تواجه «كتلة الموالاة» في الجزائر، التي تطلق على الأحزاب المساندة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، انقساماً حاداً بسبب اختلاف مواقفها من الترشح المفترض للرئيس لولاية خامسة. فبينما تكثف «جبهة التحرير الوطني» من نشاطها الميداني لحشد التأييد لاستمراره في الحكم، على أمل أن يعلن عن ذلك في أقرب وقت، ترفض ثلاثة أحزاب أخرى الخوض في هذه القضية، ما لم يعبر صاحب الشأن بنفسه عن رغبته في التمديد.
«سنظل نناشده ونترجاه حتى يستجيب لندائنا»، هكذا اختصر جمال ولد عباس، أمين عام «جبهة التحرير»، في جملة الخطة التي بدأ بتنفيذها منذ شهر، وتتمثل في ممارسة ضغط على الرئيس، لـ«لفت انتباهه بأن مسألة ترشحه لرئاسية 2019 المرتقبة، ليس له أن يقبلها أو يرفضها، لأن الجزائريين فصلوا فيها.. إنهم يريدون منه استكمال المسار الناجح الذي بدأه عام 1999». وقد جدد ولد عباس ولاءه للرئيس أمس بالعاصمة أمام عدد كبير من الصحافيين، جاءوا لتغطية لقائه بمسؤولي الإعلام داخل الهياكل التي تتبع للحزب بالولايات والبلديات. وكان اللقاء مناسبة له، للترويج لـ«إنجازات الرئيس».
وتتعامل بقية الأحزاب، التي تدعم الرئيس، بفتور كبير مع مسعى ولد عباس، الذي يبحث عن قيادة «قاطرة الولاية الخامسة»، وأن يفرض نفسه كأمر واقع، عندما يعلن بوتفليقة الترشح (في حال تم ذلك). ومن الأحزاب غير المتحمسة لذلك «الحركة الشعبية الجزائرية»، بقيادة وزير التجارة سابقا عمارة بن يونس، الذي انتقد بشدة غياب التعاون والتشاور بين «مجموعة الموالاة»، بخصوص التعامل مع الانتخابات المنتظرة بعد عام. وقال بن يونس إنه سيدعم الرئيس لو ترشح من جديد، ورفض مناشدته الاستمرار في الحكم كما فعل ولد عباس «لأن هذه القضية بالذات شخصية ومرتبطة بالمعني بالأمر وحده».
نفس الموقف عبر عنه أمين عام «التجمع الوطني الديمقراطي» أحمد أويحيى، الذي يشغل حاليا منصب رئيس الوزراء، حيث صرح لصحافيين بأنه يأمل «أن يواصل الرئيس مسيرة البناء الوطني التي بدأها، ولكن هذا الأمر لا ينبغي أن يكون محل مزايدة من أي كان، لذلك علينا أن ننتظر حتى يعلن الرئيس بنفسه بأنه يرغب في الترشح، وحينها سنكون أول من يبارك ذلك». كما يتحاشى عمر غول، رئيس «تجمع أمل الجزائر»، هو الآخر أن يحذو حذو ولد عباس.
وفهم من مواقف أويحيى وبن يونس وغول أن مسألة «التمديد» لم يفصل فيها بوتفليقة وأفراد عائلته، الذين يشاركونه الحكم، وخاصة شقيقيه سعيد (مستشار بالرئاسة) وناصر (أمين عام وزارة التكوين المهني)، وشقيقته لطيفة، المشرفة على شؤون الطبخ برئاسة الجمهورية. وهؤلاء الثلاثة، إضافة إلى والدته المتوفاة، كانوا دائما أول من يستشيرهم بوتفليقة حول مصيره في الحكم.
وتوجد عدة شخصيات مقربة من الرئيس، بعضهم تجمعهم به صداقة، رفضوا الانخراط في حملة ترويج مبكرة لـ«الولاية الخامسة»، منهم رئيس البرلمان سابقا عبد العزيز زياري، ووزير الإعلام سابقا ناصر مهل، اللذان أعلنا رفضهما «ممارسة أي وصاية على الرئيس»، وصرحا بأنهما سيدعمان ترشحه المفترض إن جاء على لسانه.
ويرجح مراقبون بأن بوتفليقة بصدد ترقب مدى تقبل الجزائريين فكرة استمراره في الحكم، وهو مريض عاجز عن الكلام والحركة منذ خمس سنوات. فإذا وجد تأييدا واسعا منهم سيكون لديه حينها مبرر مقنع تجاه الخارج (وهو الأهم) والداخل لأن «الولاية الخامسة» ستصبح «مطلبا شعبيا ملحا لا يمكنه التهرب منه». وتقريبا تعامل بوتفليقة مع نفس الموقف عشية رئاسية 2014، التي لم يشارك في حملتها الانتخابية بسبب المرض. ففي «رسالة» إلى الجزائريين قال إنه «أفنى زهرة شبابه من أجل الجزائر»، وإنه لم يكن يرغب في إضافة فترة رئاسية رابعة على أساس أن المرض نال منه، «لكنكم غمرتموني بكرمكم وندائكم لي بالاستمرار، فما كان علي إلا أن أنزل عند رغبتكم».
الجزائر: «رئاسية 2019» تُحدث شرخاً في «كتلة الموالاة»
3 أحزاب مساندة لبوتفليقة ترفض حملة مبكرة لـ«الولاية الخامسة»
الجزائر: «رئاسية 2019» تُحدث شرخاً في «كتلة الموالاة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة