المزارعون الإسرائيليون حول قطاع غزة يشكون من الحرائق الفلسطينية

يطالبون بتعويضات واليمين يستغل مواقفهم لتبرير قتل 44 فلسطينيا

شبان فلسطينيون يركضون تفاديا لقنابل الغاز التي تطلقها قوات الاحتلال خلال الاشتباكات على الحدود (إ.ب.أ)
شبان فلسطينيون يركضون تفاديا لقنابل الغاز التي تطلقها قوات الاحتلال خلال الاشتباكات على الحدود (إ.ب.أ)
TT

المزارعون الإسرائيليون حول قطاع غزة يشكون من الحرائق الفلسطينية

شبان فلسطينيون يركضون تفاديا لقنابل الغاز التي تطلقها قوات الاحتلال خلال الاشتباكات على الحدود (إ.ب.أ)
شبان فلسطينيون يركضون تفاديا لقنابل الغاز التي تطلقها قوات الاحتلال خلال الاشتباكات على الحدود (إ.ب.أ)

في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الإسرائيلي إطلاق الرصاص الحي ويقتل عشرات الفلسطينيين المشاركين في مسيرات العودة، خرج المزارعون اليهود القاطنون في بلدات تحيط بقطاع غزة، بحملة يظهرون فيها عجز الجيش عن معالجة مشاكلهم، ويشكون من الحرائق التي يسببها الشبان الفلسطينيون في مزارعهم والخسائر التي يكبدونها لهم من جراء ذلك.
ومع أن هؤلاء المزارعين ينتمون، بشكل عام، لقوى الوسط واليسار في الخريطة الحزبية الإسرائيلية، وحملتهم تستهدف بالأساس تحصيل تعويضات من الحكومة عن خسائرهم، إلا أن اليمين الحاكم يستغلها لتبرير القمع الدموي الذي يمارسه جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وكان الناطق العسكري الإسرائيلي قد نشر أشرطة فيديو لمئات الفلسطينيين أثناء محاولة اختراق السياج والدخول إلى إسرائيل، بالقرب من حاجز معبر كارني، لتبرير عمليات إطلاق النار عليهم، التي حصدت حتى صباح أمس الاثنين 44 فلسطينيا.
وفي صلب شكاوى المزارعين الإسرائيليين، إرسال طائرات ورقية محترقة منذ ثلاثة أسابيع، من جهة غزة إلى إسرائيل، تتسبب بأضرار زراعية ضخمة، إذ تمكنت من تدمير مئات الدونمات من الحقول والغابات. ويقوم سكان غزة بإطلاق الطائرات الورقية، بشكل رئيسي، في فترة ما بعد الظهيرة، عندما تهب الرياح من الغرب، وتسبب حرائق في المناطق الزراعية وفي أراضي دائرة أراضي إسرائيل ومنشآت الجيش، في حين يتعاون رجال الإطفاء، ودائرة أراضي إسرائيل مع المزارعين في المنطقة لإخماد الحرائق وتقليل الضرر.
وحسب تقرير من بلدات الجنوب، تم حتى الآن، حرق عشرات الدونمات من الأراضي، ولحقت أضرار بغابات قديمة من أشجار الكينا والصنوبر في غابات «بئيري» و«كيسوفيم»، كما تندلع الكثير من الحرائق في حقول المزارعين. ويقول المزارع أفنير يونا، من بلدة «ناحال عوز»: «وصلنا إلى وضع يحرقون فيه الأراضي ولا نعرف كيف نتعامل مع ذلك. نحن نعيش على الزراعة، وعندما يحترق مثل هذا الحقل، فهذا يسبب ضررا كبيرا. وتكلف زراعة كل دونم 700 شيكل (الدولار يساوي 3:58 شيكل) وفي هذا الحقل تم إحراق 80 دونماً».
ويضيف يونا: «هذا هو الأسبوع الخامس لـ«مسيرة العودة». ورغم الفشل في دفع الآلاف من سكان غزة إلى الأراضي الإسرائيلية، إلا أنهم تمكنوا من تعطيل حياة السكان على الجانب الآخر من الحدود. لدينا الكثير من الحقول المحاذية للسياج والجيش يمنعنا من دخولها، لكننا ما زلنا ندخل ونخوض المخاطر، ونحن نقف أمام المتظاهرين هناك. هذا مخيف جدا، لدينا حقول بطاطس مصابة بأمراض، ولا تستطيع الطائرة رشها بالأدوية لأنها قريبة من الحدود، هناك مواقع لحماس، وهم يجلسون فيها مع الأسلحة. هذا أمر مخيف».
وينظر مسؤول في «دائرة أراضي إسرائيل»، هو أفيغدور خالفا، مدير الزراعة في القرى الزراعية في النقب، بأسى إلى 300 دونم من القمح المحترق، ويشرح بأن الضرر يتجاوز الخسائر المالية: «كمزارع، أنت تشاهد ما زرعته، ورافقت كل مرحلة من مراحل نموه. أنتجت شيئا طوال الموسم، وتعتبره مثل طفلك. وها هو يحترق ويحرق قلبك».
ويشكو مزارعو في كيبوتس كيسوفيم، مما يعتبرونه «كارثة»، حيث تم حرق مستودع للقش ونحو 1000 طن من الحبوب، وتقدر الخسائر بنحو مليون شيكل على الأقل. سلطة المطافئ أعلنت أن الحريق نجم عن تفاعل كيميائي، لكن الكيبوتس يشك في ذلك. ويقول رؤوفين هاينك، مدير الحظائر في كيبوتس كيسوفيم، إن «الخوف هو من الأضرار والإصابات، ناهيك عن الضرر الذي يصيب السكان والأطفال».
ويشير التقرير إلى أن المزارعين في غلاف غزة بدأوا بحصد حقول القمح بعد أن فهموا بأنهم إذا لم يسارعوا إلى ذلك، فلن يتبقى لديهم ما يحصدونه، بعد أن تم إحراق مئات الدونمات. وتم، أيضا، إحراق أكثر من 200 دونم من الغابات ناهيك عن الأراضي المفتوحة. ووصل قسم من الطائرات الورقية إلى بلدات غلاف غزة. وقال المزارع رؤوبين نير: «لا نملك القدرة على مواجهة ذلك. في البداية دخلنا بأنفسنا لإخماد الحرائق، لكن الظاهرة اتسعت. مئات الدونمات من القمح احترقت هذا العام، وهذه خسارة كبيرة. لقد مررنا بتجارب كبيرة هنا في غلاف غزة، اجتزنا كل شيء، الصواريخ والأنفاق والعمليات العسكرية، لكن هذه الظاهرة لا يمكننا تحملها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».