انتقد كثيرون إنفاق نادي مانشستر سيتي 50 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع لاعب يلعب في مركز الظهير، لكن ظهيري الجنب لعبا دورا حاسما في تتويج مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما هيمن الفريق على المسابقة تماما منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وتهكم البعض على إنفاق المدير الفني لمانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، مبالغ مالية كبيرة للتعاقد مع كايل ووكر وبنجامين ميندي، في إشارة ضمنية إلى أن مركز الظهير يعد أقل المراكز أهمية في كرة القدم اليوم.
لكننا شاهدنا جميعا مبارتي الدور نصف النهائي لدوري أبطال أوروبا وكيف حسمت المباراتان نتيجة أداء اللاعبين في هذا المركز الذي أعتقد أنه أكثر مركز لا يحظى بالتقدير اللازم في كرة القدم الحديثة رغم أهميته الكبرى. ولكي ندرك ذلك جيدا، يجب علينا أن ننظر إلى ما حدث في مباراة ليفربول أمام روما في ذهاب دوري أبطال أوروبا، عندما اعتمد المدير الفني للنادي الإيطالي، إيزيبيو دي فرنشيسكو، على 3 لاعبين في الخط الخلفي ولم يلعب بظهيرين على الأطراف، وهو ما ساعد محمد صلاح وساديو ماني على التحرك في المساحات الخالية خلف خط الدفاع، الذي كان يلعب بثلاثة لاعبين أمام ثلاثة أو يحاول أن يلعب ككتلة واحدة ويعاني كثيرا في محاولة إيقاف جناحي ليفربول اللذين كانا يخترقان الدفاع بسهولة كبيرة.
وقد سمح ذلك لصلاح وماني بالتحرك في المساحات الخالية بسرعة كبيرة أمام مدافعين أكثر طولا وأقل سرعة وحركة. وقد سجل روما هدفيه في الوقت الأخير من المباراة بعد خروج صلاح من الملعب وتغيير الفريق الإيطالي طريقة اللعب بالاعتماد على 4 لاعبين في الخلف وظهيرين على الأطراف، وهي الطريقة التي كان من الأفضل أن يعتمد عليها الفريق الإيطالي منذ البداية لغلق المساحات أمام جناحي ليفربول صلاح وماني. وبعد تغيير طريقة اللعب والاعتماد على ظهيرين في آخر 15 دقيقة، تمكن روما من الهجوم وأخذ زمام المبادرة للمرة الأولى خلال المباراة.
وفي مباراة بايرن ميونيخ أمام ريال مدريد في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا الآخر، كان ظهراء الجنب لهم الكلمة العليا في تحديد النتيجة النهائية للمباراة، حيث تقدم النادي الألماني بهدف لظهيره الأيمن جوشوا كيميش الذي قام بدوره كما ينبغي في كرة القدم الحديثة بعدما انطلق لمسافة 80 ياردة وسجل هدفا مستغلا الخطأ الدفاعي من النجم البرازيلي مارسيلو وتأخره في العودة للقيام بواجباته الدفاعية.
وبعد ذلك، عوض مارسيلو خطأه الدفاعي بتسجيل هدف التعادل بطريقة رائعة في الوقت الذي كان فيه العملاق البافاري قريبا من إضافة هدفه الثاني. وقد وجد مارسيلو في المكان المناسب تماما لاستخلاص الكرات التي يشتتها الدفاع الألماني واستغلها على النحو الأمثل.
وعلاوة على ذلك، كان الظهير الأيمن لوكاس فاسكيز هو أهم لاعب في ريال مدريد في آخر 30 دقيقة من عمر المباراة، لأنه تصدى للهجوم القوي من النجم الفرنسي فرنك ريبيري الذي تألق وشكل خطورة كبيرة للغاية من الناحية اليسرى لفريقه. ويعد هذا بمثابة مثال ممتاز على أهمية الدور الهجومي والدفاعي لظهير الجنب، سواء في أداء أو نتائج أي فريق. ويفتح هذا الأمر المجال للحديث عن ضرورة رؤية الصورة بشكل أوسع، بدلا من التقليل من أهمية هذا المركز أو ذاك.
وطوال مسيرتي الكروية، دائما ما كان يتم التقليل من أهمية ظهيري الجنب في أداء الفريق، خصوصا في أعلى المستويات. ودائما ما نسمع الحديث يدور عن أهمية «العمود الفقري للفريق» أو الحاجة إلى التعاقد مع حارس مرمى جيد، وهو أمر يمكن تفهمه في حقيقة الأمر، لكن هل هناك مركز آخر غير ظهير الجنب يتعين عليه أن يقطع مسافات طويلة للغاية داخل الملعب، وأن يمتلك مهارات كبيرة في التعامل في موقف لاعب ضد لاعب، وأن يقوم بواجباته الدفاعية على أكمل وجه، وأن يكون لديه وعي خططي كبير، ويقدم الدعم الهجومي اللازم لخط الهجوم، ويرفع الكرات العرضية بطريقة متقنة على رأس المهاجمين؟
لقد نجحت خطة غوارديولا التي تعتمد على الاستحواذ على الكرة بشكل دائم مع مانشستر سيتي بفضل استغلاله الأمثل لقدرات ظهيري الجنب وتقدمهما للأمام لزيادة عدد لاعبي الفريق في خط الوسط من أجل السيطرة على منطقة المناورات والضغط على الفريق المنافس سواء في حال الاستحواذ على الكرة أو حتى خلال فقدانها. ومن المؤكد أن مانشستر سيتي لم يكن ليظهر بالقوة نفسها التي كان عليها من دون لاعب مميز مثل كايل ووكر أو فابيان ديلف والتزامهما الخططي وقدراتهما المميزة. وإذا لم يكن غوارديولا يعرف جيدا قيمة هذا المركز، لما اعتمد على الطريقة التي يلعب بها وينفق أموالا طائلة على التعاقد مع ظهراء للجنب، ويطلب منهم القيام بهذه المهام الخططية مع ضرورة أن يلعبوا بقوة بدنية هائلة ويمتلكوا قدرات فنية مميزة في الوقت نفسه.
إن أفضل بناء للهجمة بالنسبة لي هو ذلك الذي حدث في الهدف الرائع الذي سجله النجم البرازيلي كارلوس ألبرتو في مرمى إيطاليا في المباراة النهائية لكأس العالم عام 1970 في المكسيك، والذي اعتمد في المقام الأول أيضا على اللعب على أطراف الملعب. وقد رأينا الدور نفسه يقوم به لاعبون عظماء بعد ذلك مثل روبرتو كارلوس وكافو، اللذين كانت لديهما القدرة على اللعب بطول الملعب وتقديم الدعم اللازم في الناحية الهجومية بالشكل الذي مكن البرازيل من الفوز بلقب كأس العالم عام 2002.
إن عدم اهتمامنا بمركز الظهير في المنتخب الإنجليزي قد جعلنا نتأخر لسنوات بالمقارنة بمنافسينا، لكني أعتقد أننا سنلحق بهم قريبا، وهذا هو السبب الذي يجعلني أعتقد أن مانشستر سيتي لن يكون النادي الوحيد الذي ينفق 50 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع ظهير في المستقبل.
نجاح مانشستر سيتي يعكس اعتماد غوارديولا على ظهيري الجنب
إنفاق 50 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع مدافع يبدو هائلاً لكنه يؤكد أهمية هذا المركز في كرة القدم الحديثة
نجاح مانشستر سيتي يعكس اعتماد غوارديولا على ظهيري الجنب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة