تونس: «المستقلون» يفاجئون الأحزاب في أول انتخابات بلدية حرة

بعثة الاتحاد الأوروبي تؤكد صدقية الاقتراع رغم النقائص اللوجيستية

TT

تونس: «المستقلون» يفاجئون الأحزاب في أول انتخابات بلدية حرة

أكد محمد التليلي المنصري، رئيس الهيئة العليا التونسية المستقلة للانتخابات، خلال مؤتمر صحافي عقده بالمركز الإعلامي لهيئة الانتخابات وسط العاصمة أمس، ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات البلدية التي جرت الأحد الماضي إلى حدود 35 في المائة، وذلك في انتظار استكمال الانتخابات في مكاتب الاقتراع بمنطقة المظيلة (جنوبي غرب)، التي أجلت بسبب أخطاء في بطاقات التصويت.
وأوضح المنصري أن هيئة الانتخابات ستعلن عن النتائج الأولية الرسمية اليوم (الأربعاء) للانتخابات البلدية، التي شهدت مشاركة 2074 قائمة انتخابية. لكن ينتظر أن تحدث القوائم الانتخابية المستقلة التي تمثل نحو 41 في المائة من الترشحات، مفاجأة مهمة بإزاحة حزبي «النداء» و«النهضة» من مقدمة استطلاعات الرأي والتوقعات التي جرى الإعلان عنها خلال اليوم الأول الذي تلا الاقتراع.
وقال عادل البرينصي، عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن القوائم المستقلة حازت المرتبة الأولى في الانتخابات البلدية بنسبة 32.27 في المائة، بينما حصلت «حركة النهضة»، بعد فرز الأصوات في 253 بلدية من إجمالي 350 بلدية، على 28.56 في المائة من الأصوات، فيما حل «حزب النداء» في المرتبة الثالثة بـ12.22 في المائة. كما تمكن حزب التيار الديمقراطي المعارض من تحقيق تقدم مهم لدى الناخبين بعد حصوله على 4.22 في المائة من الأصوات، فيما احتلت الجبهة الشعبية اليسارية المرتبة الخامسة بنسبة 3.74 في المائة. بينما حصلت بقية الأحزاب والقوائم المستقلة المشاركة على عدد ضئيل من الأصوات لا تتجاوز 3 في المائة، وهو ما لن يمكنها من دخول المجالس البلدية.
وأكدت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات البلدية أمس أن الانتخابات التي جرت يوم الأحد كانت ذات مصداقية وشفافة، رغم بعض النقائص التي رافقت الحملات الانتخابية، والعوائق اللوجيستية في عدد من مراكز الاقتراع.
وقال فابيو ماسيمو كاستالدو، نائب رئيس البرلمان الأوروبي رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لملاحظة الانتخابات في تونس: «لقد تمكن الناخبون التونسيون من التعبير عن اختيارهم بكل حرية، عبر انتخابات ذات مصداقية».
وتابع كاستالدو، في بيان صحافي، أن هذه الانتخابات «ستساهم في تجذير الديمقراطية على المستوى المحلي، وتشكل خطوة تاريخية نحو إرساء اللامركزية المكرسة في دستور 2014».
كما أشار رئيس البعثة إلى بعض المشكلات المرتبطة بضعف مشاركة الشباب في التصويت، والمشكلات اللوجيستية التي ظهرت في عدد من مكاتب الاقتراع، التي فتحت أبوابها متأخرا، فيما أغلقت مكاتب أخرى وأرجئت فيها الانتخابات إلى موعد لاحق بسبب مشكلات تقنية.
كما لفت كاستالدو إلى بعض التقصير في الحملات الانتخابية التي ظهرت بشكل محدود في الفضاء العام، بجانب ضعف التغطية الإعلامية في ظل قواعد صارمة ومبالغ فيها، فرضتها هيئة الانتخابات.
وبخصوص التجاوزات التي شابت عمليات الاقتراع، أكد المصدر ذاته تسجيل نحو مائة مخالفة انتخابية خطيرة خلال يوم الاقتراع، وما لا يقل عن 900 مخالفة خلال فترة الحملة الانتخابية ويوم الصمت الانتخابي، وهو ما قد يؤثر على النتائج النهائية للعملية الانتخابية.
وقبل عرض النتائج النهائية، يطرح الناخبون أسئلة كثيرة حول مدى الاستقلال الفعلي للمستقلين، حيث أعلنت كل من «حركة النهضة» و«حزب النداء» قبل الحملة الانتخابية تخصيص 50 في المائة من قوائمها المترشحة لفائدة المستقلين. كما انتقدت أطراف سياسية بشدة القوائم المستقلة بقولها إنها ستعمل تحت «جبة» حركة «النهضة» وبتوجيه من «ربطة عنق النداء».
وأشارت هيئة الانتخابات إلى فوز قائمة «الأفضل»، التي يرأسها فاضل موسى عضو المجلس التأسيسي السابق (البرلمان)، بحصولها على المرتبة الأولى في مدينة أريانة القريبة من العاصمة، متقدمة على مرشحي حزبي «النهضة» و«النداء». غير أن المتابعين لمسيرة موسى يؤكدون أنه انتمى في السابق إلى «حزب حركة التجديد (اليساري)»، الذي تحول اسمه إلى «حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي»، مما يجعل عبارة «قائمة انتخابية مستقلة» محفوفة بالتشكيك، وهذا الأمر يتجاوز قائمة فاضل موسى إلى عدد كبير من القوائم الانتخابية الأخرى، التي خاضت الانتخابات البلدية هي الأخرى تحت لافتة «قائمة مستقلة».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان عن تأسيس حزب سياسي جديد أطلق عليه اسم حزب «حركة تونس إلى الأمام»، بمبادرة عبيد البريكي، الوزير السابق للوظيفة العمومية ومقاومة الفساد، والقيادي النقابي السابق الطامح إلى تشكيل قوة سياسية يسارية تنافس حزبي «النهضة» و«النداء» الليبراليين.
وفي هذا السياق، أشار البريكي إلى أن الهيئة التأسيسية لـ«حركة تونس إلى الأمام» تتكون من 5 أحزاب، هي: «الحزب الشعبي التقدمي»، و«حزب الوحدة الشعبية»، و«حزب العمل الوطني الديمقراطي» و«حزب الثوابت» و«حزب تونس المستقبل»، إضافة إلى عدد من المستقلين من بينهم عدنان حاجي النائب بالبرلمان التونسي.
وبخصوص علاقة الحزب الجديد مع «الجبهة الشعبية» المتزعمة التيار اليساري، ومدى تفاعلها مع المبادرة التي تسعى إلى توحيد صفوف اليساريين وتجميعهم في «حزب اليسار الكبير»، قال البريكي إن «حركة تونس إلى الأمام» لن تستثني أي تنظيم سياسي في إطار فهم جديد لليسار ودوره في ضمان التوازن السياسي بين مختلف القوى الفاعلة في تونس.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.