في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الإسرائيلي إطلاق الرصاص الحي ويقتل عشرات الفلسطينيين المشاركين في مسيرات العودة، خرج المزارعون اليهود القاطنون في بلدات تحيط بقطاع غزة، بحملة يظهرون فيها عجز الجيش عن معالجة مشاكلهم، ويشكون من الحرائق التي يسببها الشبان الفلسطينيون في مزارعهم والخسائر التي يكبدونها لهم من جراء ذلك.
ومع أن هؤلاء المزارعين ينتمون، بشكل عام، لقوى الوسط واليسار في الخريطة الحزبية الإسرائيلية، وحملتهم تستهدف بالأساس تحصيل تعويضات من الحكومة عن خسائرهم، إلا أن اليمين الحاكم يستغلها لتبرير القمع الدموي الذي يمارسه جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وكان الناطق العسكري الإسرائيلي قد نشر أشرطة فيديو لمئات الفلسطينيين أثناء محاولة اختراق السياج والدخول إلى إسرائيل، بالقرب من حاجز معبر كارني، لتبرير عمليات إطلاق النار عليهم، التي حصدت حتى صباح أمس الاثنين 44 فلسطينيا.
وفي صلب شكاوى المزارعين الإسرائيليين، إرسال طائرات ورقية محترقة منذ ثلاثة أسابيع، من جهة غزة إلى إسرائيل، تتسبب بأضرار زراعية ضخمة، إذ تمكنت من تدمير مئات الدونمات من الحقول والغابات. ويقوم سكان غزة بإطلاق الطائرات الورقية، بشكل رئيسي، في فترة ما بعد الظهيرة، عندما تهب الرياح من الغرب، وتسبب حرائق في المناطق الزراعية وفي أراضي دائرة أراضي إسرائيل ومنشآت الجيش، في حين يتعاون رجال الإطفاء، ودائرة أراضي إسرائيل مع المزارعين في المنطقة لإخماد الحرائق وتقليل الضرر.
وحسب تقرير من بلدات الجنوب، تم حتى الآن، حرق عشرات الدونمات من الأراضي، ولحقت أضرار بغابات قديمة من أشجار الكينا والصنوبر في غابات «بئيري» و«كيسوفيم»، كما تندلع الكثير من الحرائق في حقول المزارعين. ويقول المزارع أفنير يونا، من بلدة «ناحال عوز»: «وصلنا إلى وضع يحرقون فيه الأراضي ولا نعرف كيف نتعامل مع ذلك. نحن نعيش على الزراعة، وعندما يحترق مثل هذا الحقل، فهذا يسبب ضررا كبيرا. وتكلف زراعة كل دونم 700 شيكل (الدولار يساوي 3:58 شيكل) وفي هذا الحقل تم إحراق 80 دونماً».
ويضيف يونا: «هذا هو الأسبوع الخامس لـ«مسيرة العودة». ورغم الفشل في دفع الآلاف من سكان غزة إلى الأراضي الإسرائيلية، إلا أنهم تمكنوا من تعطيل حياة السكان على الجانب الآخر من الحدود. لدينا الكثير من الحقول المحاذية للسياج والجيش يمنعنا من دخولها، لكننا ما زلنا ندخل ونخوض المخاطر، ونحن نقف أمام المتظاهرين هناك. هذا مخيف جدا، لدينا حقول بطاطس مصابة بأمراض، ولا تستطيع الطائرة رشها بالأدوية لأنها قريبة من الحدود، هناك مواقع لحماس، وهم يجلسون فيها مع الأسلحة. هذا أمر مخيف».
وينظر مسؤول في «دائرة أراضي إسرائيل»، هو أفيغدور خالفا، مدير الزراعة في القرى الزراعية في النقب، بأسى إلى 300 دونم من القمح المحترق، ويشرح بأن الضرر يتجاوز الخسائر المالية: «كمزارع، أنت تشاهد ما زرعته، ورافقت كل مرحلة من مراحل نموه. أنتجت شيئا طوال الموسم، وتعتبره مثل طفلك. وها هو يحترق ويحرق قلبك».
ويشكو مزارعو في كيبوتس كيسوفيم، مما يعتبرونه «كارثة»، حيث تم حرق مستودع للقش ونحو 1000 طن من الحبوب، وتقدر الخسائر بنحو مليون شيكل على الأقل. سلطة المطافئ أعلنت أن الحريق نجم عن تفاعل كيميائي، لكن الكيبوتس يشك في ذلك. ويقول رؤوفين هاينك، مدير الحظائر في كيبوتس كيسوفيم، إن «الخوف هو من الأضرار والإصابات، ناهيك عن الضرر الذي يصيب السكان والأطفال».
ويشير التقرير إلى أن المزارعين في غلاف غزة بدأوا بحصد حقول القمح بعد أن فهموا بأنهم إذا لم يسارعوا إلى ذلك، فلن يتبقى لديهم ما يحصدونه، بعد أن تم إحراق مئات الدونمات. وتم، أيضا، إحراق أكثر من 200 دونم من الغابات ناهيك عن الأراضي المفتوحة. ووصل قسم من الطائرات الورقية إلى بلدات غلاف غزة. وقال المزارع رؤوبين نير: «لا نملك القدرة على مواجهة ذلك. في البداية دخلنا بأنفسنا لإخماد الحرائق، لكن الظاهرة اتسعت. مئات الدونمات من القمح احترقت هذا العام، وهذه خسارة كبيرة. لقد مررنا بتجارب كبيرة هنا في غلاف غزة، اجتزنا كل شيء، الصواريخ والأنفاق والعمليات العسكرية، لكن هذه الظاهرة لا يمكننا تحملها».
المزارعون الإسرائيليون حول قطاع غزة يشكون من الحرائق الفلسطينية
يطالبون بتعويضات واليمين يستغل مواقفهم لتبرير قتل 44 فلسطينيا
المزارعون الإسرائيليون حول قطاع غزة يشكون من الحرائق الفلسطينية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة