انتشار فرنسي في منبج وتمدد أميركي إلى مناطق «درع الفرات»

مصادر تركية تتحدث عن اتفاق بين باريس وواشنطن للضغط على أنقرة

TT

انتشار فرنسي في منبج وتمدد أميركي إلى مناطق «درع الفرات»

أكدت تقارير صحافية تركية وجود قوات فرنسية إلى جانب القوات الأميركية في مدينة منبج، في ريف حلب شمال غربي سوريا، والخاضعة لسيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية التي ترغب تركيا في طردها إلى شرق الفرات.
ونشرت صحيفة «حرييت» التركية أمس، صورة تظهر وجود مدرعة فرنسية بجنودها تحمل العلم الفرنسي، تؤدي دورية مشتركة مع قوات أميركية وسط مدينة منبج. ونقلت الصحيفة عن مصادر سورية قولها إن عدد الجنود الفرنسيين الموجودين في منبج يبلغ 50 جنديا.
جاء ذلك بعد أيام من إعلان وكالة أنباء «الأناضول» التركية نقلا عن مصادر محلية في سوريا، السبت الماضي، وصول وحدات فرنسية خاصة، مساء الخميس الماضي إلى قاعدة أميركية في منطقة «رميلان» بمحافظة الحسكة السورية، التي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكري «وحدات حماية الشعب» الكردية.
ونفت المصادر علمها بنية القوات الفرنسية البقاء في القاعدة من عدمه، لافتة إلى ازدياد حركة دخول وخروج وحدات عسكرية فرنسية من العراق إلى سوريا، وإجراء الجنود الفرنسيين، بمركباتهم المدرعة، دوريات مشتركة مع الجنود الأميركيين، في مدن منبج والرقة وبعض مناطق دير الزور، رفقة مسلحي الوحدات الكردية. وأشارت الوكالة التركية إلى أن قادة الوحدات الكردية عقدوا اجتماعين مع الجنود الفرنسيين في مدينة منبج، وزودهم الفرنسيون بعد هذين الاجتماعين بأسلحة ومعدات عسكرية.
ولفتت إلى وجود أكثر من 70 عنصرا تابعا للقوات الفرنسية الخاصة في عدة مناطق شمال سوريا، تحت اسم التحالف الدولي لمكافحة تنظيم داعش، هي تلة مشتى النور جنوب مدينة عين العرب (كوباني)، وناحية صرين، وبلدة عين عيسى، وقرية خراب العاشق.
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استقبل في 29 مارس (آذار) الماضي، وفدا من حزب الاتحاد الديمقراطي ضمن تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وأصدر قصر الإليزيه بياناً، جاء فيه أنّ ماكرون «يرغب في إقامة حوار بين (قسد)، الذي يغلب على تشكيله وحدات حماية الشعب الكردية، وتركيا، بدعم من فرنسا والمجتمع الدولي».
وقال شرفان درويش، المتحدث باسم «مجلس منبج العسكري» التابع لـ«قسد»، في تصريحات الثلاثاء الماضي، إن الولايات المتحدة وفرنسا تؤسسان لقاعدة عسكرية جديدة في منبج، يتم تجهيزها على الخط الشمالي لمنبج، لتضاف إلى القواعد الموجودة من قبل غرب المدينة، فيما يتم تسيير دوريات برية وجوية لمراقبة وحماية المنطقة. وأضاف: «عززنا جبهاتنا واستعداداتنا، وزدنا التنسيق مع التحالف الدولي الذي أنشأ قاعدة جديدة له في منبج بهدف ضمان حمايتها».
وتحدثت تقارير مطلع أبريل (نيسان) الماضي عن بدء التحالف الدولي تشييد قاعدة عسكرية جديدة في منطقة «العون» الواقعة شمال مدينة منبج، لتكون موطئ قدم ثالث للتحالف الدولي للحرب على «داعش» بقيادة أميركا، في ريف حلب الشرقي، بالقرب من المنطقة الفاصلة بين «قسد» وفصائل «الجيش السوري الحر» الموالية لتركيا في منطقة «درع الفرات».
وذكرت وكالة «الأناضول» التركية أن القوات الأميركية، شرعت في توسيع نقطتي مراقبة، تقعان في محيط قرية الدادات، التابعة لمنبج، بغرض تحويلهما لقاعدتين عسكريتين. وأضافت أن النقطة الأولى تقع إلى الجنوب الشرقي من قرية الدادات، فيما تقع النقطة الثانية جنوب القرية ذاتها، حيث بدأت القوات الأميركية نقل كثير من مواد البناء والآليات الثقيلة إلى الموقع المذكور، بهدف البدء في بناء القاعدة.
