بوتين يدشن ولايته الرابعة بتأكيد مواصلة سياساته الداخلية والخارجية›

جدد الثقة بميدفيديف... وسجالات حول وضع الحريات والأحوال المعيشية

بوتين يصل إلى قاعة «أندرييفسكي» قبل مراسم التنصيب في الكرملين أمس (أ.ف.ب)
بوتين يصل إلى قاعة «أندرييفسكي» قبل مراسم التنصيب في الكرملين أمس (أ.ف.ب)
TT

بوتين يدشن ولايته الرابعة بتأكيد مواصلة سياساته الداخلية والخارجية›

بوتين يصل إلى قاعة «أندرييفسكي» قبل مراسم التنصيب في الكرملين أمس (أ.ف.ب)
بوتين يصل إلى قاعة «أندرييفسكي» قبل مراسم التنصيب في الكرملين أمس (أ.ف.ب)

أدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليمين الدستورية أمس، وتولى منصبه رسمياً، في ولاية رئاسية رابعة تبقيه في الكرملين حتى عام 2024.
وجرت مراسم التنصيب في قاعة «أندرييفسكي» الفاخرة في الكرملين، بحضور نحو 5 آلاف شخص. ورافقت كاميرات التلفزيون بوتين وهو يغادر مكتبه في القصر الرئاسي، ويسير وحيداً في ممرات الكرملين، متجهاً نحو القاعات المرصعة بالذهب التي احتشد فيها ضيوف المناسبة. وقد استغرقت المراسم نحو 50 دقيقة، واشتملت على أداء اليمين الدستورية، التي تعهد بوتين بموجبها باحترام القانون والحريات، والدفاع عن وحدة وسيادة البلاد، ثم انتقل إلى ساحة مجاورة للإشراف على عرض عسكري قدمته وحدة الحرس الرئاسي، بعد أن كانت المدفعية قد أطلقت 30 طلقة، وفقاً للتقاليد الروسية.
وتتضمن المراسم تسليم الرئيس المنتخب شعار الدولة وعلمها، ونسخة مذهبة من الدستور تكون في حوزته طوال فترة ولايته الرئاسية، ثم يقوم وزير الدفاع بتسليمه الحقيبة النووية، التي تحوي شفرات التحكم بالترسانة النووية، وترافق الرئيس في جولاته وتحركاته دائماً.
ووجه بوتين، بعد أداء اليمين، خطاباً إلى الأمة، أكد فيه «إدراك حجم المسؤولية الكبرى الملقاة على كاهلي»، وتعهد بالقيام بـ«كل ما يمكن لازدهار ومستقبل روسيا». وشكر الرئيس، الذي فاز في مارس (آذار) الماضي بأصوات نحو 77 في المائة من الروس، المواطنين على «دعمهم الصادق الذي أظهروه في الانتخابات الرئاسية».
وفي إشارة إلى سياسته الخارجية خلال المرحلة المقبلة، شدد بوتين على أنه «يتعين على روسيا اتخاذ قرارات تاريخية ستحدد مصير البلاد لعقود مقبلة»، وقال إن العالم يمر بمرحلة تغييرات كبرى، وإن على روسيا أن «تحافظ على ريادتها في المجالات التي حققتها، وأن تسعى للريادة في المجالات التي ما زالت تعمل على تحقيق اختراقات فيها»، وأكد أن «روسيا باتت قادرة على ضمان أمنها وقدراتها الدفاعية وسيادتها»، مشيراً إلى الانفتاح على الحوار، ورغبتها في أن تكون شريكاً مهماً في المجتمع الدولي، لكنه زاد أن هذا الحوار يجب أن يقوم على «أساس الندية والتكافؤ واحترام المصالح المتبادلة».
وداخلياً، تجنب بوتين الإشارة إلى المعارضة الروسية، لكنه قال إن المجتمع المدني الحر يجب أن يكون أساساً ثابتاً لتطور روسيا، وتعهد بمواصلة تطوير التعليم والصحة، وحماية الأمومة والطفولة، معتبراً أن هذه المهام «ستكون على رأس أولويات الدولة في السنوات المقبلة».
وختم الرئيس الروسي بتأكيد عزمه على أن «يعمل ما بوسعه لزيادة قدرة وازدهار ومجد روسيا، التي مرت خلال ألف عام بمراحل فتن واختبارات كبرى، لكنها كانت دائماً قادرة على تجاوزها والانتصار عليها».
ورغم أن الخطاب لم يخرج عن المعتاد في مثل هذه المناسبات، خصوصاً أن بوتين يلقيه للمرة الرابعة في حياته السياسية، فإن اللافت أن الرئيس تعمد تأكيد الثوابت الرئيسية التي تحدث عنها في أكثر من خطاب خلال السنة الأخيرة، ما عكس تأكيداً على أن ولايته الرئاسية الجديدة لن تحمل تغييرات على صعيد سياسته الخارجية أو الداخلية.
