بدء تهجير معارضين من جنوب دمشق... والنظام يعزل مخيم اليرموك

اتفاق تسوية في ريف حمص

طفلان يحملان حقيبة سفر استعدادا لمغادرة يلدا إلى الشمال السوري أمس (أ.ف.ب)
طفلان يحملان حقيبة سفر استعدادا لمغادرة يلدا إلى الشمال السوري أمس (أ.ف.ب)
TT

بدء تهجير معارضين من جنوب دمشق... والنظام يعزل مخيم اليرموك

طفلان يحملان حقيبة سفر استعدادا لمغادرة يلدا إلى الشمال السوري أمس (أ.ف.ب)
طفلان يحملان حقيبة سفر استعدادا لمغادرة يلدا إلى الشمال السوري أمس (أ.ف.ب)

استعد مئات المقاتلين المعارضين والمدنيين مع عائلاتهم صباح أمس لتنفيذ اتفاق إجلاء من 3 بلدات جنوب دمشق في إطار سعي الحكومة السورية لتأمين العاصمة ومحيطها بالكامل، في وقت عزلت فيه قوات النظام مخيم اليرموك جنوب دمشق، بالتزامن مع قبول فصائل معارضة اتفاق تسوية في ريف حمص.
يأتي ذلك بعد يومين على تنفيذ اتفاق إجلاء مقاتلي «هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)» من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، وبعد اتفاقات مماثلة خرج بموجبها مئات المقاتلين من بلدات شرق العاصمة.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن دخول عدد من الحافلات إلى بلدات ببيلا ويلدا وبيت سحم للبدء بإخراج مسلحين وعائلاتهم إلى الشمال السوري.
وتحاذي البلدات الثلاث أحياء في جنوب العاصمة تدور فيها معارك ضد تنظيم «داعش». وتوقعت وكالة «سانا» أمس خروج نحو 5 آلاف من المسلحين وعائلاتهم (...) تنفيذاً للاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الأحد الماضي بين الحكومة السورية والمجموعات المسلحة.
وجرى التوصل إلى الاتفاق، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إثر مفاوضات «بين وجهاء من البلدات الثلاث من جهة؛ والروس والنظام من جهة ثانية».
ويقضي الاتفاق بخروج الراغبين من المقاتلين وأفراد عائلاتهم وتسوية أوضاع من اختار البقاء.
وكانت تلك البلدات الثلاث تُعد مناطق «مصالحة»، وهي التسمية التي تطلقها الحكومة على مناطق توصلت فيها خلال السنوات الماضية إلى اتفاقات مع الفصائل تقضي ببقاء المقاتلين المعارضين مع توقف الأعمال القتالية، مقابل السماح بدخول المساعدات والبضائع.
لكن إثر سيطرته الشهر الماضي على الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات معقل الفصائل المعارضة الأبرز قرب دمشق، يسعى الجيش السوري حالياً إلى استعادة كامل العاصمة ومحيطها عبر اتفاقات إجلاء أو عمليات عسكرية.
وفي بداية الشهر الحالي، خرج أكثر من مائة مقاتل من «هيئة تحرير الشام» مع أفراد من عائلاتهم من جيب صغير كانوا يسيطرون عليه في مخيم اليرموك، مقابل خروج عدد محدود من الحالات الإنسانية من بلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما «الهيئة» في محافظة إدلب (شمالي غرب).
وتحدثت «هيئة تحرير الشام» في بيان أول من أمس عن «إتمام الاتفاق» مع وصول 141 من مقاتليها إلى الشمال السوري. وكانت «سانا» أفادت بأن الاتفاق قضى بخروج نحو 5 آلاف شخص من الفوعة وكفريا، لكن «هيئة تحرير الشام» أعلنت خروج 18 جريحاً مع مرافقيهم، مشيرة إلى أن آخرين رفضوا الخروج «بشكل جزئي».
