الحريري مستمر في جولاته رغم «النصائح الأمنية»

مصدر أمني: زيارات رئيس الحكومة قرب الحدود تضاعف المسؤولية

الحريري خلال جولة انتخابية في الضنية شمال لبنان السبت الماضي (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال جولة انتخابية في الضنية شمال لبنان السبت الماضي (دالاتي ونهرا)
TT

الحريري مستمر في جولاته رغم «النصائح الأمنية»

الحريري خلال جولة انتخابية في الضنية شمال لبنان السبت الماضي (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال جولة انتخابية في الضنية شمال لبنان السبت الماضي (دالاتي ونهرا)

قالت مصادر قريبة من رئيس الحكومة سعد الحريري إنه تلقى «نصائح» من مراجع أمنية، تطالبه بالحدّ من جولاته الانتخابية على المناطق اللبنانية الواقعة على الأطراف، ويقول مقربون منه إن إدارة المعركة الانتخابية لا تخاض على شاشات التلفزيون، بل تقتضي النزول على الأرض والتفاعل مع الناس وتلمّس واقعهم، في وقت ترى فيه مصادر أمنية أنه «لا معلومات أكيدة عن تهديدات تطال رئيس الحكومة، لكننا نتخذ إجراءات مشددة وكأن الخطر قائم وداهم».
وعشية كلّ زيارة يقوم بها الحريري لأي منطقة، بدءاً من الجنوب اللبناني إلى البقاع وصولاً إلى الشمال التي كانت محطته الأخيرة نهاية الأسبوع الماضي، توضع الأجهزة الأمنية بجميع وحداتها في حال استنفار دائم، وتسبقها عمليات استطلاع وجمع معلومات تتولاها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي والأمن العام وكذلك جهاز أمن الدولة، لرصد أي تحركات مشبوهة في تلك المناطق. وأكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن جولات رئيس الحكومة على البلدات القريبة من الحدود، «تضاعف المسؤولية على الأجهزة الأمنية، التي تتخذ إجراءات مسبقة، وتشدد إجراءاتها قبل ساعات من حصول الزيارة للمنطقة»، وأوضح أن الوضع «يستلزم تعزيزات ورفع عدد العناصر التي تتولى مهمات الحماية والاستطلاع، بحيث تعمل على إفراغ الطرقات من السيارات، وتسيير دوريات راجلة وسيّارة، وتثبيت عناصر على الطرق والمفارق والمنعطفات، وتنظيم حركة السير وتمنع ازدحامها لتسهيل وصول المواكب».
ولم يخف المصدر وجود «مخاطر أمنية، خصوصاً في مواقع الاحتفالات ومحيطها»، لافتاً إلى أنه «لا معلومات عن تهديد أمني، لكننا نفترض وجود الخطر ونطبّق الإجراءات على هذه الأساس».
وإذا كان القلق ينتاب الأجهزة من أي ثغرة قد تطال أمن الحريري، فإن القلق يكون مضاعفاً لدى فريقه السياسي، حيث كشف منسّق تيار «المستقبل» في طرابلس وشمال لبنان النائب السابق مصطفى علوش، عن تلقي الحريري «نصائح الأسبوع الماضي وقبله، تحذّره من توسيع دائرة تحركاته في المناطق، بسبب وجود مخاطر أمنية».
وأعلن في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الحكومة «لا يستطيع خوض معركة الانتخابات من خلف الشاشات كما يفعل (أمين عام حزب الله) حسن نصر الله، لأن النزول بين الناس وسماع مطالبهم والتفاعل معهم أمر ضروري للغاية»، مشيراً إلى أن «الشيء الذي يعتمد عليه (المستقبل) هو محبة الحريري للناس وعلاقاته بهم وقدرته على استقطابهم، لأنه يتعاطى معهم بصدق».
وشدد علوش على أن «الخطر الأمني قائم في أي وقت، وإذا كانت نسبة الخطر 1 في المائة، فإنها تعادل الـ100 في المائة، لكن رغم ذلك من الضروري أن يكون بين جمهوره، لأن هناك شيئاً مرتبطاً بأسلوبه، حيث يرى فيه الناس صورة رفيق الحريري، وفي الوقت ذاته شخصية سعد الحريري الطبيعية».
وقال علوش: «لا شك أن الرئيس الحريري تخطّى كل الصعوبات السياسية والأمنية وحتى المالية، وأحدث فرقاً بين ما كان الوضع عليه قبل أشهر وبين وضعه الشعبي الآن»، مشدداً على أن «قضايا كبيرة وكثيرة مرتبطة بوجود الحريري في السلطة على الصعيدين الداخلي والخارجي».
وتتعدد مصادر الخطر التي قد تواجه الحريري ولكن بنسب متفاوتة، إذ استبعد الخبير الأمني والعسكري العميد المتقاعد خليل حلو، وجود تهديد للحريري «من قبل خصومه في قوى (8 آذار) الذين باتت مصلحتهم كبيرة ببقاء الحريري رئيساً للحكومة». ولفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «وجود نفوذ للنظام السوري في المناطق لحدودية مثل البقاع والشمال، وهذا يشكل تهديداً جزئياً، لأن نظام الأسد يدرك أن أي اعتداء على الحريري، سواء كان قاتلاً أو غير قاتل سيضرّ بحلفائه في لبنان.
وبرأي العميد حلو، فإن «الخطر الأمني الحقيقي يكمن في الخلايا الأمنية المتطرفة، التي عادت لتنشط فيها سوريا، ولها امتدادات داخلية، بدليل القبض بشكل شبه يومي على عناصر وكوادر لها في لبنان»، معتبراً أن «هكذا خلايا لا تقيم اعتباراً لشخصية بحجم رئيس حكومة لبنان حتى لو كانت سنيّة، وخطر هؤلاء لا يقتصر على الأطراف، إنما يمتد إلى قلب بيروت».
وإذا لفت خليل حلو إلى أن «الحماية الأمنية للحريري جيدة ولديها خبرة وتدريب عالٍ»، رأى أن «ما يزعج الفريق الأمني هو اختلاط الحريري مع الجماهير والاحتكاك بهم، وهذا ما يولّد صراعاً بين الشخصية السياسية التي تتوق إلى ملاقاة الناس، والفريق الأمني الذي يخشى تبعات ومخاطر هكذا أسلوب».
وتكثّف الأجهزة الأمنية جهودها لتدارك أي تطوّر سلبي محتمل، ويشدد المصدر الأمني اللبناني على أن «قيادة المنطقة التي يزورها رئيس الحكومة تأخذ علماً مسبقاً بالزيارة وبمكان الاحتفالات، وتستقدم خبراء متفجرات، ومكتب اقتفاء الأثر الذي يستخدم الكلاب البوليسية المدرّبة على كشف المتفجرات، وتعمل على مسح المكان قبل 4 أو 6 ساعات من وصول رئيس الحكومة»، مشيراً إلى أن «سرية أمن المنطقة تبقى ممسكة بالحلقة الضيقة والواسعة إلى حين وصول سرية الحرس الحكومي، التي تمسك بأمن الحلقة الضيقة، بينما يستمر الفريق الأمني الآخر بتولي مسؤولية الحلقة الواسعة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».