بن دغر يشدّد على تثبيت الأمن في المناطق المحرّرة

TT

بن دغر يشدّد على تثبيت الأمن في المناطق المحرّرة

على وقْع التحركات الميدانية المكثفة للحكومة اليمنية لإعادة تطبيع الأوضاع في المناطق المحرّرة وتحسين الخدمات وتثبيت الأمن وإعادة بناء المؤسسات، حذّر رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، أمس، من دعوات التمزق والاختلاف، داعياً إلى رفضها وتوحيد الصف بين قوى المجتمع والالتفاف حول الشرعية.
وجاء تأكيد الحكومة الشرعية لـ«وحدة الصف» بعد أكثر من أسبوعين من التحرك الميداني المكثف الذي تزعّمه رئيسها بن دغر لجهة تفقد الأوضاع وترسيخ سلطات الحكومة وتلمس احتياجات المجتمعات المحلية في محافظات عدن وحضرموت وأبين وسقطرة، وبموازاة مع التحرك الأمني والتنموي الذي تقوده السلطات المحلية في تعز ولحج وشبوة ومأرب.
وعقد رئيس مجلس الوزراء اليمني، أمس، اجتماعاً موسعاً مع قيادات وأعيان محافظة أرخبيل سقطرى، التي كان وصلها قبل 3 أيام في سياق الجهد الميداني للحكومة، والمساعي الرامية إلى رفع وتيرة أداء العمل التنموي وقطع الطريق أمام استمرار الانتقادات الموجهة إلى طريقة أداء الشرعية في المناطق المحررة. وأكد بن دغر خلال كلمة له في الاجتماع «ضرورة وحدة الصف والالتفاف حول الشرعية والقيادة السياسية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي»، إلى جانب تشديده على «الدفاع عن القيم الوطنية والثوابت السامية ورفض كل دعوات التمزق والاختلاف».
ودعا رئيس الحكومة اليمنية قادة المجتمع المحلي في أرخبيل سقطرى إلى العمل من أجل «تماسك النسيج الاجتماعي في مدن وجزر الأرخبيل كافة، وعدم السماح لكل من تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار الأرخبيل». وأشاد بن دغر، طبقاً لما نقلته عنه المصادر الرسمية «بجهود وأدوار دول تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية وبمشاركة فاعلة من دولة الإمارات العربية المتحدة، الذين هبوا لنجدة اليمن من التدخل الإيراني عبر الانقلاب الحوثي على الدولة، وفرضهم حرباً عبثية طال دمارها الكثير من المحافظات اليمنية».
وناقش اللقاء الحكومي الذي حضره عدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية «عدداً من القضايا المتصلة بالأوضاع الخدمية والبحث في إمكانية تحسينها والبت في وضع الحلول للمعوقات أمام تنفيذ المشاريع التي تتطلب سرعة تنفيذ لاستمرار النهوض بالمحافظة، وبحث تدشين مشاريع خدمية جديدة خلال الأيام المقبلة». وأفادت وكالة «سبأ» بأن رئيس الوزراء بن دغر «أكد أن الحكومة ماضية في تنفيذ كل المشاريع التي قد بدأت فيها في مدينة حديبو وكل جزر الأرخبيل، انطلاقاً من توجيهات الرئيس هادي، كما أعلن عن اعتماد مشاريع الإنارة والرصف ورفع ميزانية المحافظة ودعم الاحتياجات الطارئة بشكل عاجل لكل المشاريع الملحة بالأرخبيل».