وتزامن تنفيذ الاتفاق مع مواصلة قوات النظام عملياتها ضد تنظيم «داعش» الذي يسيطر على الجزء الأكبر من مخيم اليرموك وأجزاء من أحياء أخرى محاذية له في جنوب دمشق.
واستعاد الجيش النظامي الشهر الماضي منطقة القلمون الشرقي قرب دمشق بعد إجلاء مقاتلين معارضين من بلدات عدة.
وأعلنت قوات النظام عزل حي الحجر الأسود عن مخيم اليرموك جنوب العاصمة دمشق بعد معارك عنيفة مع «داعش». وقال مصدر عسكري سوري لوكالة الأنباء الألمانية أمس: «استطاعت وحدات من الجيش والقوات الرديفة فصل مخيم اليرموك عن الحجر الأسود، وبذلك قطع الاتصال بين مسلحي داعش الذين يسيطرون على أجزاء من مخيم اليرموك والحجر الأسود، وبدأ فصل الحجر الأسود عن المخيم بعد سيطرت قواتنا على جامع (منيف العائدي) ومدرسة (مثقال حسن بركة)».
ولفت المصدر إلى أن وحدات من الجيش نجحت في التقدم من الجهة الغربية والسيطرة على عدد من الكتل السكنية في القسم الغربي للمنطقة، وبسطت سيطرتها على جامع «بلال الحبشي» لتعمل القوات على التقدم من المحورين والالتقاء معاً عند دوار الحجر الأسود.
وأكد المصدر أن السيطرة على حي الحجر الأسود أصبحت مسألة وقت، وأن مسلحي «داعش» في الحجر الأسود «يستخدمون الأنفاق في التنقلات، ولكن تلك الأنفاق لن تقف عائقا أمام تقدم الجيش».
ودخلت العملية العسكرية التي بدأها الجيش في أحياء جنوب دمشق يومها الـ15؛ حيث سيطر على أجزاء واسعة من حيي التضامن والزين، ودفع مسلحي «جبهة النصرة» إلى التوجه نحو محافظة إدلب.
إلى ذلك، قال مسؤول في المعارضة السورية المسلحة إن المسلحين قبلوا اتفاقا مع الحكومة للخروج من جيب قرب مدينة حمص، في الوقت الذي يجهز فيه الجيش السوري على آخر جيبين محاصرين للمعارضة في البلاد.
وقال المسؤول بالمعارضة في محافظة حمص إن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بوساطة روسية سيعيد حكم الدولة كما سيسلم المقاتلون أسلحتهم الثقيلة. وأضاف أن المسلحين والمدنيين الذين يرفضون عودة حكم الدولة سيتم نقلهم إلى مناطق خاضعة للمعارضة في الشمال قرب الحدود التركية بدءا من يوم السبت. ولم يصدر بعد تعليق من دمشق أو موسكو. وكانت الوكالة السورية للأنباء قالت في وقت متأخر الثلاثاء الماضي إنه جرى التوصل إلى اتفاق مبدئي بشروط مشابهة.
ويضم الجيب الخاضع لسيطرة المعارضة بلدات الحولة والرستن وتلبيسة وقرى حولها، ويقع على طريق سريع رئيسي بين مدينتي حمص وحماة. ووافق مسلحو المعارضة في الجيب الثاني الواقع جنوب دمشق فعليا على اتفاق للاستسلام رغم أنهم لم يغادروا المنطقة بعد.
وساعدت هجمات الجيش واتفاقات محلية مشابهة حكومة دمشق على استرداد السيطرة على مساحات من الأراضي بدعم روسي وإيراني.
إلى ذلك، أعلن رئيس المكتب السياسي في «جيش الإسلام» التابع للجيش السوري الحر محمد علوش استقالته من منصبه الخميس في بيان نشره بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
وتأتي استقالة علوش من منصبه بعد نحو شهر من خروج مسلحي «جيش الإسلام» من مدينة دوما، وتوجههم إلى منطقة جرابلس في ريف حلب الشرقي بعد اتفاق مع روسيا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.