المغرب يقطع علاقاته مع إيران بسبب دعمها لجبهة البوليساريو

TT

المغرب يقطع علاقاته مع إيران بسبب دعمها لجبهة البوليساريو

أعلن المغرب، أمس قطع علاقاته الدبلوماسية مع إيران، بسبب دعم طهران لجبهة البوليساريو التي تسعى إلى انفصال الصحراء عن المغرب.
وقال وزير الخارجية المغربي بوريطة للصحافيين عقب عودته من طهران أمس، إن المغرب سيغلق سفارته في طهران وسيطرد السفير الإيراني في الرباط. وأضاف أن «إيران وحليفتها اللبنانية، جماعة حزب الله الشيعية، تدعمان جبهة البوليساريو بتدريب وتسليح مقاتليها».
وقال مصدر دبلوماسي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، إن بوريطة توجه أول من أمس إلى طهران، قادما من العاصمة الكونغولية برازافيل، والتقى نظيره الإيراني جواد ظريف؛ حيث أبلغه قرار الرباط قطع العلاقات الدبلوماسية مع طهران، وسحب سفير المغرب حسن حامي، الذي وصل أمس إلى الرباط رفقة الوزير بوريطة.
وأضاف المصدر ذاته أن بوريطة قدم لظريف المعلومات والدلائل على قيام سفارة إيران في الجزائر بدعم جبهة البوليساريو منذ أكثر من عامين، من خلال إيفاد عناصر من «حزب الله» اللبناني إلى مخيمات تندوف (جنوب غربي الجزائر) لتدريب عناصر جبهة البوليساريو في المجالات العسكرية والاستخبارية، إلى جانب تزويد الجبهة بأسلحة.
في غضون ذلك، اتهم وزير الخارجية المغربي «حزب الله» اللبناني بـ«التورط» في إرسال أسلحة إلى جبهة البوليساريو عن طريق «عنصر» في السفارة الإيرانية بالجزائر.
وأضاف بوريطة خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، أن هذا القرار يخص «العلاقات الثنائية» حصريا بين البلدين، ولا علاقة له بالتطورات في الشرق الأوسط. مبرزا أنه قام بزيارة إلى طهران لإبلاغ نظيره الإيراني جواد ظريف بقرار المملكة، مؤكدا مغادرته رفقة السفير المغربي هناك.
وقال بوريطة إنه سيستقبل القائم بالأعمال الإيراني في الرباط لاحقا لـ«مطالبته بمغادرة التراب المغربي». موضحا أن هذا القرار صدر «ردا على تورط إيران عن طريق (حزب الله) في تحالف مع جبهة البوليساريو، يستهدف أمن المغرب ومصالحه العليا منذ سنتين، وبناء على حجج دامغة».
وكشف المسؤول المغربي أن هذه العلاقة بدأت عام 2016، حين تشكلت لجنة لدعم الشعب الصحراوي في لبنان برعاية «حزب الله»، تبعتها «زيارة وفد عسكري من (حزب الله) إلى تندوف»، في إشارة إلى مخيمات جبهة البوليساريو في الجزائر.
وأوضح بوريطة أن «نقطة التحول كانت في 12 من مارس (آذار) 2017، حين اعتقل في مطار الدار البيضاء قاسم محمد تاج الدين، بناء على مذكرة اعتقال دولية صادرة عن الولايات المتحدة، تتهمه بتبييض الأموال والإرهاب، وهو أحد كبار مسؤولي مالية (حزب الله) في أفريقيا».
وتابع بوريطة موضحا: «لقد بدأ (حزب الله) يهدد بالثأر بسبب هذا الاعتقال، وأرسل أسلحة وأطرا عسكرية إلى تندوف لتدريب عناصر من جبهة البوليساريو على حرب العصابات، وتكوين فرق كوماندوز وتحضير عمليات عدائية ضد المغرب». مؤكدا إرسال صواريخ «سام 9» و«سام 11» أخيرا إلى جبهة البوليساريو، و«لدينا أدلة ومعطيات وتواريخ تظهر تورط عنصر واحد على الأقل بالسفارة الإيرانية في الجزائر في تنظيم كل هذه العمليات على مدى عامين على الأقل».
وكان المغرب قد أعاد علاقته بطهران عام 2014، بعدما قطعها في مارس 2009، ردا على موقف إيران المناوئ لوحدة تراب البحرين، والمعاملة السيئة للخارجية الإيرانية للقائم بالأعمال المغربي في طهران، لدى استدعائه للاستفسار حول موقف المغرب من «تدخل إيران في الشؤون الداخلية للبحرين».
يذكر أن المغرب وإيران عاشا مرحلة القطيعة بعد قيام الثورة في طهران وسقوط نظام الشاه، حيث منحت الرباط حق اللجوء السياسي للإمبراطور المخلوع محمد رضا بهلوي، كما وقف المغرب إلى جانب بغداد إبان الحرب العراقية - الإيرانية. ولم تفتح السفارة الإيرانية في الرباط ونظيرتها المغربية في طهران، أبوابهما إلا سنة 1991، وهي السنة التي عرفت فيها العلاقة بين البلدين انفتاحا سياسيا عقب حركة دبلوماسية مكثفة جرت بين مغرب الحسن الثاني، وإيران «آية الله»؛ لكن ثمة مسألة ظلت عالقة بين البلدين، وهي موضوع اعتراف إيران بـ«الجمهورية الصحراوية»، التي أعلنتها جبهة البوليساريو عام 1976 من جانب واحد، وبدعم من الجزائر.
وكان عبد الرحمن اليوسفي قد زار طهران زيارة رسمية عام 2002، وأبلغ آنذاك رسميا أن إيران ستغلق مكتب ممثلية جبهة البوليساريو في طهران، بيد أن «الجمهورية الإسلامية» لم تسحب أو تجمد اعترافها بـ«الجمهورية الصحراوية». وقايضت إيران سحب الاعتراف بـ«جمهورية البوليساريو» بإعلان المغرب موقفا مساندا لها بشأن قضية الجزر الإماراتية. وأبلغت الرباط طهران بأنه لا يمكن وضع نزاع الصحراء ومسألة الجزر في كفة واحدة، ففي نزاع الصحراء يتعلق الأمر بمسألة الاعتراف بـ«دولة جديدة» تقتطع من التراب المغربي، بينما موضوع الجزر نزاع على السيادة ولا يتعلق بقيام دولة جديدة فيها. وراهنت الرباط وطهران على الزمن للتخلص من هذا الموضوع العالق في خصر علاقتهما، التي شابها دائما طابع الحيطة والحذر منذ سقوط نظام الشاه. وزادت الشكوك في علاقات البلدين حينما أعلنت الرباط منتصف فبراير (شباط) 2008 عن تفكيك شبكة وصفتها بـ«الإرهابية»، وهي شبكة عرفت فيما بعد باسم «شبكة بلعيرج»، نسبة إلى اسم مهاجر مغربي يعيش في بلجيكا، اتهم بإدخال أسلحة إلى المغرب وتجنيد أشخاص من داخل المغرب وخارجه. هذه الشبكة أيضا تم ربطها بشبكات سبقتها.
وقبل الكشف عن «شبكة بلعيرج»، التي وصفها محللون بأنها ذات ميول شيعية، كان المغاربة على موعد مع الكشف عن شبكة أخرى هي شبكة «أنصار المهدي»، التي يحيل اسمها أيضا إلى إمكانية وجود ميول شيعية لدى أعضائها، حتى وإن كانت طبيعتها لا تشي بميل نحو التشيع، إن لم يكن العكس تماما.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.