وتبعد النقطة الأولى نحو 8 كيلومترات عن نهر الساجور، بالقرب من مناطق سيطرة قوات «درع الفرات»، فيما تقع النقطة الثانية قرب مزرعة النعيمية، التي تبعد نحو 4 كيلومترات عن المناطق نفسها.
وبذلك تكون قاعدة النعيمية، في حال تم بنائها، أقرب قاعدة أميركية من منطقة «درع الفرات».
وتمتلك الولايات المتحدة حاليا، ثلاث نقاط مراقبة في قرى توخار وحلونجي ودادات، في الشمال الغربي السوري. وتم تداول صور لمدرعات ترفع العلم الفرنسي برفقة مدرعات أميركية، أثناء تجولها في مناطق قريبة من مدينة الباب، في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وجاء ذلك بعد جولة استطلاعية قامت بها القوات الفرنسية في مدينة منبج، برفقة قوات أميركية. وأكدت مصادر من داخل مدينة منبج وجود قوات فرنسية في داخلها، وذلك بعد أيام قليلة من حديث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن التوصل إلى خريطة طريق بين بلاده والولايات المتحدة في سوريا، بموجبها ستنسحب الوحدات الكردية من منبج حتى لا تضطر تركيا للتدخل العسكري كما حدث في عفرين.
ومنذ يومين، أكد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس استمرار بلاده في التشاور مع تركيا بشأن مستقبل مدينة منبج في ريف محافظة حلب السورية، التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية.
ونقلت وسائل الإعلام التركية عن ماتيس قوله في مؤتمر صحافي عقده بمقر البنتاغون في واشنطن، ليل الاثنين – الثلاثاء، أن بلاده وتركيا تتباحثان حالياً حول الجهة التي ستشرف على إدارة شؤون المدينة المذكورة، في حال خروج القوات الأميركية الموجودة بها.
وتطالب تركيا الولايات المتحدة بإخراج عناصر وحدات حماية الشعب الكردية من منبج إلى شرق الفرات، بناء على تعهد أميركي سابق بإخراجهم منها، بعد تطهيرها من تنظيم داعش الإرهابي.
كما ترفض تركيا قيام فرنسا بتعزيز قواتها في مناطق بشمال سوريا، ومحاولة الوجود في منبج لملء الفراغ الذي سينجم عن انسحاب أميركي محتمل من هذه المناطق، وذلك بعد أن دفعت فرنسا بمزيد من جنودها إلى تلك المناطق عبر القواعد الأميركية المنتشرة فيها خلال الأيام الماضية.
ويرى مراقبون أن نشر فرنسا لقواتها في منبج يأتي ضمن المشاحنات الفرنسية التركية التي تجددت مؤخرا بشأن ما يجري في سوريا، وسعي فرنسا لإيجاد موطئ قدم لها في الشمال السوري. وقللوا في الوقت ذاته من تأثير هذا الوجود العسكري الفرنسي في حسم مستقبل مدينة منبج، معتبرين أن ذلك رهن بما تتوصل إليه أنقرة وواشنطن، كون فرنسا تعد طرفا ثانويا. لكن فريقا آخر يرى أن انتشار القوات الفرنسية في منبج وغيرها من المناطق الشمالية والشرقية في سوريا هو ترجمة لاتفاق أميركي - فرنسي غير معلن، يهدف إلى تهرب واشنطن من المطالبات المتكررة لتركيا بشأن منبج، وعرقلة أي محاولة تركية للتدخل العسكري، وإدخال فرنسا كطرف في التفاهمات حول منبج، التي سماها جاويش أوغلو بخريطة طريق.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، قد أكد مرارا أن تركيا لن تدخر جهدا في إنهاء سيطرة الوحدات الكردية على منبج، وإعادتها لسكانها الأصليين (العرب)، وحذر فرنسا من محاولة التدخل عسكريا في منبج، قائلا إنها «ستندم» إذا فكرت في ذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.