راض عن تلك النتائج.
التشكيك في النتائج الأولية للانتخابات ورفضها تماماً، لم يقتصر على حركة التغيير بل أيدته أحزاب أخرى، مثل الاتحاد الإسلامي الذي لم يحصد سوى مقعدين في محافظة دهوك، والجماعة الإسلامية والحزب الشيوعي الكردستاني، والحراك الجديد الذي حصد ثلاثة مقاعد في أربيل وحدها، وتحالف العدالة والديمقراطي برئاسة السياسي المعروف برهم صالح، حيث طالبت هذه القوى بإلغاء نتائج التصويت بسبب ما وصفته بالتزوير المفضوح والواسع والتلاعب الكبير بأصوات الناخبين.
وقال صابر إسماعيل، القيادي في حركة التغيير: «إننا نطعن في نتائج التصويت ونطالب بإعادة فرز الأصوات يدوياً لكي نطمئن تماماً على النتائج، وفي حال جاءت مطابقة للعد الإلكتروني فسنعترف بها، لكن تبني النتائج الحالية سينعكس سلباً على الوضع الداخلي للبيت الكردي، وسوف لن يكون بين حركتنا وأحزاب السلطة التي مارست التزوير والغش أي تعاون مستقبلي في مجلس النواب العراقي».
النتائج الأولية جاءت على ما يبدو مخيبة لآمال الكثير من ناخبي هذه الأحزاب، فقد أكد «بختيار كاكل» 28 عاماً أنه محبط كثيراً، بسبب ما وصفه بالتزوير المفضوح الذي مورس في عملية الانتخابات، وقال لـ«الشرق الأوسط» «لم يعد للديمقراطية والانتخابات أي معنى في بلادنا، أشعر بإحباط شديد وسوف لن أشارك في الانتخابات التشريعية القادمة في الإقليم، لأن النتائج معروفة سلفاً ولن تغير من الواقع السياسي والإداري في الإقليم».
الحال ذاتها سادت في أوساط القوى السياسية العربية والتركمانية في كركوك، حيث طالب محافظها بالوكالة، راكان سعيد الجبوري، الذي كان مرشحاُ عن التحالف العربي، السلطات الثلاث بالتدخل الفوري لتصحيح الوضع، داعياً إلى نقل صناديق الاقتراع إلى بغداد وإعادة فرز الأوراق الانتخابية يدوياً، فيما أصدر ممثلو المكونين التركماني والعربي بيانا مشتركاً اتهما فيه بعض موظفي مفوضية الانتخابات في كركوك، باستبدال ذاكرات الأجهزة الإلكترونية لحساب جهات سياسية معينة، وهددوا بتحريك الشارع وإعلان العصيان المدني، ما لم تلب مطالبهم المتمثلة بإعادة فرز الأصوات يدوياً في بغداد واستبعاد الموظفين المتورطين في عملية تبديل الذاكرات الإلكترونية المزعومة.
بدوره، قال النائب السابق في البرلمان العراقي أرشد الصالحي، زعيم حزب البهة التركمانية خلال مؤتمر صحافي، بأن سكان كركوك من التركمان والعرب سيواصلون المظاهرات الاحتجاجية أمام مقر المفوضية في المدينة لحين تلبية مطالبهم المتمثلة بإعادة فرز وعد الأصوات يدوياً، تحت إشراف لجنة حكومية مختصة.
وتزامن ذلك مع مظاهرات غاضبة للناخبين العرب والتركمان جابت شوارع كركوك مطالبة بإعادة عملية فرز صناديق الاقتراع التي ما زالت رهن الاحتجاز لدى الجهات الأمنية في المحافظة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».