وفي العاصمة المؤقتة عدن، استمرت أمس، الجهود الرسمية من أجل تثبيت الأمن وإزالة العشوائيات التي انتهكت أملاك الدولة وعقاراتها في مناطق كثيرة من المدينة المحررة، في حين ناقش نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية أحمد الميسري، مع القائم بأعمال محافظ عدن أحمد سالمين، تنفيذ المرحلة الثانية من حملة إزالة العشوائيات التي تنفّذها وزارة الداخلية بالشراكة مع السلطات المحلية في المديريات. وأفادت وكالة «سبأ» بأن الوزير الميسري «شدّد على مضي الحملة حتى استكمال أهدافها، وأكد أن وزارة الداخلية وعبر أجهزتها الأمنية ستقف بحزم ضد كل الأعمال الخارجة عن النظام والقانون وفرض هيبة الدولة في عدن وشتى المحافظات المحررة».
وعلى وقع الانفراجة الأمنية الأخيرة التي أدت إلى نزع فتيل التوتر في الأحياء المحرّرة من مدينة تعز، بعد المواجهات التي كانت قد اندلعت بين القوات الحكومية ومسلحي بعض الفصائل المسيطرين على المباني والمقرات الأمنية، ناقش المحافظ أمين محمود، مع رئيس اللجنة الرئاسية اللواء الركن صالح قائد الزنداني نائب رئيس هيئة الأركان العامة، أمس، الإجراءات الخاصة بتثبيت الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة العامة في المدينة. وقال محافظ تعز: إن «المدينة تشهد تحولات مهمة تتمثل في استرجاع المؤسسات والمكاتب التنفيذية وبسط سلطة النظام والقانون في كل المناطق وذلك عبر أدوات الدولة المتمثلة بالجيش الوطني والأجهزة الأمنية»، مؤكداً أنه «سيتم إخلاء جميع المؤسسات على مراحل وفق معايير الأهمية والأولوية، وكذلك إخلاء كل الأماكن داخل المدينة، وإصلاح الأضرار الناجمة عن الحرب وتجهيزها للعمل بما يخدم المواطنين».
وكان اتفاق قد أُبرم قبل أيام بين الجانب الحكومي والمسلحين في الجهة الشرقية من المدينة، نجح في وقف المواجهات، وأدى إلى تسليم أكثر من 20 مقراً أمنياً ومبنى حكومياً ومنشأة إلى عهدة قوات الأمن النظامية في محافظة تعز، قبل أن تصل إلى المدينة لجنة رئاسية بقيادة نائب رئيس الأركان لتعزيز تنفيذ الاتفاق.
إلى ذلك، أكد المحافظ محمود، عزم السلطة المحلية «على تطبيع الأوضاع وبذل الجهود لتمكين الأجهزة الأمنية من أداء مهامها في خدمة المواطنين وحماية حقوقهم ومصالحهم العامة والخاصة بما يضمن عودة الحياة والأمن والاستقرار؛ في ظل التركيز على الهدف الرئيسي والمتمثل باستكمال تطهير المحافظة من ميليشيات الحوثي الانقلابية». من جانبه أشار نائب رئيس هيئة الأركان العامة صالح الزنداني إلى أن تطبيع الحياة العامة في تعز يعد مهمة أساسية وأولوية قصوى للسلطة المحلية وتحظى باهتمام كبير من الرئيس هادي، الذي يتابع بشكل مباشر التطورات والإجراءات الهادفة إلى تطبيع الأوضاع ودعم جهود السلطة المحلية لتثبيت الأمن والاستقرار وتوحيد كل الجهود لاستكمال عملية التحرير وتطهير ما تبقى من المناطق من سيطرة الميليشيات الحوثية. وكشف الزنداني عن أن قوات الجيش الوطني تمكنت خلال عملياتها المتواصلة من تحرير 8% من مناطق محافظة تعز من قبضة الحوثيين، وقال: «إن تطبيع الأوضاع في المدينة من شأنه أن يعزز من مسيرة الانتصارات وكذلك توحيد الجهود وعدم السماح بأي اختراقات لزرع الفرقة والاختلاف».
وأكد نائب رئيس الأركان اليمني أن محافظة تعز قدمت في سبيل الانعتاق من ميليشيات الحوثي، نحو آلاف قتيل وأكثر من 20 ألف جريح، مشيراً إلى وجود تنسيق متواصل بين الشرعية والتحالف الداعم لها لتوفير المتطلبات والإسناد الميداني والجوي لعمليات التحرير وإنجاز النصر في تعز.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.