زحلة: الرشاوى تتصدر

TT

زحلة: الرشاوى تتصدر

شهدت مدينة زحلة في البقاع اللبناني معركة انتخابية حامية الوطيس بين القوى الفاعلة فيها، التي تتميز بتناقضاتها الكبيرة وخلافاتها الدائمة، وهو ما انعكس في الحملات الانتخابية، ومن ثم في العملية الانتخابية نفسها، أمس، والتي تنافس فيها 32 مرشحاً على 7 مقاعد نيابية، ذلك أن دائرة البقاع الأوسط تتشكل من خليط حزبي وسياسي وطائفي، يشكل عاملاً لحوادث انتخابية بين مختلف الأطراف.
تتألف هذه الدائرة من قضاء واحد هو قضاء زحلة، وقد أبقاها القانون الجديد كما كانت عليه في قانون الانتخاب السابق. ينقسم الناخبون بين مسيحيين يشكل الكاثوليك النسبة الأكبر من بينهم، ومسلمين، ويبلغ عدد المقترعين المسيحيين نحو 95000 ناخب، والمسلمين نحو 77000 ناخب.
وتنافست في زحلة 5 لوائح، أولاها «الكتلة الشعبية» التي ترأسها مريام طوق، زوجة نائب المدينة الراحل جوزف سكاف الذي تشكل عائلته لاعباً أساسياً في المدينة منذ زمن طويل، تنافسها لائحة «زحلة قضيتنا» وتضم تحالف القوات اللبنانية وحزب الكتائب، ولائحة «زحلة للكل» التي تضم تحالف التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، ولائحة «زحلة الخيار والقرار» وهي تحالف «حزب الله» والنائب نقولا فتوش، ولائحة «كلنا وطني» التي تضم مرشحين من المجتمع المدني.
التحالف بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل شكّل نقطة محورية في زحلة، لكنّ هذا لم يمنع من اعتبار الفريقين، أن تحالفهما هذا «طبيعي ويهدف للحفاظ على الاستقرار الداخلي والشراكة التي بدأت مع تسمية رئيس الحكومة سعد الحريري للرئيس ميشال عون لرئاسة الجمهورية».
وككل العمليات الانتخابية، كانت الشائعات سيدة الموقف في زحلة، إذ سرت شائعة عن أن تيار المستقبل لن يعطي صوته (التفضيلي) لمرشحه عن المقعد الشيعي في البقاع الأولى نزار دلول، ما دفع بدلول إلى إصدار بيان تكذيبي، مشدداً على متابعة المعركة، لأن «ترشحه جاء بناءً على رغبة الأكثرية الساحقة من أعضاء تيار المستقبل».
وكانت نسبة الاقتراع متدنية صباحاً، إذ وصلت ظهراً إلى نحو 15 في المائة فقط، ما دفع بعض المرشحين إلى السعي لجذب المرشحين إلى صناديق الاقتراع، وسرت شائعات عن توزيع بعض المرشحين للأموال علناً. وحُكي عن مبالغ نقدية، بدأت بـ300 ألف ليرة لبنانية (200 دولار) من قبل مرشحين غير مدعومين من أي جهة حزبية، مروراً بالمليون ليرة (666 دولار) للمدعوم حزبياً، وصولاً إلى 1000 دولار من مرشحين مموَّلين. كما سرت معلومات عن ضبط قوى الأمن الداخلي ناخباً يحمل قلماً يحتوي على كاميرا تصوير، لتوثيق عملية الانتخاب.
ولم تخلُ العملية من بعض الخروق اللوجيستية، إذ حضر مرشح «القوات اللبنانية» القاضي جورج عقيص للإدلاء بصوته في متوسطة رياق الرسمية، لكنه فشل في إتمام التصويت، بسبب عدم تطابق رقم جواز السفر الذي يحمله مع الرقم المدرج على لوائح الشطب، ومن ثم تم حل هذا الإشكال لاحقاً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».