وقد عزز من هذا التوجه مسارعة بوتين إلى تجديد الثقة برئيس الوزراء ديمتري مدفيديف، الذي قدم استقالة حكومته بعد أداء القسم الدستوري، وفقاً للقوانين الروسية، حيث وجه بوتين رسالة إلى مجلس الدوما الروسي، يطلب فيها منح الثقة لمدفيديف مجدداً لتشكيل حكومة جديدة.
ويعد هذا التوجه واحداً من الملفات التي كان يحوم حولها جدل واسع خلال الفترة الأخيرة، خصوصاً في ظل تراجع شعبية مدفيديف كثيراً بسبب تدني الأحوال المعيشية، وبروز قضايا فساد عدة حامت حوله وأعضاء في حكومته، بالإضافة إلى أن رئيس الوزراء يخوض مواجهة غير معلنة تسربت كثير من تفاصيلها إلى الصحافة في الشهور الماضية مع عدد من مراكز القوى المقربة من الكرملين. لذلك، كانت التوقعات تشير إلى احتمال عدم التجديد له، لكن أوساطاً روسية رأت في قرار بوتين «رغبة في المحافظة على ثبات الوضع الراهن، وعدم التسبب بهزات اقتصادية أو سياسية داخلية في هذه الظروف».
ولفتت أوساط إلى أن بوتين ربما يكون قد اختار مبدأ الاستقرار مؤقتاً على تفعيل الإصلاحات، ما يعني أنه قد يذهب خلال شهور إلى إجراء تعديلات حكومية تلبي متطلبات المرحلة المقبلة. وأعلن أمس أن مجلس الدوما سوف يجتمع اليوم (الثلاثاء) لقبول ترشيح مدفيديف، ما يعكس رغبة لدى بوتين في تسريع الإجراءات المتعلقة بإعلان تشكيلة الحكومة الجديدة.
وكان لافتاً أن مراسم التنصيب هذا العام جاءت على خلفية تصاعد الاحتجاجات في البلاد بسبب الفساد والأوضاع المعيشية المتدهورة. وكانت السلطات الأمنية قد قمعت بعنف مظاهرات جرت في 90 مدينة روسية قبل يومين على مراسم التنصيب. ولفتت أوساط معارضة إلى أن بوتين استبق مراسم التنصيب باجتماع عقده مع أركان الحكومة، ليلة الاثنين، أشاد فيه بـ«انفتاح الحكومة على الحوار مع الشعب». ورأت المعارضة في هذه العبارة، التي جاءت على خلفية مشاهد ضرب المتظاهرين، تشديداً من جانب الرئيس في مطلع ولايته الجديدة على التعامل بحزم مع «محاولات زعزعة الأوضاع، أو الإخلال بالأمن».
وعكست استطلاعات رأي حديثة انقساماً وتفاوتاً في درجات تعامل الروس مع أداء الرئيس خلال المرحلة الماضية، إذ رأى نحو نصف الروس أن أهم إنجازات بوتين منذ وصوله إلى السلطة عام 2000 تمثل في المحافظة على وحدة البلاد، ومنعها من التفكك والانهيار، بالإضافة إلى إعادة لقب «الدولة العظمى» لروسيا في مجال السياسات الخارجية.
ودل الاستطلاع الذي أجراه مركز «ليفادا» المستقل، ونشرته أمس صحيفة «آر بي كيه»، على تباين في أولويات الروس، إذ على الرغم من ارتياح أكثر من نصفهم لـ«إنجازات بوتين»، فإن غالبية كبرى، بلغت نحو 90 في المائة، شددت على حاجة البلاد إلى إجراء تغييرات وتحديثات شاملة.
وقال فاليري فيودوروف، المدير العام للمركز، إن هذه النتيجة تعكس الثقة ببوتين، وعدم الثقة بالنظام في المقابل، وإن «استطلاعات الرأي العام تظهر أن المواطنين يتوجهون إلى الرئيس بوتين بالذات، طالبين منه إجراء تغييرات عميقة في حياة مجتمعنا»، وتابع أن «الناخبين ينتظرون من الرئيس تغييرات لا ينبغي أن تفيد مجموعات ضيقة، بل طبقات واسعة من الروس».
ورجح نحو ثلثي الروس، في الاستطلاع ذاته، أن تشهد البلاد تحولات عميقة قريباً، قالوا إنها يجب أن تطال مختلف مجالات الحياة، ومعظم المناطق والقطاعات. وفي الوقت ذاته، انتقد نحو 45 في المائة ما وُصف بأنه «فشل بوتين في تلبية طموحات الروس في تحسين أوضاعهم المعيشية»، علماً بأن نسبة هؤلاء كانت في استطلاع أجراه المركز قبل عامين لا تزيد على 39 في المائة، ما عكس تزايداً في النقمة على الأوضاع الاقتصادية.
وهو أمر عكسه أيضاً سؤال عام حول الثقة بوفاء الرئيس بتعهداته، إذ أبدى 32 في المائة شكوكاً في هذا المجال، في مقابل 15 في المائة كان هذا موقفهم عند توجيه السؤال ذاته إليهم في 2015.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».